للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَالِ غَيْرِهَا الْمَرْجُوحِ إلَّا عَلَى بَحْثٍ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتِهِ لَا إذَا قَالَ بِعْتُك مِنْهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَعْضَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فَيَنْتَفِي التَّخْمِينُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُمَا لَوْ قَصَدَا بِمِنْ ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ أَوْ أَنَّهَا بَيَانٌ لِمَفْعُولٍ مَحْذُوفٍ صَحَّ وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى قَصْدِ ذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَا انْتَهَتْ فَتَأَمَّلْ كَيْف أَخَذُوا بِمَعْنَى مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِظُهُورِهِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى احْتِمَالِ كَوْنِهَا بَيَانِيَّةً أَوْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ إلَّا عَلَى ذَلِكَ الْبَحْثِ الْمُقَيَّد بِمَا إذَا أَرَادَ بِهَا أَحَدُ هَذَيْنِ بَلْ فِي هَذَا الْبَحْثِ الْمَأْخُوذِ مِنْ عِلَّتِهِمْ كَمَا عَلِمْته مِنْ الْعِبَارَةِ السَّابِقَةِ.

وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَادِمِ دَلَالَةً لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ الْإِرَادَة لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا صَحَّ مَعَ إرَادَةِ غَيْر التَّبْعِيضِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِر اللَّفْظِ فَأَوْلَى أَنْ يَصِحَّ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ إرَادَةِ التَّبْعِيضِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ مِنْ فَإِنْ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا قَدَّمْته هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ السَّاعَةِ عَنْ مَوْضُوعِهَا قُلْت لَا يَضُرُّنَا إرْخَاءُ الْعَنَانِ مَعَك وَإِنْ وَافَقْنَاك عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ لَكِنَّهُمَا إذَا نَوَيَا بِهِ مَعْنًى صَحِيحًا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَمَا عَلِمْته إنْ كَانَ لَك أَدْنَى فَهْمٍ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ السَّابِقَةِ عَلَى أَنَّ مَا عَلَّلْت بِهِ دَعْوَاك عَدَم التَّسْلِيمِ مِنْ أَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ السَّاعَةِ عَنْ ظَاهِرِهَا يُبْطِلُهُ أَنَّ لَفْظَ السَّاعَةِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَدْلُولَهُ الزَّمَانِيّ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ تَأْبَاهُ وَلَا تَحْتَمِلُهُ إذْ قَوْلُهُمَا جَمِيعُ الْحِصَّةِ السَّقِيَّة الَّتِي قَدْرُهَا سَاعَتَانِ مِنْ قَرَارِ عَيْنِ كَذَا لَا يَحْتَمِلُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالسَّاعَةِ هُنَا جُزْءٌ مِنْ الْمَاءِ أَوْ جُزْءٌ مِنْ الْقَرَارِ فَالسَّاعَةُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ فِي مَدْلُولِهَا الزَّمَانِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ وَإِذَا خَرَجَتْ عَنْ مَدْلُولِهَا إلَى مَدْلُولٍ آخَرَ وَجَبَ النَّظَرُ إلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْقَرَارِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَأَمَّا إرَادَةُ جُزْءٍ مِنْ الْمَاءِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ بَعْدَ مِنْ أَيْ الَّتِي قَدْرُهَا جُزْءَانِ مِنْ مَاءِ عَيْنِ كَذَا وَإِذَا دَار الْأَمْرُ بَيْنَ مَدْلُولِ لَفْظٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مَدْلُولِهِ بِتَقْدِيرٍ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرَهُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ وَكَانَ الثَّانِي خِلَافَ ظَاهِرِهِ فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْجُزْءَ مِنْ الْقَرَارِ هُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ فَإِذَا أَرَادَهُ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا عُلِمَ بِالْأُولَى مِمَّا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بَلْ عُلِمَ مِنْهُ كَمَا قَدَّمْته أَنَا وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ خِلَاف ظَاهِر اللَّفْظ وَنَوَيَاهُ صَحَّ الْبَيْع.

فَإِنْ قُلْت لَا نُسَلِّم أَنَّ السَّاعَة هُنَا مُسْتَعْمَلَة فِي غَيْر مَدْلُولهَا الزَّمَانِيّ لِأَنَّ الْحِصَّة السَّقِيَّة اسْم لِلْمَاءِ وَاَلَّتِي قَدْرهَا سَاعَتَانِ تَقْدِير لَهُ بِالزَّمَانِ وَهَذَا هُوَ مَلْحَظ الْقَائِلِينَ بِالْبُطْلَانِ قُلْت زَعَمَ أَنَّ الْحِصَّة السَّقِيَّة اسْم لِلْمَاءِ بَاطِل كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي الْخَاتِمَة فِي الرَّدّ عَلَى مِنْ زَعَمَ ذَلِكَ بَلْ سَيَأْتِي ثُمَّ إنَّ السَّقِيَّة فَعَيْلَة بِمَعْنَى فَاعِلَة أَيْ سَاقِيَة وَهِيَ اسْم لِلْمَحَلِّ لَا لِلْمَاءِ وَكَيْف يُتَوَهَّم مَعَ قَوْلهمَا السَّابِق فِي السُّؤَال بِمَا لِلْحِصَّةِ الْمَذْكُورَة مِنْ حَقٍّ مِنْ قَرَار الْعَيْن الْمَذْكُورَة وَمَقَرِّهَا وَمَمَرّهَا وَشُعُوبهَا وَذُيُولهَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا يَوْمئِذٍ مِنْ فَضْل اللَّه تَعَالَى.

فَقَوْلهمَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا صَرِيح فِي أَنَّ الْمُرَاد بِالْحِصَّةِ السَّقِيَّة جُزْءٌ مِنْ الْقَرَار إذْ لَوْ أُرِيد بِهَا جُزْءٌ مِنْ الْمَاء لَمْ يَصِحّ قَوْلهمَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا يَوْمئِذٍ وَإِذَا بَطَل أَنَّ الْمُرَاد بِالْحِصَّةِ السَّقِيَّة جُزْء مِنْ الْمَاء بَطَل أَنْ يُرَاد بِالسَّاعَتَيْنِ تَقْدِير الْمَاء بِزَمَنِ إذْ لَا مَاء مَذْكُور حِينَئِذٍ حَتَّى يُقَدَّرَ بِزَمَنٍ فَتَعَيَّنَ أَنَّ السَّاعَة هُنَا مُسْتَعْمَلَة فِي غَيْرِ مَدْلُولِهَا فَإِنْ قُلْت كَمَا أَنَّ قَوْلَهُمَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِصَّةِ جُزْءٌ مِنْ الْقَرَارِ كَذَلِكَ قَوْلُهُمَا مِنْ حَقّ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَمَقَرِّهَا وَمَمَرِّهَا وَشُعُوبِهَا وَذُيُولِهَا وَمَجَارِي مَائِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِصَّةِ جُزْءٌ مِنْ الْمَاءِ فَمَا الْمُرَجَّحُ قُلْت الْمُرَجَّحُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْجُزْءِ مِنْ الْمَاءِ وَقَوْلُهُمَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا صَرِيحٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْجُزْءِ مِنْ الْقَرَارِ فَقَدَّمْنَا الصَّرِيحَ عَلَى الْمُحْتَمَلِ وَوَجْه احْتِمَالِهِ أَنَّ قَوْلَهُمَا مِنْ حَقٍّ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأُولَى فِيهِ بَيَانًا لِمَا فِي بِمَا وَمِنْ الثَّانِيَةِ يُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ بَيَانًا لِحَقٍ أَيْ مِنْ حَقٍّ هُوَ الْقَرَارُ وَالْمَقَرُّ إلَخْ وَأَنْ تَكُونَ لِلِابْتِدَاءِ لِوُجُودِ شَرْطِهَا الْمُقَرَّرِ فِي الرِّضَى وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>