للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْسَانٍ رَهَنَ عِنْدَ آخَرَ رَهْنًا عَلَى مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ فَتَسَلَّمَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ وَدَفَعَهُ لِفَتَاهُ لِيُدْخِلَهُ فِي حَاصِلٍ لِسَيِّدِهِ فَأَدْخَلَهُ الْفَتَى فِي حَاصِلِ سَيِّدِهِ بِحُضُورِهِ وَطَرِيقَةُ هَذَا السَّيِّدِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ شَيْئًا إلَى حَاصِلِهِ أَوْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْهُ يَتَعَاطَى ذَلِكَ جَمِيعَهُ مِنْ يَدِ هَذَا الْفَتَى وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُفَارِقْ سَيِّدَهُ مِفْتَاحُ الْحَاصِلِ وَالْجَمِيعُ بِحُضُورِهِ ثُمَّ لَمْ يَشْعُرْ إلَّا وَقَدَ غُيِّبَ الْفَتَى بِالْإِبَاقِ فَتَفَقَّدَ السَّيِّدُ حَاصِلَهُ وَأَمْتِعَتَهُ فَإِذَا بِالْفَتَى قَدْ اخْتَلَسَ مِنْهُ أَعْيَانًا وَنَقْدًا وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فَجَاءَ صَاحِبُ الرَّهْنِ وَطَلَبَ رَهْنَهُ بَعْدَ إبَاقِ الْفَتَى فَقَالَ لَهُ السَّيِّدُ قَدْ وَدَّاهُ الْفَتَى مَعَهُ وَرَاحَ وَهَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ بَلْدَةِ السَّيِّدِ وَقَصَدَ بِوَدَّاهُ الْفَتَى مَعَهُ وَرَاحَ أَيْ اخْتَلَسَهُ وَأَبَقَ بِهِ فَلَمَّا سَافَرَ الْمُرْتَهِنُ الْمَذْكُورُ إلَى بَلْدَةٍ غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي اُخْتُلِسَ مِنْهَا مَا ذُكِرَ ادَّعَى عَلَى وَكِيلِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ مِنْهُ الرَّهْنَ قَالَ وَدَّاهُ الْفَتَى مَعَهُ وَحَمَلَ الْحَاكِمُ وَالشُّهُودُ قَوْلَ السَّيِّدِ وَدَّاهُ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ لِلْفَتَى وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْوَكِيلِ بِاللُّزُومِ وَدَفَعَهُ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ قِيمَة هَذَا الرَّهْنِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مَا قَصَدَ بِوَدَّاهُ إلَّا اخْتَلَسَهُ الْفَتَى فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ عَلَى قَصْدِهِ الَّذِي قَصَدَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُصْطَلَحَ لُغَةِ أَهْلِ بَلْدَتِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَدُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ يَدُ أَمَانَةٍ فَإِذَا تَلِفَ مِنْ عِنْدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ تَمْكِينَ الْعَبْدِ الْأَمِينِ مِنْ دُخُولِ مَحَلِّ الْمَرْهُونِ لَيْسَ تَقْصِيرًا فَإِذَا اخْتَلَسَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرِ سَيِّدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ سَيِّدُهُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَاهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ قَالَ وَدَّاهُ الْفَتَى مَعَهُ وَرَاحَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إقْرَارًا بِأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنْ أَخْذِهِ لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا فَحُكْمُ الْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ بِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ بَاطِلٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ.

(سُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ رَهَنَ عَبْدَهُ بِدَيْنِ آخَرَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَهَلْ يَصِحُّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَصِحُّ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ وَكَأَنَّهُ ضَمِنَ الدَّيْنَ فِي عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّا إذَا ارْتَهَنَ الْكَافِرُ مُصْحَفًا أَوْ مُسْلِمًا فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ أَوْ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ أَصْلًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ بَلْ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ فَلَيْسَ فِي وَضْعِ الْكَافِرِ يَدَهُ لِمُجَرَّدِ صِحَّةِ الْقَبْضِ إهَانَةٌ وَلَا إذْلَالٌ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ الْمِلْكَ لَهُ فَفِي وَضْعِ يَدِهِ ذَلِكَ قُلْت: مَمْنُوعٌ بَلْ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ إذْ لَا إهَانَةَ وَلَا إذْلَالَ فِي وَضْعِ الْيَدِ فِيهِمَا بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ صَوْنًا لَهُمَا عَنْ الدُّخُولِ فِي يَدِهِ وَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَدَّعِيَ عَدَمَ انْتِفَائِهِ إذْ مُجَرَّدُ وَضْعِ يَدِهِ إهَانَةٌ وَإِذْلَالٌ فِي الْجُمْلَةِ فَمُنِعَ مِنْهُ طَرْدُ اللَّبَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ ثُمَّ أَبْرَأ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ أَمْ لَا وَلَوْ رَهَنَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ بَعْد لُزُومِ الرَّهْنِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ مَا لَزِمَ ذِمَّةَ الْمُتْلِفِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ صَحَّ إبْرَاؤُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَصِحُّ الرَّهْنُ فِيمَا ذُكِرَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ بَيْعُ الْمَرْهُونِ أَوْ رَهْنُهُ أَوْ هِبَتُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ صَحِيحٌ سَوَاءٌ ابْتَدَأَ الرَّاهِنَ بِالْإِيجَابِ أَمْ لَا وَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ لِأَنَّ قَبُولَ الْمُرْتَهِنِ لِذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِرِضَاهُ بِالْفَسْخِ فَكَذَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ رَهْنُهُ مِنْ غَيْرِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ مِنْ الرَّهْنِ مُسْتَلْزِمٌ لِرِضَاهُمَا بِالْفَسْخِ فَيَكُونُ فَسْخًا.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ رَهَنَ أَمَتَهُ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ بِوَطْءٍ حَالَ الرَّهْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَبِيعَتْ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ بِالْإِرْثِ مِنْ مُوَرِّثِهِ وَكَانَ عَلَى مُوَرِّثِهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْجَارِيَةُ الْمَذْكُورَةُ فَهَلْ تُبَاعُ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْ لَا وَهَلْ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَارِثُهُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الظَّاهِرُ بَيْعُ الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مُوسِرًا لِأَنَّهُ وَإِنْ مَلَكهَا بِالْإِرْثِ لَكِنَّهُ مِلْكٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مَرْهُونَةٌ بِالدَّيْنِ وَإِنْ أَيْسَرَ الْوَارِثُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِهَا وَإِذَا مَلَكَهَا مِلْكًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ نُفُوذُ الْإِيلَادِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَيَاعُ أَهْلِ الدَّيْنِ وَبَقَاءُ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مَشْغُولَةً بِدَيْنِهِ مَعَ تَفْوِيتِ مِلْكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>