أَيْ مُبْتَدَأ مِنْ الْقَرَارِ وَأَنْ تَكُونَ تَبْعِيضِيَّةً أَيْ مِنْ بَعْضِ الْقَرَارِ وَالِاحْتِمَالَانِ الْأَوَّلَانِ يَقْتَضِيَانِ الْجُزْءَ مِنْ الْمَاءِ.
وَالثَّالِثُ يَقْتَضِي الْجُزْءَ مِنْ الْقَرَارِ فَكَانَ هَذَا اللَّفْظُ مُحْتَمَلًا وَكَانَ قَوْلُهُمَا وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي الْمَعْطُوفُ عَلَى مِنْ حَقٍّ لَا عَلَى مِنْ قَرَارٍ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِصَّةِ الْجُزْءُ مِنْ الْقَرَارِ فَأَخَذْنَا بِالصَّرِيحِ وَتَرَكْنَا الْمُحْتَمَلَ هَذَا إنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُمَا مِنْ حَقٍّ مِنْ قَرَارِ الْعَيْنِ إلَخْ كَمَا رَأَيْته فِي بَعْضِ الْأَسْئِلَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ الْعَيْنِ إلَخْ كَمَا رَأَيْته فِي سُؤَالٍ آخَرَ فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا قُلْنَاهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَقَرِّهَا وَمَمَرِّهَا إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَيْنِ أَيْ مِنْ حَقٍّ مِنْ حُقُوقٍ الْعَيْنِ وَحُقُوقِ مَقَرِّهَا إلَخْ وَانْظُرْ قَوْلَ الْمُوَثَّقِ وَمِنْ مَائِهَا الْجَارِي بِهَا يَوْمئِذٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى مَا مَرَّ قَبْلَهُ بَلْ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ حَقٍّ فَكَأَنَّهُ يُبَيِّنُ مَا لِلْحِصَّةِ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا حُقُوقُ الْعَيْنِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا.
وَالثَّانِي الْمَاءُ الْجَارِي بِهَا وَبِهَذَا يُتَّجَهُ أَتَمَّ اتِّجَاهٍ مَا قَرَّرْنَاهُ وَحَرَّرْنَاهُ وَمِنْهَا قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مَا حَاصِلُهُ لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ نَحْوِ أَرْضٍ مَجْهُولَةِ الذِّرَاعِ لَمْ يَصِحَّ نَعَمْ إنْ عَيَّنَا ابْتِدَاءَ الذِّرَاعِ مِنْ طَرَفٍ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَ (بِعْتُكَ) ذِرَاعًا مِنْ هُنَا فِي جَمِيعِ الْعَرْضِ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي فِي الطُّولِ أَوْ عَكْسِهِ صَحَّ وَمَتَى عَلِمَ ذَرْعَهَا وَأَرَادَا أَوْ أَحَدُهُمَا مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ لَمْ يُرِيدَا وَلَا أَحَدهمَا ذَلِكَ صَحَّ وَنَزَلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا صُدِّقَ الْمُعَيَّن أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعُ أَمْ الْمُشْتَرِي خِلَافًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِنِيَّتِهِ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ الذِّرَاعِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنَى الْإِشَاعَةِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ خُذْهُ قِرَاضًا بِالنِّصْفِ ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ أَرَدْت النِّصْفَ لِي أَيْ لِيَبْطُلَ الْعَقْدُ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ الْعَامِلِ حِينَئِذٍ وَادَّعَى الْعَامِلُ الْعَكْسَ لِيَصِحَّ إذْ مَا فَضُلَ عَنْهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَالِكُ عَلَى الْأَصْلِ فَإِنَّ الْعَامِلَ يُصَدَّقُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَالظَّاهِرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْمُعَيَّنِ لِمَا مَرَّ اهـ فَتَأَمَّلْ تَفْصِيلَهُمْ فِي الْمَعْلُومَةِ الذَّرِعَانِ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَا مُعَيَّنًا أَوْ لَا مَعَ قَوْلِهِمْ أَنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ الذِّرَاعِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَعْنَى الْإِشَاعَةِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ تَجِدُهُ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْإِرَادَةَ يُدَارُ عَلَيْهَا الْحُكْمُ صِحَّةً وَفَسَادًا سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَرَادَهُ مُوَافِقًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَوَلَا.
لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ يُحْتَمَلُ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ وَعَلِمْت أَنَّهُ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ اتَّضَحَ لَك مَا قُلْنَاهُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ أَنَّهُمَا إذَا أَرَادَا بِالسَّاعَةِ مِنْ الْقَرَارِ مَا قَدَّمْته صَحَّ الْبَيْعُ سَوَاءٌ أَجَعَلْنَا ذَلِكَ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَمْ جَعَلْنَاهُ مُحْتَمِلًا مِنْهُ وَلَوْ بِتَأْوِيلِ وَإِذَا قَامَ الْبُرْهَانُ عِنْدَك فِيمَا مَرَّ أَنَّ لِلَّفْظِ إشْعَارًا ظَاهِرًا بِذَلِكَ الْمُرَادِ فَلْيَصِحَّ الْبَيْعُ إذَا أَرَادَاهُ كَمَا نَطَقَ بِهِ كَلَامُهُمْ وَتَعْلِيلُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ السَّابِقَةِ.
فَإِنْ قُلْت قَضِيَّة قَوْلِهِمْ فَإِنْ اخْتَلَفَا صُدِّقَ الْمُعَيَّنُ إلَخْ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ وَارِثِيهِمَا أَوْ وَارِثَ أَحَدِهِمَا وَالْآخَر فِي مَسْأَلَتِنَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي إرَادَةِ الْجُزْءِ مِنْ الْقَرَارِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَرَدْنَاهُ وَقَالَ الْآخَرُ أَرَدْنَا جُزْءًا مِنْ الْمَاءِ صُدِّقَ الثَّانِي فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ قُلْت هُنَا تَحْقِيقٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ وَهُوَ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا الْبُطْلَانَ فِي مَسْأَلَتِهِمْ بِتَعْلِيلَيْنِ قَدَّمْنَاهُمَا فَعَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ يُصَدَّقُ مُدَّعِي إرَادَةِ الْمَاءِ حَتَّى يُبْطِلَ الْبَيْعَ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّهُ أَعْرِفُ بِنِيَّتِهِ وَعَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي يُصَدَّقُ مُدَّعِي إرَادَةِ الْجُزْءِ مِنْ الْقَرَارِ حَتَّى يَصِحَّ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ هَذَا إنْ جَعَلْنَا كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ تَعْلِيلًا مُسْتَقِلًّا.
وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ تَرْكِيبِ الْعِلَّةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنْ جَعَلْنَا الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةً مِنْهُمَا اقْتَضَى ذَلِكَ تَصْدِيقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَيْضًا فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ مُدَّعِي الْبُطْلَانِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ أَعْرَفَ بِنِيَّتِهِ لَكِنَّهُ مُدَّعٍ مَا لَيْسَ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ فَلَيْسَ كَمُدَّعِي الْبُطْلَانِ فِي مَسْأَلَتِهِمْ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَعْرَفُ بِنِيَّتِهِ وَدَعْوَاهُ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَدَعْوَى مُدَّعِي الصِّحَّةِ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِشَاعَةَ لَا تُفْهَمُ مِنْ مُطْلَقِ لَفْظِ الذِّرَاعِ إلَّا بِتَأْوِيلٍ وَأَمَّا مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَدَعْوَاهُ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ كَمَا عَلِمْته مِمَّا تَقَرَّرَ مَبْسُوطًا قَبْلُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدِّقَ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ عَنْهَا تِلْكَ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرُوهَا فَصُدِّقَ فِيهَا مُدَّعِي الْبُطْلَانِ لِلْمَعْنَى الْمُرَكَّبِ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ انْضَمَّ لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِنِيَّتِهِ أَنَّ دَعْوَاهُ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَدَعْوَى خَصْمِهِ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute