يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ جَازَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْوَلِيَّ لِيَعْمَلَ عَنْهُ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَكُونُ مِنْ الْحِيَلِ الْمُجَوِّزَةِ لِلْوَلِيِّ الْعَمَلَ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ بِالْأُجْرَةِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُتَبَرِّعٍ هَذَا كُلُّهُ حُكْمُ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ مِنْ يَتِيمٍ وَنَحْوِهِ وَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَرَّرَ نَاظِر الْوَقْفِ فِي مَالِ الْوَقْفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ لِمَنْ يَتَوَلَّى وَقْفَهُ شَيْئًا مِنْ الرُّبُعِ جَازَ وَكَانَ ذَلِكَ أُجْرَةَ عَمَلِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ شَيْئًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا وَعَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُقَرِّرَ لَهُ أُجْرَةً فَهُوَ كَمَا لَوْ تَبَرَّمَ الْوَلِيُّ بِحِفْظِ مَالِ الطِّفْلِ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُثْبِتَ لَهُ أُجْرَةً قَالَ تِلْمِيذُهُ أَبُو زُرْعَةَ مُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَعَ الْحَاجَةِ إمَّا قَدْرَ النَّفَقَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَإِمَّا أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ وَذَلِكَ يَأْتِي هُنَا. اهـ.
فَافْهَمْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَلِيِّ فِيمَا تَقَرَّرَ فِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ قَرْضًا مِمَّا تَحْتَ يَدِهِ لِمَالِ الْوَقْفِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخَانِ حَيْثُ قَالَا لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَأَمَّا مَنْ تَحْتَ يَدِهِ مَالٌ لِغَائِبٍ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِحَقٍّ فَإِنْ كَانَ قَاضِيًا أَوْ نَائِبَهُ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إذَا اضْطَرَّ إلَيْهِ كَبَيْعِهِ عِنْدَ خَوْفِ تَلَفِهِ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِحَسَبِ مَا أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ فِيهِ نَعَمْ لَهُ وَلِغَيْرِ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَعْلَمَانِ أَوْ يَظُنَّانِ أَنَّهُ يَرْضَى بِهِ هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ الْمَالِكُ رَشِيدًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مُطْلَقًا وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا لِلْوَلِيِّ أَوْ مَأْذُونِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَخَذَ الرَّقِيقُ أَوْ الصَّبِيُّ شَيْئًا مِنْ الْمُعْرِضِ عَنْهُ أَيَمْلِكُهُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الصَّبِيَّ يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ مِمَّا أَعْرَضَ عَنْهُ مَالِكه الْمُطْلَقُ التَّصَرُّف وَكَذَلِكَ سَيِّدُ الرَّقِيقِ يَمْلِكُ مَا أَخَذَ قِنُّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ وَصِيٍّ شَرْعِيٍّ عَلَى يَتِيمٍ قَاصِرٍ عَنْ الْبُلُوغِ وَلِلْيَتِيمِ الْمَذْكُورِ دِمْنَةُ أَرْضٍ مُعَدَّةٍ لِلْقَمَائِمِ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَلَا حَاصِلَ مِنْهَا نَافِعٌ لِلْمَحْجُورِ الْمَالِكِ وَفِي بِنَائِهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ تَرَكَهَا مُهْمَلَةً لِلْقَمَائِمِ غَايَةَ الْإِضْرَارِ بِهِ وَالْإِضَاعَةَ عَلَيْهِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ الشَّرْعِيُّ عَنْ الْيَتِيمِ الْمَذْكُورِ الدِّمْنَةَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ وَبَعْدَ ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ كَذَلِكَ وَثَبَتَ أَيْضًا أَنَّ الْوَصِيَّ الْمَذْكُورَ بَاعَ ذَلِكَ طَائِعًا مُخْتَارًا مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا إجْبَارٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فَحَكَمَ بِمُوجَبِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَبِمُوجَبِ مَا ثَبَتَ لَدَيْهِ مِنْ الْمُسَوِّغَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَثُبُوتِ الطَّوْعِ وَالِاخْتِيَارِ وَأَرَادَ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ أَوْ الْيَتِيمُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ بُلُوغِهِ الدَّعْوَى بِأَنَّ صُدُورَ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ كَانَ بِالْجَبْرِ وَالتَّهْدِيدِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الطَّوْعِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمُسَوِّغَاتِ الشَّرْعِيَّةِ بِذَلِكَ أَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا تُقْبَلُ وَإِذَا أَرَادَ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ أَوْ الْيَتِيمُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لِلدِّمْنَةِ الْمَذْكُورَةِ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَأَنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَوْقَ ذَلِكَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِدَعْوَاهُ أَنَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ حَالَ الْبَيْعِ الصَّادِرِ مِنْ الْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ.
وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ شَافِعِيٌّ بِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ كَانَ ثَمَنَ الْمِثْلِ أَوْ لَا تُسْمَعُ وَهَلْ تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى وَلَوْ حَكَمَ بِالْأُولَى حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَصِيِّ لِلْإِكْرَاهِ بِقَرِينَةٍ وَكَذَا لِلنَّقْصِ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا ذَكَرَ عُذْرًا وَإِلَّا فَقَدْ فَسَقَ وَانْعَزَلَ وَأَمَّا دَعْوَى الْمَحْجُورِ إذَا بَلَغَ وَثَبَتَ رُشْدُهُ فَتُسْمَعُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا ثُمَّ إذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَأُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ وَبَيِّنَةٌ بِالِاخْتِيَارِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهُ نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ وَهُوَ الِاخْتِيَارُ نَعَمْ إنْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الِاخْتِيَارِ كَانَ مُكْرَهًا وَزَالَ الْإِكْرَاهُ حَالَ الْبَيْعِ كَأَنْ قَالَتْ الْأُولَى بَاعَ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَهُوَ مُكْرَهٌ وَقَالَتْ الثَّانِيَة بَاعَ عِنْدَهُ وَكَانَ مُكْرَهًا قَبْلَهُ وَزَالَ الْإِكْرَاهُ عِنْدَهُ قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ الَّتِي هِيَ بَيِّنَةُ الِاخْتِيَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute