للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جُمْلَةِ الْمِيرَاثِ جَارِيَةٌ فَأَعْتَقَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ مِنْهَا قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ وَفِي بَقِيَّةِ الْمِيرَاثِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَهَلْ يَصِحّ الْعِتْقُ وَيَسْرِي أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الشَّمْسُ بْنُ اللَّبَّانِ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ وَيَسْرِي كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ عَبْدَهُ الْمَرْهُونَ قَالَ بَلْ أَوْلَى بِالنُّفُوذِ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَهْرِيٌّ مِنْ الشَّارِعِ فَهُوَ نَظِيرُ بَيْعِ الْمَالِكِ الْمَالَ الزَّكَوِيَّ إذَا قُلْنَا إنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ تَعَلُّقُ الرَّهْنِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ الصِّحَّةُ وَإِنْ مَنَعْنَا صِحَّةَ عِتْقِ الرَّهْنِ لِلْمَعْنَى الْمُشَارِ إلَيْهِ اهـ وَأَفْتَى النَّجْمُ الْبَالِسِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ وَإِنْ قَلَّ الدَّيْنُ قَالَ لِأَنَّا وَإِنْ قَضَيْنَا بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِي التَّرِكَةِ إلَى الْوَرَثَةِ أَبْطَلْنَا تَصَرُّفَ الْوَرَثَةِ فِيهَا قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُرَجَّحِ اهـ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ تَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَلَفٌ وَيَسَارُ الْمُعْتِقُ خَلَفٌ أَيُّ خَلَفٍ وَحِينَئِذٍ فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الْجَارِيَةِ كَإِعْتَاقِ الْجَانِي.

(وَسُئِلَ) إذَا بَاعَ عَدْلٌ الرَّهْنَ فَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ تَبَيَّنَ زِيَادَةُ رَاغِبٍ فِي ثَمَنِهِ هَلْ يَتَبَيَّنُ الْفَسْخُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ حِينَئِذٍ

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سُؤَالًا صُورَتُهُ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْوَارِثِ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ سَقَطَ مِنْهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ حَتَّى إذَا كَانَ حَائِزًا سَقَطَ الْجَمِيعُ وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمْ السُّبْكِيّ وَصَوَّبَ أَنْ يُقَالَ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ مَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ وَمَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَكْثَرَ وَيَسْتَقِرُّ لَهُ نَظِيرُهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَلَى الدَّيْنِ وَهَذَا سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاضِي إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثَيْنِ اهـ وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ السُّبْكِيّ وَبَعْضُهُمْ قَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِبَارَتِهِ وَعِبَارَةِ مَنْ غَلَّطَهُمْ فَالْقَصْدُ بَسْطُ ذَلِكَ بِأَمْثِلَةٍ وَبَيَانُ الْحَقِّ فِيهِ بَسْطًا شَافِيًا.

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ صَوَابُهُ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لَا مِنْ الدَّيْنِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنْ إطْلَاقِ الْإِرْثِ مِنْ الدَّيْنِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ لَفْظَ الدَّيْنِ بَعْدُ، كَانَ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ فَيَقُولُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ إلَخْ وَعَلَى تَسْلِيمِ مَا ذَكَرَهُ فَهُوَ لَا يُعَبِّرُ عَنْهُ بِالصَّوَابِ إذْ غَايَةُ مَا فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ أَنَّهُ تَجَوُّزٌ فِي الْعِبَارَةِ وَلَعَلَّ إيثَارَهُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى مَا اعْتَرَضَ بِهِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ عِبَارَتِهِ وَعِبَارَةِ مَنْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ ظَاهِرٌ. وَنُقِلَ عَنْ الْفَتَى أَنَّهُ قَالَ مُرَادُ الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِمْ يَسْقُطُ مِنْهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ مِنْهُ أَيْ مِثْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَشَرَةً سَقَطَ عَشَرَةٌ وَعَلَى هَذَا سَوَاءٌ أَكَانَ بِنِسْبَةِ إرْثِهِ أَمْ لَا وَمُرَادُ السُّبْكِيّ أَنَّ السَّاقِطَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ فَيَسْقُطُ ثُمُنُ الدَّيْنِ إنْ وَرِثَ ثُمُنَ التَّرِكَةِ وَعَلَى هَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الدَّيْنَ لَوْ كَانَ سِتَّةَ عَشَرَ مَثَلًا وَالتَّرِكَةُ اثْنَيْ عَشَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّهُ قَدْرُ إرْثِهِ مِنْ التَّرِكَةِ وَعَلَى الثَّانِي يَسْقُطُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُمَا نِسْبَةُ إرْثِهِ وَهُوَ الثُّمْنُ وَهُمَا ثُمْنُ التَّرِكَةِ اهـ.

وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ كَانَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِ إرْثِهِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الدَّيْنِ فَهَذَا مَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيّ لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ مِنْهُ أَيْ بِقَدْرِ مَا يَرِثُهُ مِنْ تَرِكَةِ الْهَالِكِ حَتَّى إذَا وَرِثَ مِنْهُ عَشَرَةَ سَقَطَ مِنْ دَيْنِهِ عَشَرَةٌ وَهَكَذَا فِي الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ فَهُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ اثْنَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا خَمْسُونَ وَالتَّرِكَةُ مِائَةٌ سَقَطَ دَيْنُهُ جَمِيعُهُ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَلَيْسَ مُرَادُ السُّبْكِيّ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتَى مُطْلَقًا بَلْ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ التَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ كَانَ أَكْثَر كَالْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي السِّتَّةَ عَشَرَةَ وَالِاثْنَيْ عَشَرَ، وَرِثَ الدَّائِنُ ثُمْنَ التَّرِكَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ دِرْهَمَانِ بَلْ قَضِيَّةُ مَا حَكَاهُ السُّبْكِيّ عَنْهُمْ سُقُوطُهَا وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ تَرِكَةً أَصْلًا لِأَنَّهُمَا مِنْ الدَّيْنِ نِسْبَةُ إرْثِ صَاحِبِهِ مِنْ الْهَالِكِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَسْقُطُ مِنْ دَيْنِهِ بِقَدْرِ إرْثِهِ.

وَمُرَادُ السُّبْكِيّ بِاعْتِرَاضِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرِكَةً لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِ الْوَارِثِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ حِينَئِذٍ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ الدَّيْنِ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَانَتْ تَرِكَةً وَهِيَ أَقَلُّ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْضُوا مِنْ دَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ بِقَدْرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>