للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالصَّلَاةِ فِيمَا لَوْ نَوَى بِالْأَدَاءِ الْقَضَاءَ الشَّرْعِيَّ أَوْ عَكْسَهُ عَالِمًا عَامِدًا فَيَبْطُلُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ اتِّصَافَهُ بِذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلِأَنَّهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِلصَّلَاةِ لَا الْقَصْدِ وَمِنْهَا: أَنَّ مَاءَ الْغُسْلِ بِالْجِمَاعِ إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ إذْ هُوَ سَبَبُهُ أَوْ بِالثَّانِي فَلَا، ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ.

وَكَانَ وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْمُوجِبَ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ لَكِنَّهُ مَمْنُوعٌ إذْ الْقَائِلُ بِالثَّانِي لَا يَقْطَعُ النَّظَرَ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ هُوَ الْمُوجِبُ حَقِيقَةً، وَإِنْ تَوَقَّفَ إيجَابُهُ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَمِنْهَا إذَا صَبَّ الْمَاءَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، ثُمَّ تَيَمَّمَ فَعَلَى كَوْنِ الْمُوجِبِ دُخُولَ الْوَقْتِ يُعِيدُ، وَعَلَى كَوْنِهِ الْقَيَّامَ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا، كَذَا فِي الْخَادِمِ.

قِيلَ وَهُوَ وَهْمٌ مُنْشَؤُهُ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا صَبَّهُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ، وَإِنْ أَثِمَ، وَاخْتِلَافُ مَأْخَذِ عَدَمِ الْقَضَاءِ فِي ذَلِكَ لَا يَضُرُّ، وَمُرَادُهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ الْوَجْهُ الثَّانِي، فَلَا وَهْمَ لَكِنْ قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقَضَاءُ قَالَ فِي الْخَادِمِ: (وَلَمْ نَرَهُ وَمِنْهَا إذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَأَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُثَابُ عَلَى مَا مَضَى ثَوَابَ الْوَاجِبِ وَعَلَى خِلَافِهِ ثَوَابَ نَفْلٍ) وَمِنْهَا: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: قَدْ يُقَالُ مِنْ فَوَائِدِهِ مَا لَوْ شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ أَرَادَ قَطْعَهُ بِاللَّمْسِ مَثَلًا، وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ أَمَّا قَطْعُهُ بِمَا لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِهَا. اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ فِي اللَّمْسِ غَرَضٌ صَحِيحٌ فَيُسَاوِي غَيْرَهُ، وَبِجَوَازِ الْحَدَثِ بَعْدَهُ وَلَوْ بِلَا غَرَضٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ حَتَّى يَجْرِيَ مَجْرَى غَيْرِهِ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ، وَابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَخَطَأٌ إذْ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوُضُوءِ سُنَّةٌ وَالْخُرُوجُ مِنْهُ جَائِزٌ قَطْعًا كَالْخُرُوجِ مِنْ النَّافِلَةِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُهُ بِلَا غَرَضٍ حَتَّى عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَمِنْهَا أَدْرَكَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرَ الْفَرْضِ، ثُمَّ طَرَأَ نَحْوُ جُنُونٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُعْتَبَرُ مُضِيُّ قَدْرِ الطَّهَارَةِ لِسَبْقِ مُوجِبِهَا وَعَلَى الْآخَرَيْنِ يُعْتَبَرُ، ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ قَدْرِهَا.

وَإِنْ كَانَتْ طَهَارَةَ رَفَاهِيَةٍ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ سُنَّةٌ قَبْلَ الْوَقْتِ فَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ يُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَةِ: أَنَّ الْوَاجِبَ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ، وَمِنْهَا: التَّعْلِيقُ كَإِنْ وَجَبَ عَلَيْكِ وُضُوءٌ أَوْ غُسْلٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَقَعُ بِالْحَدَثِ وَهَذِهِ أَصَحُّ الْفَوَائِدِ لِمَا عَلِمْته، وَلِأَنَّهَا تَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي الْحَيْضِ أَيْضًا هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمُوجِبِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَفَائِدَةِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَمُوجِبُهُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّمِ كَخُرُوجِ الْبَوْلِ فِي الْوُضُوءِ وَقِيلَ: انْقِطَاعُهُ لِحَدِيثِ «وَإِذَا أَدْبَرَتْ، أَيْ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي» وَقِيلَ: الْخُرُوجُ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ كَمَا يُوجِبُ الْوَطْءُ الْعِدَّةَ عِنْدَ الطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحُ الْإِرْثَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَلِعَدَمِ صِحَّةِ الْغُسْلِ قَبْلَهُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا يَأْتِي فِي الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ لَكِنْ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تَقْتَضِي جَرَيَانَهُ فِيهِمَا، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لِعَدَمِ صِحَّةِ الْوُضُوءِ قَبْلَهُ أَيْضًا، وَاعْتَذَرَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُجْرُوهُ، ثَمَّ لِأَنَّ زَمَنَ الْحَدَثِ فِيهِمَا يَقْصُرُ فَلَا يَسَعُ زَمَنَ الطَّهَارَةِ مَعَهُمَا غَالِبًا بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّ زَمَنَهُ يَطُولُ، وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ يُسَلِّمُ عَدَمَ صِحَّةِ الْغُسْلِ إلَّا عِنْدَ الِانْقِطَاعِ.

وَأَجَابَ فِي الْخَادِمِ (بِأَنَّ الثَّالِثَ يَشْتَرِطُ مَعَ الِانْقِطَاعِ الْقِيَامَ إلَى الصَّلَاةِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَرُدَّ بِأَنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ غَايَرَ بَيْنَ الْقَائِلِ بِالْخُرُوجِ وَالْقَائِلِ بِالِانْقِطَاعِ وَالْقَائِلِ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَالْقَائِلِ بِالثَّلَاثَةِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَشْتَرِطُ الِانْقِطَاعَ لِصِحَّةِ مَا وَجَبَ عِنْدَهُ بِالْخُرُوجِ، وَالثَّانِي الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَجْعَلُهُ جُزْءَ عِلَّةٍ أَوْ شَرْطًا لَهَا، وَاَلَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمَجْمُوعِ يَجْعَلُهُ هُوَ الْعِلَّةُ فَقَطْ وَالْمُعْتَمَدُ هُنَا أَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ الْخُرُوجُ بِشَرْطِ الِانْقِطَاعِ، وَإِرَادَةِ فِعْلِ نَحْوِ الصَّلَاةِ أَوْ الْخُرُوجِ مَعَهُمَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ، وَتَصْحِيحُ الْمَجْمُوعِ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُوجِبَ الِانْقِطَاعُ فَقَطْ، وَأَصْلُ الرَّوْضَةِ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْخُرُوجُ مِنْ الِانْقِطَاعِ أَوْ بِشَرْطِهِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَكَتَ عَنْ الْخُرُوجِ وَالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ لِلْعِلْمِ مِمَّا قَدَّمَهُ فِي الْوُضُوءِ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ تَصْحِيحَ الْمَجْمُوعِ الْمَذْكُورِ

<<  <  ج: ص:  >  >>