للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُتَبَايِعَانِ فِي ذِكْرِهِ فَاحْتَجَّ الْمُدَّعِي لِدُخُولِهِ بِالْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ يَكْفِيه ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِصَرِيحِ ذِكْرِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْآبَارِ إلَّا إنْ نَصَّ عَلَى دُخُولِ مَائِهَا فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَفَاهُ أَوْ أَطْلَقَ وَلَا يَكْفِي عَنْ النَّصِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمَا بِحُقُوقِهَا عَلَى مَا قَدْ يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ لَا سِيَّمَا كَلَامُ الْأَنْوَارِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الْبِئْرِ فَهُوَ كَمَزَارِعِ الْقَرْيَةِ الْخَارِجَةِ عَنْهَا مَعَهَا فَإِنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُهَا.

وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا قَالُوا لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَقْتَضِي تَنَاوُلَهَا لَكِنْ يَشْكُلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَا تَتَنَاوَلُ الْأَرْضُ مَسِيلَ مَائِهَا وَشُرْبِهَا مِنْ نَحْوِ قَنَاةٍ مَمْلُوكَةٍ حَتَّى يَشْرُطَهُ أَوْ يَقُولَ بِحُقُوقِهَا إنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ قَوْلَهُمَا بِحُقُوقِهَا بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ عَلَى دُخُولِ الْمَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَرْضِ مَعَ مَسِيلِ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُقُوقَ إذَا تَنَاوَلَتْ نَحْوَ الْمَسِيلِ وَالشُّرْبِ مَعَ خُرُوجِهِمَا عَنْ الْأَرْضِ وَمَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِدُونِهِمَا وَعَدَمِ دُخُولِهِمَا فِي مُسَمَّاهَا فَأَوْلَى أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمَاءَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْ الْبِئْرِ وَلَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِدُونِهِ وَلِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّاهَا وَبِذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي مَزَارِعِ الْقَرْيَةِ مَعَهَا فَاتَّجَهَ إلْحَاقُ الْمَاءِ بِالْمَسِيلِ وَالشُّرْبِ دُونَ الْمَزَارِعِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمَا وَمُشْتَمِلَاتِهَا ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي شُمُولِ الْمَاءِ إذْ هُوَ بِمَعْنَى مَا اشْتَمَلَتْ الْبِئْرُ عَلَيْهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْمَاءُ الَّذِي فِيهَا فَحِينَئِذٍ لَا يُتَوَقَّفُ فِي الصُّورَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا أَنَّ الْمَاءَ يَدْخُلُ فِيهَا وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ نَوْعُ تَوَقُّفٍ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ بِحُقُوقِهَا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَبَيْعُ الْآبَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ صَحِيحٌ وَالْإِشْهَادُ الْمَذْكُورُ كَافٍ فِي دُخُولِ الْمَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ الْمُحْتَجُّ بِهِ إلَى بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِصَرِيحِ ذِكْرِهِ الْمَاءِ فِي الْعَقْدِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ دَارٍ بِيعَتْ وَفِي بَعْضِ جَوَانِبهَا مَخَازِنُ تَنْفُذُ أَبْوَابُهَا إلَى الشَّارِعِ وَلَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ مِنْ الدَّارِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَخَازِنَ دَاخِلَةٌ فِي بَيْعِ الدَّارِ فَهَلْ تَدْخُلُ هَذِهِ الْمَخَازِنُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الدَّارِ لِاشْتِمَالِ الدَّارِ عَلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي تَرْبِيعِهَا وَإِنْ لَمْ تَنْفُذْ إلَيْهَا كَمَا فِي بَعْضِ دُورِ مَكَّةَ أَوْ لَا تَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعهَا إذْ لَا تُعَدُّ مِنْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْيَمَنِ وَكَمَا قَالَ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْقُدْوَةِ إنَّ الْمَسَاجِدَ الْمُتَلَاصِقَةَ إذَا لَمْ يَنْفُذْ بَعْضُهَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ هُوَ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا بِمَنْ هُوَ فِي آخَرَ قَالُوا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مَسْجِدًا وَاحِدٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْعُبَابِ فِي التَّجْزِئَةِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَفَوْقَهَا حُجْرَةٌ بَابُهَا خَارِجُ الدَّارِ فَدَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ قِيلَ بَابُ الْأَيْمَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ قِيلَ كَذَلِكَ قَدْ يُعَلِّلُونَ بِالْعُرْفِ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمَنْقُولُ فِي الْحُجْرَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالدَّارِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيِّ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا لِخُرُوجِهَا عَنْ حُدُودِ الدَّارِ الَّتِي لَا تَتَمَيَّزُ إلَّا بِهَا وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ السُّبْكِيّ يَنْبَغِي أَنْ تَتْبَعَهَا الْحُجْرَةُ الْمُتَّصِلَةُ بِهَا لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ وَمَا عُلِّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ فَقَدْ أَحَالُوا هُنَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِي عَدَمِ دُخُولِ مَزَارِعِ الْقَرْيَةِ فِيهَا كَمَا لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ فَعَلِمْنَا أَنَّ مَلْحَظَ الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ تِلْكَ الْحُجْرَةِ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْهَا فَكَذَا لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا وَمِثْلُهَا الْمَخَازِنُ الْمَذْكُورَةُ فِي السُّؤَالِ بَلْ هِيَ عَيْنُهَا وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي مَسَائِلَ هُنَا الرُّجُوعُ إلَى عُرْفِ النَّاحِيَةِ مُتَعَيِّنٌ وَكَذَا إلَى الْقَرَائِنِ كَزِيَادَةِ الثَّمَنِ الدَّالَّةِ عَلَى إرَادَةِ دُخُولِ نَحْوِ الْمَزَارِعِ يَرُدُّهُ إطْلَاقُهُمْ الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِعُرْفٍ يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ لِأَنَّهُ خَاصٌّ وَمَا ذَكَرُوهُ هُنَاكَ عَامٌّ وَالْعَامُّ مُقَدَّمٌ غَالِبًا.

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي الْكَرْمِ مَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَنَاوُلِ مَا ذَكَرُوهُ لِمَا ذَكَرُوهُ هُنَا بَيْنَ أَنْ يَجْرِيَ الْبَيْعُ فِي بَلَدٍ يَعْتَادُ أَهْلُهُ إطْلَاقَ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْ لَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ وَقَدْ نَقَلُوا عَنْهُ مَا ذَكَرُوهُ فَلَا مَسَاغَ لِمُخَالِفَتِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحُجْرَةِ وَالْمَخَازِنِ الْمُتَّصِلَةِ بِالدَّارِ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ فِي حَمَّامِ الدَّارِ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ إنَّ الدَّارَ إنْ أَحَاطَتْ بِهِ بِأَنْ كَانَ فِي وَسَطِهَا أَوْ كَانَ خَارِجَهَا وَشَمَلَتْهُ حُدُودُهَا دَخَلَ سَوَاءٌ اسْتَقَلَّ أَمْ لَا وَإِنْ خَرَجَ عَنْ حُدُودِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>