فَظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ كَذَا أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ يَحُطَّ عَنِّي كَذَا فَفِيهِ نَظَرٌ، فَتَأَمَّلْهُ اهـ قُلْت: مُرَادُ الْإِمَامِ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي بَابِ الْخِيَارِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ وَيَحْصُلُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لَا أَبِيعُ حَتَّى يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَقَوْلِ الْمُشْتَرِي لَا أَفْعَلُ وَبِقَوْلِ الْمُشْتَرِي لَا أَشْتَرِي حَتَّى يُنْقِصَ الثَّمَنَ، وَقَوْلِ الْبَائِعِ لَا أَفْعَلُ، وَبِطَلَبِ الْبَائِعِ حُلُوله وَالْمُشْتَرِي تَأْجِيله اهـ.
وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا تَقَرَّرَ عَلِمْتَ أَنَّ مَا هُنَا لَا يُشْكِلُ عَلَى مَسَائِلِ الشَّرْطِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ هُنَا غَيْرُ الْمَلْحَظِ ثَمَّ لِمَا عَرَفْتَ أَنَّهُمَا إنْ تَوَافَقَا عَلَى نَحْوِ الزِّيَادَةِ تَضَمَّنَ ذَلِكَ فَسْخَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَإِنْشَاءَ عَقْدٍ ثَانٍ وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بَاقِيًا بِحَالِهِ مَا لَمْ يَقُلْ لَا أَرْضَى إلَّا بِزِيَادَةِ كَذَا مَثَلًا لِتَضَمُّنِ هَذَا مِنْهُ فَسْخَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ جَائِزٌ لَهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الْخِيَارَ لَهُمَا، وَتَحْرِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي صُورَةِ الْوَكِيلِ أَنَّ مَنْ وَكَّلَ فِي بَيْعٍ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ إلَّا إنْ وُجِدَ الْإِشْهَادُ ثُمَّ صُورَةُ شَرْطِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَرْعَشِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَارْتَضَاهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْ بِشَرْطِ أَنْ تُشْهِدَ أَوْ عَلَى أَنْ تُشْهِدَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: لَهُ بِعْ وَأَشْهِدْ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ الْإِشْهَادُ حِينَئِذٍ شَرْطًا، وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لَلْوَكِيلِ لَا تُزَوِّجْهَا إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ بِالصَّدَاقِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الِاشْتِرَاطُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَوْ زَوِّجْهَا بِكَذَا وَخُذْ بِهِ كَفِيلًا فَزَوَّجَهَا بِلَا شَرْطٍ صَحَّ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَمْرَيْنِ امْتَثَلَ أَحَدَهُمَا اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَلْحَظَ الْوَكَالَةِ غَيْرُ مَلْحَظِ صُوَرِ الشَّرْطِ الْآتِيَةِ أَيْضًا وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَهُ بِأَمْرَيْنِ فَإِنْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا شَرْطًا فِي الْآخَرِ أَوْ كَانَ الثَّانِي لَا يُوجَدُ مُسْتَقِلًّا وَإِنَّمَا يُوجَدُ تَابِعًا لِلْأَوَّلِ كَشَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ الْآخَرِ عَلَى وُجُودِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ أَحَدَهُمَا شَرْطًا كَذَلِكَ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِهِمَا فَقَطْ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ امْتِثَالُ جَمِيعِ أَوَامِرِ مُوَكِّلِهِ الْخَالِيَةِ عَنْ الِاشْتِرَاطِ وَكَلَامُ الْإِرْشَادِ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ عَيْنُ الشِّقِّ الثَّانِي لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُوَكِّل إذَا أَمَرَ وَكِيلَهُ بِالْبَيْعِ وَأَنْ يَشْرِطَ الْخِيَارَ فِيهِ لِفُلَانٍ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ بَيْعِهِ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ لِفُلَانٍ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ بِعْ وَأَشْهِدْ وَبَيْنَ بِعْ وَاشْتَرِطْ الْخِيَار لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ فِي الْأَوَّلِ يَصِحُّ بَيْعُهُ الْخَالِي عَنْ الْإِشْهَادِ وَفِي الثَّانِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ الْخَالِي عَنْ شَرْطِ الْخِيَارِ.
وَإِيضَاحُ الْفَرْقِ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْبَيْعِ أَمْرٌ مُسْتَقِلٌّ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ مُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِهِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ بِخِلَافِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِقْلَالُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ تَابِعًا لِلْبَيْعِ دَائِمًا فَلَزِمَ مِنْ مُجَرَّدِ الْأَمْرِ بِهِ مَعَ الْبَيْعِ تَوَقُّفُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنْ قُلْت: كُلٌّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ فِي اسْتِثْنَاءِ جَوَازِهِمَا لِمَصْلَحَةِ الْعَقْدِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الْبَيْعِ وَالْخِيَارِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا تَابِعٌ لِلْبَيْعِ وَكَمَا يُوجَدُ الْإِشْهَادُ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَذَلِكَ الْخِيَارُ يُوجَدُ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ قُلْت: هُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي ذَلِكَ لَكِنْ تَمَيَّزَ الْخِيَارُ بِأَنَّ جِنْسَهُ مِنْ لَوَازِمِ الْبَيْعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ انْفِكَاكُهُ عَنْهَا وَثُبُوتُهُ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا كَذَلِكَ الْإِشْهَادُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِيَارَ أَلْصَقُ بِالْبَيْعِ مِنْ الْإِشْهَادِ فَجَازَ أَنْ يَخْتَصَّ عَنْ الْإِشْهَادِ بِلُزُومِهِ بِالْأَمْرِ كَمَا تَقَرَّرَ.
فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ بِعْ وَأَشْهِدْ وَبِعْتُك وَاحْصُدْهُ إذْ هَذَا يَتَضَمَّنُ الِاشْتِرَاطَ دُون الْأَوَّلِ قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ بِمَا يَأْتِي لِأَنَّ إيقَاعَ هَذَا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الْوَعْدِ إلَى حَيِّزِ الِاشْتِرَاطِ بِخِلَافِ وَأَشْهِدْ فَإِنَّهُ وَقَعَ أَمْرًا مُجَرَّدًا غَيْرَ وَاقِعٍ فِي صُلْبٍ عَقْدٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ فَلَمْ يَحْتَفِ بِهِ مَا يَصْرِفُهُ إلَى الِاشْتِرَاطِ وَيُخْرِجُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ مِنْ كَوْنِهِ أَمْرًا مُجَرَّدًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَاحْصُدْهُ اقْتَرَنَ بِهِ مَا أَخْرَجَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ بِخِلَافِ وَأَشْهِدْ وَهَذَا ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَتَحْرِيرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِي فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَصُورَةُ الشَّرْطِ الْمُفْسِدِ فِي سَائِرِ صُوَرِهِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك بِشَرْطِ كَذَا أَوْ عَلَى كَذَا أَوْ وَافْعَلْ كَذَا أَوْ تَفْعَلْ كَذَا بِالْإِخْبَارِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَسَوَاءٌ قَالَ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَحْصُدَهُ أَوْ وَتَحْصُدَهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ لَا يَصِحُّ الْأَوَّلُ قَطْعًا وَفِي الثَّانِي طَرِيقَانِ اهـ.
لَكِنَّ قَوْلَهُ نَحْصُدُهُ يَنْبَغِي قِرَاءَتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute