مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَإِنَّ الْقَوْلَ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِالِانْقِطَاعِ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَة بِالْخُرُوجِ مَعَ الِانْقِطَاعِ وَبِهِ يُعْلَمُ انْدِفَاعُهُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ جَعْلِهِ وَجْهًا خَامِسًا فِي الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ: (وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ) ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ فَائِدَةً عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ، وَفِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي (تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ وَلَدَتْ وَلَمْ تَرَ دَمًا فَعَلَى الِانْقِطَاعِ لَا غُسْلَ لِأَنَّهَا عَادِمَتُهُ) وَرُدَّ بِأَنَّ عَدَمَ الْغُسْلِ لِعَدَمِ تَسْمِيَةِ الْوَلَدِ مَنِيًّا لَا لِمَا ذُكِرَ، وَفِي جَوَازِ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ فَيَحْرُمُ إنْ أَوْجَبْنَاهُ بِالْخُرُوجِ فَقَطْ وَإِلَّا فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ مُرْتَبِطٌ بِحُصُولِ حَدَثِ الْحَيْضِ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ الْغُسْلِ وَجَبَ أَوْ لَمْ يَجِبْ، وَأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ زَمَنٌ فَانْقَضَى قَبْلَ الِانْقِطَاعِ فَيُحْسَبُ عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ.
وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَيْضَ مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَيْنِ عَجِيبٌ بَلْ غَلَطٌ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ اغْتِسَالُهَا مِنْ الْجَنَابَةِ عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ لَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدَثَانِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْفَعَ أَحَدَهُمَا مَعَ قِيَامِ الْآخَرِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَعَاطِي عِبَادَةً فَاسِدَةً وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ طُهْرَهَا حَرَامٌ حَتَّى عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ جِهَةِ الْحُرْمَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالضَّعِيفِ، وَهُوَ حِلُّ الْقِرَاءَةِ لِلْحَائِضِ الَّتِي لَا جَنَابَةَ عَلَيْهَا أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِحِلِّ غُسْلِهَا؛ لِهَذَا الْعُذْرِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.
وَفِي الْبَيَانِ يَصِحُّ غُسْلُهَا لِلْإِحْرَامِ عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْبَغَوِيَّ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْأَوَّلِ، وَقَدْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ لَهَا، وَأَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِثَمَنِ مَاءِ غُسْلِ النِّفَاسِ أَوْ الْحَيْضِ عَلَى وَجْهٍ فِي الْحَالِ إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ وَالْمُطَالَبَةَ بِهِ لَوْ طَلَّقَهَا فِي النِّفَاسِ أَوْ الْحَيْضِ وَقَبْلَ الِانْقِطَاعِ عَلَى الْأَوَّلِ لِوُجُودِ مُوجِبِهِ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَوْ نَكَحَ نُفَسَاءَ وَلَدَتْ مِنْهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَهُرَتْ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ سَبَبَ النِّفَاسِ لَمْ يَكُنْ مِنْ النِّكَاحِ، فَلَا وُجُوبَ مُطْلَقًا وَلَوْ هَايَأَتْ الْمُبَعَّضَةُ سَيِّدَهَا أَوْ هَايَأَهَا سَيِّدَاهَا، فَنَفِسَتْ فِي نَوْبَةٍ وَطَهُرَتْ فِي أُخْرَى.
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ ثَمَنُ مَاءِ نِفَاسِهَا عَلَى السَّيِّدِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ عَلَى الثَّانِي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ مُرَكَّبٌ وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ هَذَا إنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ زَوْجٍ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا أَوْ مِنْ أَحَدِ السَّيِّدَيْنِ، فَوَاضِحٌ أَنَّ الْمَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.
(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - بِمَا لَفْظُهُ إذَا قُلْتُمْ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ الْحَدَثِ مَثَلًا عِنْدَ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ وَيَسْتَحِبُّهَا إلَى فَرَاغِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ قَالُوا إذَا انْغَسَلَ شَيْءٌ مِنْ الْوَجْهِ مَعَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مُقَارِنًا لِنِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَفَى فِي حُصُولِ النِّيَّةِ، وَلَمْ تَحْصُلْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِمَا، فَقَدْ يُقَالُ: كَوْنُهُ مَأْمُورًا بِالنِّيَّةِ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ يُؤَدِّي إلَى كَوْنِهِ مَأْمُورًا مَنْهِيًّا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالنِّيَّةِ عِنْدَهُمَا لِيَحْصُلَ لَهُ فَضْلُهُمَا، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ؛ لِلدَّوْرِ أَوْ إلَى تَحَمُّلِ مَشَقَّةٍ كَأَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ بِنَحْوِ أُنْبُوبَةٍ أَوْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالنِّيَّةِ عِنْدَهُمَا فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا انْغَسَلَ مَعَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَجْهِ حُكِمَ بِعَدَمِ حُصُولِهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِمَا.
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَمْرِهِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ التَّسْمِيَةِ وَبِاسْتِصْحَابِهَا ذِكْرًا إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ كَوْنُهُ مَأْمُورًا مَنْهِيًّا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ فِي السُّؤَالِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِصْحَابِ النِّيَّة عِنْد الْمَضْمَضَةِ مَثَلًا انْغِسَالُ شَيْءٍ مِنْ حُمْرَةِ الشَّفَةِ مَعَهَا لِسُهُولَةِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى الْفَمِ مِنْ غَيْرِ انْغِسَالِ شَيْءٍ مِنْ حُمْرَةِ الشَّفَةِ وَلِإِمْكَانِ إيصَالِهِ إلَى دَاخِلِ الْأَنْفِ مِنْ غَيْرِ انْغِسَالِ شَيْءٍ مِنْ حَدِّ الظَّاهِرِ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ هَذَا الثَّانِي فِيهِ عُسْرٌ لَكِنَّهُ يُحْتَمَلُ لِمَزِيدِ فَضْلِهِ وَلَا يُقَالُ: أَنَّ فِيهِ حَرَجًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ فَمَنْ أَرَادَ فَضْلَهُ فَلْيَفْعَلْهُ مَعَ عُسْرِهِ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْمَضْمَضَةَ دُونَ غَسْلِ الْوَجْهِ أَجْزَأَتْهُ الْمَضْمَضَةُ، وَإِنْ نَوَى عِنْدَهَا وَانْغَسَلَ مَعَهَا شَيْءٌ مِنْ حُمْرَةِ الشَّفَةِ لَكِنْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ، فَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِحَمْلِ قَوْلِهِمْ: وَيَسْتَصْحِبُهَا إلَى فَرَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى مَا عَدَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَلَا يَسْتَصْحِبُهَا عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ يَنْغَسِلُ مَعَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ تَحْصِيلِهِمَا أَتَمُّ مِنْ مَصْلَحَةِ الِاسْتِصْحَابِ لِأَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِهِمَا فِي الْوُضُوءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute