بِعْتُكهَا بِعِشْرِينَ فَقَبِلَ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ الثَّانِي وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ بِصِحَّةِ الثَّانِي فَهَلْ يَكُونُ كَإِلْحَاقِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ حَتَّى يَصِيرَ الثَّمَنُ ثَلَاثِينَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ بَيْعُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ الْمَبِيعُ وَلَوْ لِلْمُشْتَرِي فَسْخٌ وَصَحِيحٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فَإِذَا قَبِلَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ قَبُولُهُ وَارْتَفَعَ حُكْمُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْعِشْرُونَ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الْعَقْدُ الثَّانِي وَلَيْسَ ذَلِكَ كَإِلْحَاقِ الزِّيَادَةِ قَبْلَ اللُّزُومِ لِأَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنَّ الزِّيَادَةَ أُلْحِقَتْ مَعَ تَقْرِيرِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَوَجَبَتْ مَضْمُونَةً إلَيْهِ وَأَمَّا هُنَا فَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ ارْتَفَعَ وَمِنْ لَازِمِ ارْتِفَاعِهِ ارْتِفَاعُ ثَمَنِهِ فَلَمْ يَجِبْ إلَّا ثَمَنُ الثَّانِي لَا غَيْرُهُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ بُطْلَانِ بَيْعِ عَبْدَيْهِمَا بِأَلْفٍ أَوْ أَحَدِهِمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَلْفِ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِجَهْلِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَنِ لَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ الصِّحَّةَ بِالْحِصَّةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ فَمَا الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَدْ ذَكَرْت هَذَا الْإِشْكَالَ وَجَوَابَهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ قُلْت: يَشْكُلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ بَلْ وَعَلَى كُلِّ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحِصَّةَ فِي الْحِلِّ بِالْحِصَّةِ مِنْ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَا عَبْدَيْهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ عِنْد الْعَقْدِ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ تَخْمِينٌ وَهَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِيمَا هُنَا إذْ نَحْوُ عَبْدِهِ الَّذِي صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ مَا يُقَابِلُهُ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَهْلَ هُنَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَحْذُورٌ وَهُوَ تَنَازُعٌ لَا إلَى غَايَةٍ لِانْدِفَاعِ الضَّرَرِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّ صِحَّتَهُ فِيهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمَحْذُورُ أَيْ وَلَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهَا إذْ لَا مُوجِبَ لَهُ بَعْدَ فَرْضِ صِحَّتِهِ فِيهِمَا وَهُنَا الْمُوجِبُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي.
فَإِنْ قُلْت: قَدْ لَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ عَالِمًا بِالْمُفْسِدِ فَلِمَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْحِلِّ حِينَئِذٍ مَعَ الْجَهْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَوُقُوعِ التَّنَازُعِ بَيْنَهُمَا لَا إلَى غَايَةٍ وَانْقِطَاعِهِ بِقَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ جَارٍ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا فَرْقٍ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَرَامِ مِنْهُمَا نَادِرٌ فَأَعْطَوْهُ حُكْمَ الْغَالِبِ مَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْحَرَامِ إعْطَاءً لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَالُوا بِتَخَلُّفِ عِلَّتِهِمْ فِيهِ لِنُدُورِهِ وَالتَّعَالِيلُ إنَّمَا تُنَاطُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ فَتَأَمَّلْهُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ بِمَا لَفْظُهُ ذَكَرُوا فِي الْبَيْعِ فِيمَا إذَا أَلْحَقَ زِيَادَةَ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ شَرْطٍ أَمْ لَا وَقَالُوا فِي الْوَكِيلِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ إلَّا إذَا أَتَى الْمُوَكِّلُ بِصِيغَةِ إشْهَادٍ كَمَا حَكَى عَنْ الْمَرْعَشِيِّ وَقَوْلِ الْإِرْشَادِ فِي الْوَكَالَةِ فَإِنْ أَمَرَ بِهِ وَجَبَ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا بَاعَ زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ شَرْطٍ أَمْ لَا وَفِي الرَّهْنِ فِيمَا إذَا أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ أَنَّهُ يَصِحُّ إلَّا إذَا شَرَطَ تَعْجِيلَ حَقِّهِ.
وَلَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِفَسَادِ الشَّرْطِ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ شَرْطٍ أَمْ لَا وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْكَفَالَةِ مَا يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَعَدَمِهِ فِي بُطْلَانِهَا فِيمَا إذَا تَكَفَّلَ بِبَدَنِ رَجُلٍ وَشَرَطَ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَغْرَمُ أَنَّهَا تَفْسُدُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ شَرْطٍ وَفِي الْوَقْفِ إنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الْوَقْفِ وَأَنْ يَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنِهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حُكْمَ مَا إذَا أَتَى بِصِيغَةِ إخْبَارٍ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت كَذَا وَلِيَ النَّظَرُ هَلْ يَكُونُ كَالشَّرْطِ أَمْ لَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النَّظَائِرِ وَهَلْ فَرْقٌ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خِيَارٌ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِكَلَامِهِ فِيهَا مُتَّصِلًا بِصِيغَةِ الْعَقْدِ فَيَلْزَمُ أَوْ لَا فَلَا يَلْزَمُ أَوْ يُقَالُ إذَا انْفَصَلَ عَنْ صِيغَةِ الْعَقْدِ يُفْصَلُ بَيْنَ أَنْ يَطُولَ فَلَا يَلْزَمُ أَوْ لَا يَطُولُ فَيَلْزَمُ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّ تَحْرِيرَ مَا ذَكَرُوهُ فِي إلْحَاقِ نَحْوِ الزِّيَادَةِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ هُوَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ فَاتِّفَاقُهُمَا عَلَيْهِ مُتَضَمِّنٌ لِفَسْخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ وُجِدَتْ صُورَةُ شَرْطٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الْآخَرُ أَمْ لَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ نَحْوَ زِيَادَةٍ وَلَمْ يُوَافِقْهُ الْآخَرُ عَلَيْهَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِذِكْرِ زِيَادَةٍ صَحِيحَةٍ وَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا الثَّانِي لَمْ يَلْحَقْ وَلَكِنْ لَوْ تَمَادَى الشَّارِطُ وَلَمْ يَفْسَخْ اسْتَمَرَّ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَلَغَتْ الزِّيَادَةُ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا إنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِالْتِمَاسِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ أَوْ الْحَطِّ لَا غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute