للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ بَيْعُ مَالِ الْيَتِيمِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا خَشِيَ عَلَيْهِ التَّلَفَ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَقَدْ أَفْتَى الْقَفَّالُ عَنْ ضَيْعَةِ خَرَابٍ يُطْلَبُ مَالُهَا عَنْ الصَّبِيّ وَيَسْتَأْصِلُ مَالَهُ فَقَالَ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَوْ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَقَضِيَّته أَنَّ لَهُ بَيْعُ كُلِّ مَا خِيفَ غَصْبُهُ أَوْ هَلَاكُهُ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاءُ الْغَزَالِيِّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ نَقْصُ الصَّغِيرَةِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ

لِلْمَصْلَحَةِ

وَأَخَذَ مِنْهُ ابْن عُجَيْلٍ مَسْأَلَتنَا وَمَثَّلَهُ بِمَا لَوْ أَبَقَ عَبْدُ الْمَحْجُورِ الْمُكْتَسِبِ مَالًا وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ وَمَا مَعَهُ فَبَاعَهُ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِ الْكَسْبِ مِنْهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَشَرَطَ أَنْ يَرُدَّ لَهُ الْكَسْبَ جَازَ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ هَذَا وَعْدًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ لَوْ زَادَ رَاغِبٌ وَقَدْ بَاعَ الْوَكِيلُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهُ عَلَى الزِّيَادَةِ وَيُؤَيِّدُهُ تَجْوِيزُهُمْ تَعْيِيبَ مَالِ الْيَتِيمِ إذَا خِيفَ أَخْذُ ظَالِمٍ لَهُ كَقَضِيَّةِ السَّفِينَةِ مَعَ الْخَضِرِ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الْأَزْرَقِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ سُرِقَ أَحْسَنُهُمَا وَلَمْ يَرُدَّهُ اللِّصُّ إلَّا بِأَخْذِ الْأَدْوَنِ جَازَ إعْطَاؤُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) فِي شَخْصٍ قَيِّمٍ عَلَى مَحْجُورٍ بَالِغٍ دَفَعَ إلَيْهِ مَبْلَغًا لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَيَخْتَبِرَ بِهِ فَأَتْلَفَهُ فَهَلْ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي وَتَلِفَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يُحْسَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ أَوْ لَا وَهَلْ إذَا اسْتَدَانَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَمْ يَحْكُمْ بِدَفْعِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَوَفَّى الْقَيِّمُ عَنْهُ ذَلِكَ يُحْسَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ أَوْ لَا وَمَا حُكْمُ اللَّهِ فِي ذَلِكَ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ؟

(فَأَجَابَ) إذَا دَفَعَ الْوَلِيُّ الْمَالَ إلَى مَحْجُورِهِ قُبَيْلَ الْبُلُوغِ لِلْمُمَاكَسَةِ الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا اخْتِبَارُهُ فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمَحْجُورِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فَإِذَا دَفَعَهُ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ كَذَلِكَ ضَمِنَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الِاخْتِبَارَ وَقْتُهُ قُبَيْلَ الْبُلُوغِ وَأَمَّا اسْتِدَانَةُ الْمَحْجُورِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ رَشِيدٍ وَتَلِفَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِرَدِّهِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْهُ يَضْمَنُهُ الْمَحْجُورُ فَإِذَا أَدَّاهُ وَلِيُّهُ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمَحْجُورِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَدَاءُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ رَشِيدٍ وَتَلِفَ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ بِرَدِّهِ لَا يَضْمَنُهُ الْمَحْجُورُ فَإِذَا أَدَّاهُ الْوَلِيُّ حِينَئِذٍ ضَمِنَهُ وَقَوْلُنَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْمَحْجُورُ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَالْإِقْرَارِ أَنَّ الْمَحْجُورَ يَضْمَنُهُ بَعْدَ انْفِكَاك الْحَجْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَم.

(وَسُئِلْتُ) عَمَّا لَوْ قِيلَ لِامْرَأَةٍ أَبْرِئِي فُلَانًا مِنْ مَهْرِك وَهُوَ فِي أَرْضِي الْفُلَانِيَّةِ وَفِي الضَّمَانِ وَالرَّهْن مِنْ الْقُوتِ مَا يَنْبَغِي مُرَاجَعَته فِي ذَلِكَ (فَأَجَبْت) الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ صِحَّةُ الْبَرَاءَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَبْرَأَتْهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِأَرْضِهِ مَثَلًا فَلَيْسَ مِنْ بَابِ ضَمَانِ الدَّيْنِ فِي رَقَبَةِ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هُنَاكَ مَوْجُودٌ ثَابِتٌ عِنْدَ الضَّمَانِ فَصَحَّ تَعَلُّقُهُ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ أَمْوَالِ الضَّامِنِ وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهَا لِتَعَلُّقِ الْمَهْرِ بِأَرْضِهِ مَثَلًا إبْرَاءَهَا مِنْهُ وَبِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا شَيْءٌ حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ فَاتَّضَحَ أَنَّ هَذَا لَغْوٌ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ وَإِحَالَةُ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ وَبِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ عَلَى مَا فِي الْقُوتِ إنْ كَانَتْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كَلَامَهُ يُؤْخَذُ مِنْ عُمُومِهِ ذَلِكَ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقُوتِ بِذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَتْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهِ بِخُصُوصِهَا فَالْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ بِحَسَبِ النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي فَإِنِّي فَتَّشْت فِيهَا بَابَيْ الضَّمَانِ وَالرَّهْنِ فَلَمْ أَرَ لِخُصُوصِ مَسْأَلَة السُّؤَال ذِكْرًا فِيهِ أَصْلًا فَإِمَّا أَنَّ السَّائِلَ أَرَادَ الْمَعْنَى الْأَوَّل أَوْ أَنَّ فِي نُسْخَتِهِ زِيَادَةٌ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلْيَنْظُرْ مَا قُلْته مَعَ مَا فِي نُسْخَتِهِ فَإِنْ وَافَقَهُ فَلِلَّهِ أَتَمُّ الْحَمْدِ وَأَكْمَلَهُ وَإِنْ خَالَفَهُ فَلْيُرْسِلْ إلَيَّ بِالْعِبَارَةِ حَتَّى أَنْظُر فِيهَا وَفِي الرَّوْضَة عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ مَا يَقْرَبُ مِنْ مَسْأَلَتنَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَيَّ لَمْ يَصِحَّ الْتِزَامُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَلَوْ بَاعَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ مَالِكِ الْمَبِيعِ نَعَمْ إنْ تَوَلَّى الْآمِرُ الْعَقْدَ صَحَّ لَكِنْ إنْ تَوَلَّاهُ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَّلَهُ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَن فِيهِمَا وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْأُولَى وَإِنْ قَالَ بِعْهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَأَنَا أَدْفَعُهُ لَك فَهُوَ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ فَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَة أَنَّ الْحَالَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>