للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ وَالنَّاذِرَ مَاتَ وَهُمْ لَمْ يَنْذِرُوا أَمْ عَلَيْهِمْ الْإِمْهَال؛ لِأَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ كَذَلِكَ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ.

وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَوَّلُ هَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَطْلُبُهُ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ فَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ مَا لِي عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَصِيرُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَمِرًّا عَلَى الْحُلُولِ وَيَكُونُ الْتِزَامُ التَّأْجِيلِ مَعْنَاهُ الْتِزَامُ عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ أَوْ يُقَالُ هُنَا إنَّهُ تَأْجِيل لِلنَّصِّ عَلَى الْتِزَامِ التَّأْجِيل بِخُصُوصِهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ فَفِيهَا مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ حَرْفًا بِحَرْفٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَنْفِيذهَا بِتَأْخِيرِ الطَّلَب تَأْجِيلُ الدَّيْنِ بَلْ هُوَ بَاقٍ بِصِفَةِ الْحُلُولِ وَلَكِنَّ تَنْفِيذَهَا مَنَعَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِهِ عَلَى حُكْمِ الْحُلُولِ كَالْمُعْسِرِ إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ لَوْ أَوْصَى مَنْ لَهُ دَيْنٌ حَالٌّ بِإِمْهَالِهِ مُدَّةً فَعَلَى وَرَثَتِهِ إمْهَالُهُ وَلَمْ يَقُولَا إنَّ الدَّيْنَ تَأَجَّلَ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الَّتِي زَادَهَا وَادَّعَى أَنَّهَا أَوْلَى مَمْنُوعَة كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ أَوْ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مَعَ اعْتِبَارِ اللَّوَاحِقِ فِي مَجْلِسِ التَّخَايُرِ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي إذْ اللَّاحِقُ فِي الْمَجْلِسِ كَالْوَاقِعِ فِي طَلَب الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ فَالثَّمَنُ إنَّمَا هُوَ مُؤَجَّلٌ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ بِهِ بِصِفَتِهِ لَا أَنَّهُ كَانَ حَالًّا ثُمَّ تَأَجَّلَ؛ لِأَنَّ الثَّمَن كَمَا يُرَاعَى فِي مِقْدَارِهِ تُرَاعَى صِفَته وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِي نَحْو عَقَدِ التَّوْلِيَةِ هَلْ يَدْخُل الْمُلْحَقُ فِي زَمَن الْخِيَارِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَدَعْوَى ابْن الرِّفْعَةِ التَّأْجِيلَ بَعْدَ الْحُلُولِ لَا تَتِمُّ إلَّا إذَا ثَبَتَ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ وَكَوْنُهُ مَمْلُوكًا وَذَلِكَ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا مَلَك الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَالْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ وَمَا دَامَ زَمَنُ الْخِيَارِ لَهُمَا بَاقِيًا فَالِانْتِقَالُ غَيْرُ وَاقِعٍ

لِأَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ فَمَلَكَ الْمَبِيع لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَمِلْكه لَهُ أَوْ لَهُمَا فَمَوْقُوفٌ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَالْمَجْلِسِ لَكِنَّ صُورَةَ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّمَا تَتَأَتَّى إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ إلْحَاقَ الْأَجَلِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا يَصِحُّ حَيْثُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَإِلَّا فَمَتَى لَزِمَ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ انْفَسَخَ لَمْ يُمْكِنْ الْإِلْحَاقُ فَمُرَادُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ أُلْحِقَ الْأَجَلُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَلَمْ يَلْزَمْ الْعَقْدُ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا وَلَا انْفَسَخَ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْقَفَّالِ وَهِيَ أَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا ثَبَتَ إفْلَاسُهُ حَلَّ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَذَلِكَ وَجْهٌ أَوْ قَوْلُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ بَاقٍ بِأَجَلِهِ بَلْ بَقِيَّةُ كَلَامِ الْقَفَّالِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ آثَارَ الْأَجَلِ بَاقِيَةٌ لَمْ تَنْقَطِعْ قَطْعًا حَقِيقِيًّا لِعَوْدِهِ مُؤَجَّلًا كَمَا كَانَ إذَا أَيْسَر وَلَمْ يُطَالِبْهُ حَتَّى انْفَكَّ الْحَجَرُ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ السَّلَمِ فَقَدْ عُلِمَ جَوَابَهَا مِنْ مَسْأَلَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُل زَوَّجَ ابْنَهُ عَلَى صَدَاقٍ ضَمِنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ الِابْنُ عَنْ تَرِكَةٍ تَفِي بِهِ فَأَرَادَ وَارِثُهُ أَخْذَ الصَّدَاقِ مِنْ الْأَبِ الضَّامِنِ وَتَبْقَى التَّرِكَةُ مِيرَاثًا لِضَمَانِهِ بِلَا إذْنٍ فَهَلْ يُجَابُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ أَفْتَى التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَالْبُرْهَانُ الْمَرَاغِيُّ بِأَنَّ لِلضَّامِنِ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْأَدَاءِ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ مِنْ التَّرِكَةِ قَالَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ تَعَلَّقَ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِالْمَوْتِ وَإِذَا تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِالذِّمَّةِ وَالْعَيْنِ كَانَ لِمَنْ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْأَدَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِهِ رَهْنٌ لَا يُلْزَمُ بِأَدَاءٍ إذَا أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ وَأَيْضًا فَالدَّيْنُ لَا يَنْفَكُّ بِالضَّمَانِ مِنْ ذِمَّةِ الْأَصِيل فَإِذَا مَاتَ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ وَلَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَلَوْ جَازَ إلْزَامُ الضَّامِنِ بِالْأَدَاءِ وَأَنْ تَبْقَى التَّرِكَةُ لِلْوَارِثِ لَقُدِّمَ الْإِرْثُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ ثُمَّ وَجَدْت فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ لِشَيْخِنَا الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ مَاتَ الْأَصِيلُ فَأَرَادَ الْكَفِيلُ إلْزَامَ رَبِّ الدَّيْنِ بِقَبْضِهِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ وَفِي النِّهَايَةِ وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِتَمَامِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ الْأَجَلَ إذَا ثَبَتَ مَقْصُودًا فِي حَقِّ الضَّامِنِ وَلَوْ مَاتَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ وَحَكَمْنَا بِحُلُولِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَكَانَتْ تَرِكَتُهُ عِنْدَهُ وَافِيَةً فَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ لَسْت أَطْلُبُ حَقِّي مِنْ التَّرِكَةِ فَهَلْ لِلضَّامِنِ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ حَقَّك مِنْهَا نَاجِزًا أَوْ تُبْرِئَنِي فَعَلَى وَجْهَيْنِ أَظْهَرهُمَا فِي النَّقْلِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَالثَّانِي لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْقِيَاسِ اهـ.

وَمَا أَفْتَى بِهِ مِمَّا ذُكِرَ ظَاهِرٌ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>