للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَصْلَحَةِ الْمَيِّتِ وَالتَّعْلِيقِ بِالْعَيْنِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وَكَأَنَّ الْوَلِيَّ اسْتَدَامَ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِهَا عَنْ جِهَتِهِ فَهُوَ كَتَجَدُّدِ رَهْنِهَا مِنْ جِهَتِهَا بَعْدَ انْتِقَالِ الدَّيْنِ إلَى ذِمَّتِهِ سِيَّمَا إذَا تَعَرَّضَ رَبُّ الدَّيْنِ لِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى الْوَلِيِّ لِيَكُونَ بَاعِثًا عَلَى تَعْجِيلِ الْقَضَاءِ. اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ وَالِاتِّجَاهُ فِي دَوَامِ التَّعَلُّقِ وَادِّعَاءِ مَصْلَحَةِ الْمَيِّت فِيهِ مَمْنُوع فَلْيَتَأَمَّلْ. اهـ وَالتَّعَقُّب أَوْجَه؛ لِأَنَّ رِضَا الدَّائِن بِذِمَّةِ الْوَلِيّ فِيهِ فَكٌّ مِنْهُ لِلتَّرِكَةِ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ فَكَيْف مَعَ تَعَلُّقِ حَقّه بِذِمَّةِ الْوَلِيّ وَانْتِقَاله مِنْ ذِمَّة الْمَيِّت وَفَرَاغهَا مِنْهُ تَبْقَى التَّرِكَة مَرْهُونَة بِدَيْنٍ لَيْسَ عَلَى الْمَيِّت مِنْهُ شَيْءٌ وَدَعْوَى أَنَّ مَصْلَحَةَ الْمَيِّتِ تَقْتَضِي التَّعَلُّقَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئْت مِنْ الدَّيْنِ بِكُلِّ وَجْه فَلَا يَعُود عَلَيْهِ مَنْفَعَة بِتَعَلُّقِ الدَّيْن بِالتَّرِكَةِ وَعَدَم تَعَلُّقِهِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ بَعْد أَنْ اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّة الْوَلِيّ وَفَرَغَتْ ذِمَّة الْمَيِّت مِنْهُ صَارَ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِذِمَّتِهِ سَوَاء أَدَّاهُ الْوَلِيّ أَمْ لَمْ يُؤَدِّهِ نَعَمْ إنْ تَعَرَّضَ الدَّائِن لِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَى الْوَلِيّ اُحْتُمِلَ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ الشَّرْطِ وَالْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ وَأَنْ يُقَالَ بِبُطْلَانِهِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ أَصْلُ التَّحَمُّل لِاقْتِرَانِهِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ أَوْ لَا كُلٌّ مُحْتَمَل وَالْأَوَّلُ أَعْنِي صِحَّةَ الشَّرْطِ وَالْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهُ غَيْرُ بَعِيدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَيِّتِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ الدَّائِنَ لَمْ يَرْضَ بِتَحَمُّلِ الْوَلِيِّ إلَّا بِهَذَا الشَّرْطِ فَلَوْ لَمْ نُصَحِّحْهُ لَبَقِيَ التَّعْلِيقُ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ مُسْتَمِرًّا، وَاَللَّه أَعْلَم

(وَسُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ الضَّمَان لِغَائِبٍ عَلَى غَائِبٍ وَهُوَ عَارِفٌ لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالْمَضْمُونَ لَهُ وَبِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَصِحُّ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ فَقَدْ قَالُوا شَرْطُ الضَّامِنِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ وَشَرْطُ الْمَضْمُونِ لَهُ مَعْرِفَةُ عَيْنِهِ فَلَا يَكْفِي مَعْرِفَةُ وَكِيلِهِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَلَا رِضَاهُ بَلْ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ ضَامِنٍ وَالْمُؤَدَّى بِإِذْنِ الْغَرِيمِ وَلَا يُشْتَرَط رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَلَا قَبُولُهُ وَلَا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ عَنْ الْمُعْسِرِ وَالرَّقِيقِ وَالْمَجْهُولِ وَالْمُنْكَرِ وَشَرْطُ الْمَالِ الْمَضْمُونِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا ثَابِتًا لَازِمًا أَوْ أَصْلُهُ اللُّزُومُ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ، وَاَللَّه أَعْلَم

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَجُلٍ يَعْلَمُ دَيْنَ مُورَثِهِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ وَلَا يَعْلَمُ كَمْ نَصِيبُهُ مِنْهُ فَأَبْرَأَ زَيْدًا مِنْهُ مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) إذَا عَلِمَ دَيْنَ مُورَثِهِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ كَمْ نَصِيبُهُ فَأَبْرَأَ مِنْ الْجَمِيعِ الْمَعْلُومِ لَهُ صَحَّ الْإِبْرَاءُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ نَقْلًا عَنْ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ يُسْتَثْنَى مِنْ الْإِبْرَاءِ بِالْمَجْهُولِ مَا إذَا ذَكَرَ غَايَةً يَعْلَم أَنَّ حَقَّهُ دُونَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَ حَقِّهِ فَكَمَا صَحَّ هُنَا مَعَ جَهْلِهِ بِقَدْرِ دَيْنِهِ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ فِي مَسْأَلَتنَا؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ يَعْلَمُ أَنَّ حَقَّهُ دُونَهُ بَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ ذَاكَ؛ لِأَنَّ مِنْ صُوَرِهِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ مِائَةٍ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ أَنَّ دَيْنَهُ دُونَهَا لَكِنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَالَ مُورَثِهِ وَلَا يَعْلَمُ كَمْ لَهُ مِنْهَا فَإِذَا صَحَّ الْإِبْرَاءُ فِي تِلْكَ صَحَّ فِي هَذِهِ فَالصُّورَتَانِ دَاخِلَتَانِ تَحْتَ كَلَامِهِمْ الَّذِي ذَكَرْته وَكَذَا تَحْتَ قَوْلِ الْأَنْوَار وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبْرِئ مِنْ مَجْهُولٍ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَذْكُرَ عَدَدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ حَقَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا أَوْ أَلْفٍ فَيَقُولُ أَبْرَأْتُك مِنْ مِائَةٍ أَوْ أَلْفٍ ثُمَّ رَأَيْت الْأَصْبَحِيَّ أَفْتَى بِمَا ذَكَرْته، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَالَهُ ثُمَّ قَضَاهُ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ؟

(فَأَجَابَ) إذَا أَحَالَ دَائِنُهُ عَلَى مَدِينِهِ انْتَقَلَ الدَّيْنُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ ذَلِكَ الدَّيْنَ الَّذِي أَحَالَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَاءَ عَنْهُ كَانَ الْمُحِيلُ حِينَئِذٍ مُتَبَرِّعًا بِالْأَدَاءِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ نَعَمْ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى إلَيْهِ ظَانًّا أَنَّ ذِمَّتَهُ مَشْغُولَةٌ لَهُ إلَى الْآن وَإِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَنْتَقِلْ لِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهَا مَعَ بَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ أَيْضًا كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ مُقْتَضِيًا لِرُجُوعِهِ عَلَى مَنْ أَدَّى إلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَنَى الْإِعْطَاءَ لَهُ عَلَى ظَنٍّ بَانَ خَطَؤُهُ وَلَا يُقَالُ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَحْو الْعِبَادَات وَحَيْثُ لَا عُذْر وَإِلَّا فَقَدْ يُعَوِّلُونَ عَلَى الظَّنِّ وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ إذَا عُذِرَ الظَّانُّ بِقِيَامِ قَرِينَةٍ تَقْتَضِي مَا ظَنَّهُ وَالْقَرِينَةُ هُنَا قَوِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ ذِمَّتَهُ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِالدَّيْنِ وَكَوْنُهُ يَنْتَقِلُ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ بِالْحَوَالَةِ أَمْرٌ يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ فَمَنْ ظَنَّ خِلَافَهُ مَعْذُورٌ بِلَا شَكٍّ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>