للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَطْ وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِهَا فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَقَطَ مِنْ دَيْنِهِ مَا يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ أَدَاؤُهُ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِذَا كَانَتْ السِّتَّةَ عَشَرَ الْمَذْكُورَةُ لِمَنْ وَرِثَ الثُّمْنَ وَالتَّرِكَةُ اثْنَا عَشَرَ وَجَبَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يَقْضُوا مِنْ الدَّيْنِ اثْنَيْ عَشَرَ فَقَطْ وَيَبْقَى لِصَاحِبِهِ أَرْبَعَةٌ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ فَيَسْقُطُ مِنْ دَيْنِ صَاحِبِ الثُّمْنِ حِصَّتُهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ.

وَهَذَا مُرَادُ السُّبْكِيّ بِقَوْلِهِ وَمَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَدَاؤُهُ إنْ كَانَ أَيْ الدَّيْنُ أَكْثَر مِنْ التَّرِكَةِ أَيْ وَالسَّاقِطُ مِنْ دَيْنِ الْوَارِثِ جُزْءٌ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ إرْثِهِ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَالسَّاقِطُ جُزْءٌ نِسْبَتُهُ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ إرْثِ صَاحِبِهِ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ أَدَاؤُهُ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْوَاجِبُ أَدَاؤُهُ حِينَئِذٍ هُوَ قَدْرُ التَّرِكَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ ظَهَرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ عِبَارَةِ السُّبْكِيّ وَالْجَمَاعَةِ وَمِمَّا يُزِيدُهُ إيضَاحًا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَنْ اثْنَيْنِ وَعَلَيْهِ ثَمَانُونَ دِينَارًا عِشْرُونَ لِأَحَدِ بَنِيهِ وَسِتُّونَ لِأَجْنَبِيٍّ وَتَرِكَتُهُ ثَمَانِيَةُ دَنَانِيرَ فَقَطْ كَانَ لِابْنِ الدَّائِنِ مِنْهَا دِينَارَانِ حِصَّتُهُ مِنْ تَوْزِيعِ الثَّمَانِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى نِسْبَةِ دَيْنِهِمَا فَدِينَارٌ مِنْهُمَا عَلَيْهِ وَدِينَارٌ مِنْهُمَا عَلَى أَخِيهِ فَيَسْقُطُ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِهِ وَيَسْتَقِرُّ لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ ثُمْنُهَا وَيَبْقَى مِنْ حِصَّتِهِ مِنْهَا وَهِيَ النِّصْفُ رُبْعٍ وَثُمْنٌ فِي مَعْنَى الْمَرْهُونِ حَتَّى يُؤَدِّيَ لِلْأَجْنَبِيِّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ مِنْ دَيْنِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ السُّبْكِيّ.

قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي سُقُوطِ الدِّينَارِ الْمَذْكُورِ مِنْ دَيْنِ الِابْنِ وَاسْتِقْرَارِ ثُمْنِ التَّرِكَةِ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّطَ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ مِنْ دَيْنِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِاسْتِقْرَارِ نَظِيرِ مَا سَقَطَ مِنْ دَيْنِ الْوَارِثِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ لِأَجْنَبِيٍّ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ تَقْرِيرُ كَلَامِ السُّبْكِيّ عَلَى مُقْتَضَاهُ الْمَذْكُورِ وَلَا مَحْذُورَ فِي ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظَائِرِهِ مُمْكِنٌ.

(وَسُئِلَ) إذَا مَاتَ مَدْيُونٌ وَدَائِنُهُ غَائِبٌ مَفْقُودُ الْخَبَرِ أَوْ مَعْلُومُهُ وَلَمْ يَجِدْ وَارِثُهُ قَاضِيًا أَمِينًا فَهَلْ إفْرَازُهُ قَدْرَ حِصَّةِ الدَّيْنِ يُبِيحُ لَهُ التَّصَرُّفَ وَهَلْ لَهُ حِيلَةٌ غَيْر ذَلِكَ وَكَذَا فِيمَا إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حِيلَتُهُ فِي الْحَجِّ أَنْ يُبَادِرَ بِالِاسْتِئْجَارِ وَيُسَلِّمَ الْأُجْرَةَ إلَى الْأَجِيرِ ثُمَّ يَتَصَرَّف وَأَمَّا فِي وَفَاءِ دَيْنِ الْغَائِبِ فَلَا حِيلَةَ لَهُ إلَّا الرَّفْع إلَيْهِ أَوْ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَقَوْلُ بَعْضُهُمْ حِيلَتُهُ أَنْ يُحَكِّمَ عَدْلًا فِي ذَلِكَ فَيَفْرِزُ لَهُ قَدْرَ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا وَلَا مُحَكَّمًا كَفَى إفْرَازُ عَدْلٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَدْلًا تَصَرَّفَ وَضَمِنَ النَّقْصَ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ شَرْطُ التَّحْكِيمِ رِضَا الْمُتَحَاكِمَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَأَيْضًا فَأَمْوَالُ الْغَائِبِينَ وَالْمَفْقُودِينَ إنَّمَا يَحْفَظُهَا وَيَسْتَنِيبُ فِي حِفْظِهَا الْحَاكِم دُونَ غَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا حَتَّى يَدْفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ وَضْعِ الْمُرْتَهَنِ الْمَرْهُونَ فِي حِرْزٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَمِينٍ فَسُرِقَ هَلْ يَضْمَنُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُخْتَصًّا بِالْيَدِ فَأَزَالَهَا عَنْهُ كَأَنْ وَضَعَهَا فِي الْحِرْزِ الْمَذْكُورِ ضَمِنَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنْ الرَّهْنِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا إلَّا تَعَدَّدَ الْعَقْدُ أَوْ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ قَالَ الشَّيْخُ: كَأَنْ رَهَنَ عَبْدًا مِنْ اثْنَيْنِ بِدَيْنِهِمَا عَلَيْهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنِهِمَا كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ ثُمَّ بَرِئَ عَنْ دَيْنِ أَحَدِهِمَا وَهَذَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَكَيْف تَنْفَكُّ حِصَّتُهُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَخْذِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَتَّحِدْ جِهَةُ دَيْنِهِمَا أَوْ إذَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ لَا بِالْأَخْذِ اهـ فَقَوْلُهُ مَحَلُّهُ إلَخْ يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا كَالرَّوْضَةِ وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنِهِمَا وَيُنَافِي قَوْلَ الْأَصْلِ وَفِي وَجْهٍ إنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا لَمْ يَنْفَكَّ شَيْءٌ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ أَحَدِهِمَا وَإِنَّمَا يَنْفَكُّ إذَا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ وَالصَّحِيحُ الِانْفِكَاكُ مُطْلَقًا فَمَا الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا مُنَافَاةَ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ دَيْنَيْهِمَا إنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ شُمُولَ الْمَتْنِ لَهُ حَتَّى يُطَابِقَ عِبَارَةَ أَصْلِهِ وَلِيَتَوَجَّهَ الْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ ثُمَّ سَلَكَ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ طَرِيقَيْنِ الْأُولَى تَخْصِيصُ مَا هُنَا بِالصُّورَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَهِيَ إذَا لَمْ تَتَّحِدْ الْجِهَةُ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَوَجَّهُ الْإِشْكَالُ أَصْلًا الثَّانِي سَلَّمْنَا أَنَّ مَا هُنَا عَامٌّ فِي الِاتِّحَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>