التَّامِّ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَصْلَحَةٌ وَلَا كَانَ سَبَبًا فِيهِ فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ تُعْتَقْ عَلَى الْوَارِثِ الْمُوسِرِ وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِأَهْلِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي عِتْقِهَا بِسَبْقِ إيلَادِهِ لَهَا قُلْت: ذَلِكَ الْإِيلَادُ قَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ بِبَيْعِهَا أَوَّلًا مَا دَامَتْ خَارِجَةً عَنْ مِلْكِهِ وَانْتِقَالُهَا إلَى مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ مَعَ كَوْنِهَا مَرْهُونَةً بِدَيْنِ الْمَيِّتِ كَخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِ الْوَارِثِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهَا عَلَيْهِ مَحْذُورٌ.
وَهُوَ إمَّا ضَيَاعُ أَصْلِ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُلْزَمْ الْوَارِثُ بِشَيْءٍ وَكَذَا بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَضَيَاعُ مِلْكِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهَا مَرْهُونَةً بِهِ وَإِمَّا تَكْلِيفُ الْوَارِثِ بَدَلَ قِيمَتِهَا مَعَ انْقِطَاعِ حُكْمِ الْإِيلَادِ إلَى الْآنَ وَلَوْ لَزِمَ ذَلِكَ لَلَزِمَهُ إذَا أَيْسَرَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِتُعْتَقَ عَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يُلْزِمُوهُ بِهَذَا بِوَجْهٍ نَظَرًا إلَى خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ فَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا حَتَّى تُعْتَقَ نَظَرًا إلَى أَنَّ تَعَلُّقَ دَيْنِ الْمَيِّتِ بِرَقَبَتِهَا صَيَّرَهَا كَالْخَارِجَةِ عَنْ مِلْكِهِ بِجَامِعِ عَدَمِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا فَإِنْ قُلْت: عِتْقُ الْوَارِثِ الْمُوسِرِ لِقِنِّ التَّرِكَةِ جَائِزٌ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا دَيْنٌ وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ فَنَفَذَ تَصَرُّفُهُ فَلِمَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ هُنَا قُلْت فَرْقٌ بَيْنَ الْمُتَبَرِّعِ وَالْمُلْزَمِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ تَبَرُّعِهِ بِالْعِتْقِ وَتَوْطِينِهِ نَفْسِهِ عَلَى مَا بَذَلَ الْقِيمَةَ تَبَرُّعًا أَنَّا نُلْزِمُهُ بِبَذْلِ الْقِيمَةِ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ سَبَبٍ يَقْتَضِي الْتِزَامَهُ بِذَلِكَ هَذَا مَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ جَلِيٌّ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ وَمَدَارِكِهِمْ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ عَيْنٍ مُرْتَهَنَةٍ فِي دَيْنٍ شَرْعِيٍّ وَامْتَنَعَ الْخَصْمُ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ هَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ جَبْرُهُ أَوْ وَارِثُهُ أَوْ وَكِيلُهُ عَلَى بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُرْتَهَنَةِ أَوْ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهَا مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ لِيُوَفِّيَ دَيْنَ خَصْمِهِ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ الْوُجُوهِ الشَّرْعِيَّةِ إذَا امْتَنَعَ فَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ لَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ إلَّا الْعَيْنُ الْمُرْتَهَنَةُ فَقَطْ هَلْ يُسْمَعُ قَوْلُهُ أَمْ لَا وَيَبِيعُ الْحَاكِمُ مَا شَاءَ مِنْ أَمْوَالِهِ وَإِذَا امْتَنَعَ أَيْضًا كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَدَاءِ هَلْ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَبِيعَ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ حَبْسٍ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟
(فَأَجَابَ) إذَا كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ وَضَامِنٌ فَلِلْمُرْتَهِنِ طَلَبُ الْوَفَاءِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ فَقَطْ فَلَهُ طَلَبُ بَيْعِهِ أَوْ قَضَاءُ دَيْنِهِ إنْ حَلَّ فَإِذَا بِيعَ الْمَرْهُونُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ جِنَايَةٌ قُدِّمَ الْمُرْتَهِنُ بِثَمَنِهِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَعُلِمَ مِنْ طَلَبِهِ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مَا فِي النِّهَايَةِ.
وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَخْتَارَ الْبَيْعَ وَالتَّوْفِيَةَ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّوْفِيَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ الْحَقَّ بِعَيْنِ الرَّهْنِ رِضًا مِنْهُ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْهُ وَطَرِيقُهُ الْبَيْعُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ الرَّهْنِ أَيْضًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْهُونَ قَدْ لَا يُوَفِّي ثَمَنُهُ الدَّيْنَ أَوْ يَتْلَفُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الرَّاهِنِ وَلَا مَا يَأْتِي مِنْ إجْبَارِهِ عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ حَتَّى يُوَفِّيَ مِمَّا يَخْتَارُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ حَتَّى يُجْبِرَهُ عَلَى الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ.
وَإِذَا طُلِبَ مِنْهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَامْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْحَبْسِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ بَاعَ الرَّهْنَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَمِلْكِ الرَّاهِنِ وَالرَّهْنِ وَكَوْنُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَقُضِيَ الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ تَوَقُّفِ بَيْعِ الْحَاكِمِ هُنَا عَلَى الْإِصْرَارِ وَجَوَازِ بَيْعِهِ لِمَالِ الْمُفْلِسِ مُطْلَقًا بِأَنَّ الْحَجْرَ ثَمَّ أَوْجَبَ كَوْنَ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَلَمْ يَثْبُتْ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ بَيْعِهِ إلَّا بَعْدَ الِانْفِسَاخِ وَإِذَا أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ حُجَّةً بِالدَّيْنِ وَمِلْكِ الرَّاهِنِ وَبِالرَّهْنِ فِي غِيبَةِ الْمُرْتَهِن بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَوَفَّى مِنْ ثَمَنِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَيْعُهُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ لَهُ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَ بَيْعُهُ أَصْلَح وَلَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ اسْتِئْذَانِ الرَّاهِنِ وَالْحَاكِمِ صَحَّ وَوَكِيلُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنُ كَهُوَ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ وَوَارِثُ الْمَيِّتِ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْضًا نَعَمْ إنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَازَ الْمُرْتَهِنُ بِقِيمَةِ رَهْنِهِ وَمَا فَضَلَ لَهُ يُضَارِبُ بِهِ مَعَ الدَّائِنِينَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَا إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَهْنًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَيَكُونُ الْعَيْنَ الْمَبِيعَةَ فَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ رَهْنًا وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْعَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute