للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُمْ لَا فَمَا الْفَرْقُ أُوضِحُوا الْقَوْلَ لَنَا فِي ذَلِكَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ مُوَلِّيه وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ النَّوَوِيِّ فَإِنَّ الضِّيَافَةَ لِتَأَكُّدِهَا سَامَحُوا فِيهَا مَا لَمْ يُسَامِحُوا فِي غَيْرِهَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَفْوِيتُ شَيْءٍ عَلَى الْيَتِيمِ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ الْوَلِيَّ هَيَّأَ ذَلِكَ الطَّعَامَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَتِيمِ ثُمَّ أَفْرَزَ مِنْهُ لِلْيَتِيمِ كِفَايَتَهُ فَبَقِيَتْ حِصَّةُ الْوَلِيِّ فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَكْلِهَا وَلَهُ أَنْ يُشْرِكَ غَيْرَهُ مَعَهُ فِيهَا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ أَشَارَ النَّوَوِيُّ لِمَا ذَكَرْتُهُ بِقَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْأَيْتَامِ حَيْفٌ فِي ذَلِكَ.

وَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِفَاءُ الْحَيْفِ إلَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا بِخِلَافِ الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا السَّائِلُ فَإِنَّ فِي إعْطَاءِ الْوَلِيِّ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَك بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَتِيمِ حَيْفًا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ أَضْيَافٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَزِيدَ لِأَجْلِهِمْ فِي الطَّعَامِ الَّذِي يَكْفِيه وَيَكْفِي يَتِيمَيْهِ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ فِيهِ حَيْفًا عَلَى الْيَتِيمِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ لَهُمْ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ التَّبَرُّعُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِفَلْسٍ حَرُمَ عَلَى الْوَلِيّ أَعَطَاؤُهُ وَعَلَى غَيْرِهِ قَبُولُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِصَبِيٍّ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ لِبَالِغٍ وَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا عَقَارٌ أَوْ مَعَهُ بَعْضُ مَا يُوَفِّي مَا عَلَيْهِ فَمَا الْحِلْيَة فِي جَوَازِ سَفَرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ سَفَرُ الْغَرِيمِ بِغَيْرِ إذْنِ دَائِنِهِ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَالْمَدِينُ مُوسِرًا فَإِذَا وُجِدَ هَذَانِ الشَّرْطَانِ فَلَا حِيلَةَ فِي جَوَازِ السَّفَرِ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّائِنِ وَإِنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ السَّفَرُ فَلَا يَحْتَاجُ لِحِيلَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَقَارَ يَجِبُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ فَلَا يَجُوز لِمَنْ لَهُ عَقَارٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ السَّفَرُ إلَّا إذَا بَاعَهُ وَوَفَّى بِهِ فَإِنْ فَضَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِلَا إذْنٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ بَيْعُ مَالِ الْيَتِيمِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا خَشِيَ عَلَيْهِ التَّلَفَ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَقَدْ أَفْتَى الْقَفَّالُ عَنْ ضَيْعَةٍ خَرَابٍ يُطْلَبُ مَالُهَا مِنْ الصَّبِيِّ وَتَسْتَأْصِلُ مَالَهُ فَقَالَ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَوْ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ بَيْعَ كُلِّ مَا خِيفَ غَصْبُهُ أَوْ هَلَاكُهُ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ الْغَزَالِيِّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ نَقْصُ الصَّغِيرَة عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْمَصْلَحَةِ وَأَخَذَ مِنْهُ ابْن عُجَيْلٍ مَسْأَلَتنَا وَمَثَّلَهُ بِمَا لَوْ أَبِقَ عَبْدُ الْمَحْجُورِ الْمُكْتَسِبِ مَالًا وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ وَمَا مَعَهُ فَبَاعَهُ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِ الْكَسْبِ مِنْهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَشَرَطَ أَنْ يَرُدَّ لَهُ الْكَسْبُ جَازَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ هَذَا وَعْدًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ نَظِيرَ قَوْلِهِمْ لَوْ زَادَ رَاغِبٌ وَقَدْ بَاعَ الْوَكِيلُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ انْفَسَخَ الْبَيْع وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَيُؤَيِّدُهُ تَجْوِيزُهُمْ تَعْيِيبَ مَالِ الْيَتِيمِ إذَا خِيفَ أَخْذُ ظَالِمٍ لَهُ كَقَضِيَّةِ السَّفِينَةِ مَعَ الْخَضِرِ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْأَزْرَقِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ سُرِقَ أَحْسَنُهُمَا وَلَمْ يَرُدَّهُ اللِّصُّ إلَّا بِأَخْذِ الْأَدْوَنِ جَازَ إعْطَاؤُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى بَيْنَ أَهْلِ بَلَدٍ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْبَيْعِ عَلَى الْيَتِيم إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَغَيْرِ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مَصْلَحَةٌ فِي مُبَادَلَةِ عَقَارٍ بِعَقَارٍ أَحْسَنَ مِنْهُ فَإِذَا اجْتَمَعَتْ أَكَابِرُ بَلْدَتَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ مُحَكَّمٍ وَبَادَلُوا بِحَدِيقَةٍ لِلْيَتِيمِ فِي حَدِيقَةٍ أُخْرَى أَحْسَنَ مِنْ حَدِيقَةِ الْيَتِيمِ وَظَنُّوا أَنَّ هَذِهِ الْمُبَادَلَةَ أَصْلَحُ لِلْيَتِيمِ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ وَلِيٌّ وَلَا قَاضٍ بِالْبَلَدِ جَازَ لِأَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ إذَا لَمْ يَكُونُوا تَحْتَ حُكْمِ أَحَدٍ أَنْ يُنَصِّبُوا قَاضِيًا فَإِذَا اتَّفَقُوا عَلَى نَصْبِ قَاضٍ كَانَ وَلِيًّا لِلْيَتَامَى فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ أَوْ يُفَوِّضَ إلَى عَدْلٍ أَمِينٍ يَتَصَرَّفُ فِي أَمْوَالِهِمْ بِالْمَصْلَحَةِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَعَلَى أَهْل تِلْكَ الْبَلَدِ أَنْ يُنَصِّبُوا قَاضِيًا وَالْقَاضِي يَبِيعُ تِلْكَ الْحَدِيقَةِ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ امْرَأَةٍ شَهِدَ لَهَا أَجْنَبِيٌّ بِالرُّشْدِ هَلْ يُقْبَلُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى الْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيّ وَغَيْرُهُ بِالْقَبُولِ وَأَنْكَرَهُ الْقَاضِي شَمْسُ الدَّيْن بْنُ خَلِّكَانَ بِأَنَّهُ خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ الْمَحَارِمِ وَلَفْظُهُ وَاخْتِبَارُ الْمَرْأَةِ مَعَ عِلْمِ صَلَاحِهَا لِقِلَّةِ مُخَالَطَتِهَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَبْعَدُ فَتَخْتَبِرُهَا النِّسَاءُ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ بِمِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>