للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ كَالصَّحِيحَةِ وَأَمَّا الْمُوجَبُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ الَّذِي هُوَ إلْزَامُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَعَلَى فَرْضِ أَنَّا نُوَافِقُ الْبُلْقِينِيُّ فِي صُورَةِ الْوَكَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لَا شَاهِدَ فِيهِ لِمَا ذَكَرَهُ ذَلِكَ الْمُفْتِي فِي صُورَتِنَا بَلْ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا بِدْعٌ مِنْ الْقَوْلِ وَمَيْلٌ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ قَالَ الْوَلِيُّ عَنْ شَيْخِهِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَيْ وَهُوَ مَا الْحُكْمُ فِيهِ بِالْمُوجَبِ أَقْوَى كَحَنَفِيٍّ حَكَمَ بِمُوجَبِ تَدْبِيرِ بِمُوجَبِ شِرَاءِ دَارٍ لَهَا جَارٌ يَمْنَعُ الْحَنَفِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا أَوْ بِمُوجَبِ إجَارَةٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْحَنَفِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِإِبْطَالِهَا بِالْمَوْتِ لِأَنَّ مِنْ مُوجَبِهَا الدَّوَامَ وَالِاسْتِمْرَارَ لِلْوَرَثَةِ بِخِلَافِ حُكْمِهِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ هَذِهِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ مَمْنُوعَةٌ وَفَارَقَتْ الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهَا بِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا بِالْمُوجَبِ وَقَعَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَنَفَذَ لِأَنَّهُ مَنَعَ الْمُدَبَّرَ وَالْجَارِيَةَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ وَجَّهَهُ إلَيْهِمَا صَرِيحًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِمُوجَبِ الْإِجَارَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ إلَى عَدَمِ الِانْفِسَاخِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ وَقْتُهُ وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُهُ وَلَوْ وَجَّهَ حُكْمَهُ إلَيْهِ فَقَالَ حَكَمْتُ بِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا إذَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ لَغْوًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْحُكْمِ بِتَعْلِيقِ طَلَاقِ أَجْنَبِيَّةٍ إذْ هُمَا مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ اهـ وَالصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ سَبَقَتَا فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالثَّالِثَةُ الَّتِي زَادَهَا هِيَ الَّتِي تَوَجَّهَ عَلَيْهَا

اعْتِرَاضُ

تِلْمِيذِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِيهَا بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا تَوَجَّهَ إلَى الِانْفِسَاخِ ضِمْنًا وَلَا صَرِيحًا وَإِنَّمَا تَوَجَّهَ إلَى بَقَاءِ الْعَقْدِ وَاسْتِمْرَارِهِ وَهَذَا قَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ فَتَنَاوَلَهُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ وَبِهِ فَارَقَتْ مَسْأَلَةَ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ حَالَ حُكْمِهِ ثُمَّ بِالْمُوجَبِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَيْءٌ حَتَّى يَنْصَبَّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَتْبِعَ مَنْعَ التَّزْوِيجِ.

وَهُنَا الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ تَوَجَّهَ إلَى مَوْجُودٍ حَالَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْبَقَاءُ وَالِاسْتِمْرَارُ فَصَحَّ الْحُكْمُ فِيهِ وَمِنْ لَازِمِهِ امْتِنَاعُ الْحَنَفِيِّ مِنْ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ لِأَنَّهُ يُنَافِي حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِالْبَقَاءِ وَالِاسْتِمْرَارِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ يَزُولُ بِهِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْوَلِيُّ عَلَى شَيْخِهِ قَالَ الْوَلِيُّ وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ أَنَّ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ نُوزِعَ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ تَتَرَتَّبْ الْآثَارُ إلَّا بَعْدَهَا كَانَ الْحُكْمُ بِهَا رَافِعًا لِلْخِلَافِ مُسَاوِيًا لِلْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَوْ فِي الْآثَارِ وَاللَّوَازِمِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ بِالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ لَا بِالصِّحَّةِ فَيَكُونُ الْمُوجَبُ أَقْوَى فَإِنْ تَرَتَّبَتْ مَعَ فَسَادِهِ كَانَ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ أَقْوَى قُلْتُ مَحَلُّ ارْتِفَاعِ الْخِلَافِ فِي الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ وَوُجُودِ سَبَبِهِ وَمَرَّتْ أَمْثِلَةُ ذَلِكَ مُوَضَّحَةً وَبَقِيَ مِثَالٌ فِيهِ تَوَقُّفٌ وَهُوَ مَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَفْسِهِ التَّغْيِيرَ وَحَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِهِ ثُمَّ غَيَّرَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الشَّافِعِيِّ حِينَئِذٍ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ التَّغَيُّرِ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ إذْنٍ شَرْعِيٍّ لَهُ فِيهِ وَأَنْ لَا يَمْتَنِعَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إذْنِ الْحَنَفِيِّ لَهُ فِيهِ وُقُوعُهُ فَقَدْ لَا يَقَعُ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ إذْ لَوْ وُجِّهَ حُكْمُهُ إلَيْهِ فَقَالَ حَكَمْتُ بِمُوجَبِ التَّغْيِيرِ أَوْ صِحَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى الشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ عَلَى الشَّيْءِ قَبْلَ وُقُوعِهِ اهـ.

وَلَمْ يُرَجِّحْ مِنْ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ شَيْئًا وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ بِذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ وَقْتِهِ بَلْ وَقَعَ فِي وَقْتِهِ لِأَنَّهُ تَضَمَّنَ الْإِذْنَ لِلْوَاقِفِ فِي التَّغْيِيرِ فَالْإِذْنُ وَقَعَ لَهُ فِي وَقْتِهِ فَلَوْ جَازَ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِبُطْلَانِ تَغْيِيرِهِ لَكَانَ فِيهِ رَفْعٌ لِحُكْمِ الْحَنَفِيِّ الصَّحِيحِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَتَأَمَّلْ هَذَا الضَّابِطَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ فَاسْتَوْلَى الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَالْمُوجَبِ إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ الصِّحَّةَ تَجِدُهُ صَرِيحًا فِي رَدِّ مَا مَرَّ عَنْ الْمُفْتِي وَمِمَّا يُبْطِلُهُ وَيُسَفِّهُهُ قَوْلُ الْوَلِيِّ أَيْضًا وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ مُتَوَجِّهٌ إلَى نَفْسِ الْعَقْدِ صَرِيحًا وَإِلَى آثَارِهِ تَضَمُّنًا وَأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ مُتَوَجِّهٌ إلَى آثَارِهِ صَرِيحًا وَإِلَى نَفْسِ الْعَقْدِ تَضَمُّنًا فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ إلَّا عَلَى مَا بَحَثَهُ مِنْ تَوْجِيهِ الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ إلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ وَجَمِيعِ آثَارِهِ صَرِيحًا فَإِنَّ الصِّحَّةَ مِنْ مُوجَبِهِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ حِينَئِذٍ أَقْوَى مُطْلَقًا لِسَعَتِهِ وَتَنَاوُلِهِ الصِّحَّةَ وَآثَارَهَا ثُمَّ وَجَدْتُ بَعْضَهُمْ قَالَ لَيْسَ الْمُوجَبُ وَالْمُقْتَضَى وَاحِدًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>