النُّفُوذِ؛ لِأَنَّهُ وُكِّلَ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَطْعُ الرَّجْعَةِ. اهـ.
وَعِبَارَتُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ كَعِبَارَتِهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهَا وَوَجْهُ تَوَقُّفِهِمَا مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْخُلْعَ أَحَدَ نَوْعَيْ الطَّلَاقِ وَالتَّوْكِيلِ فِي جِنْسِ تَوْكِيلٍ فِي أَنْوَاعِهِ لَكِنْ مَتَى اقْتَضَى الْعُرْفُ التَّخْصِيصَ بِنَوْعٍ حَمَلَ عَلَيْهِ. اهـ.
وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ احْتِمَالَيْنِ وَجَزَمَ فِي الْأُولَى بِعَدَمِ النُّفُوذِ مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ إمَّا صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةٌ فَإِنْ كَانَ صَرِيحًا لَمْ يَضُرَّ اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ خَالَعْتُكِ أَوْ خَالِعْنِي بِكَذَا فَقَالَ طَلَّقْتُك أَوْ وَكِّلْ وَكِيلًا بِالطَّلَاقِ فَقَالَ فَارَقْتُك أَوْ سَرَّحْتُك وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ وَأَقُولُ يُؤَيِّدُ هَذَا التَّوَقُّفَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ لَوْ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ تَعَيَّنَ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا فَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ شَيْئًا تَخَيَّرَ بَيْن الشِّرَاءِ بِالْعَيْنِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يَتَنَاوَلُ الْأَمْرَيْنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ فَكَذَا يُقَالُ هُنَا التَّوْكِيلُ الْمُطْلَقُ يَتَنَاوَلُ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ عِوَضٍ فَلَمْ يُخَالِفْ الْمُوَكِّل فَكَانَ الْقِيَاسُ الْوُقُوعَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَجَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ بِمَالٍ بِعَدَمِ النُّفُوذِ حَيْثُ تُصُوِّرَتْ الرَّجْعَةُ قِيَاسًا عَلَى الْأُولَى وَهِيَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فَخَالَعَ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَقَرَّهُ وَإِنْ عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلٍ؛ لِأَنَّهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَيْسَتْ لِلتَّضْعِيفِ مِنْ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي أَبْدَاهُ الْبُوشْنَجِيُّ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَمِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأُولَى مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا أَوْقَعَهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ وَلَا يَثْبُت الْمَالُ حَيْثُ كَانَ فِي ثُبُوتِهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ وَكَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ قَوْله أَنْ يُطَلِّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِذَا طَلَّقَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَثْبُتُ لَكِنْ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ هَذَا مَحَلُّ النَّظَرِ وَالْأَشْبَهُ الْوُقُوعُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْقَفَّالِ وَلَا يُنْظَرُ حِينَئِذٍ إلَى تَخَالُفِ لَفْظِ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ إمَّا صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَة وَلَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْ زَوْجَتِي فَطَلَّقَهَا بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ وَنَوَى وَقَعَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَيْضًا فَلَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ خَالَعْتُكِ وَقَعَ إذَا قُلْنَا إنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ. اهـ. ثُمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي لِلْبُوشَنْجِيِّ أَيْ وَهُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ قَضِيَّةَ تَوْكِيلِهِ أَنْ يُمَلِّكَهَا بُضْعَهَا مَجَّانًا فَإِذَا مَلَّكَهَا إيَّاهُ بِعِوَضٍ لَغَا تَصَرُّفَهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ أَنْ يَهَبَهَا عَيْنًا فَبَاعَهَا مِنْهَا فَتَأَمَّلْهُ اهـ.
وَفِيمَا وَجَّهَ بِهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُهُ قَضِيَّةُ تَوْكِيلِهِ أَنْ يُمَلِّكَهَا بُضْعَهَا مَجَّانًا مَمْنُوعٌ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الطَّلَاقِ جِنْسٌ تَحْتَهُ نَوْعَانِ هُمَا الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ عِوَضٍ فَالتَّوْكِيلُ فِي الطَّلَاقِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْعِوَضِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْعِوَضَ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فِي الْهِبَةِ فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ مَا هُنَا عَلَى التَّوْكِيلِ فِي الْهِبَةِ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ طَلَّقَهَا لَيْسَ بِعَامٍّ فِي الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ فَلْيُحْمَلْ عَلَى الرَّجْعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَال لَمْ يَتَعَرَّض لَهُ وَالْأَصْل عَدَمُهُ قُلْت هُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا لَكِنَّهُ مُطْلَقٌ وَالْمُطْلَقُ فِيهِ شُمُولٌ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِيَّةِ بِخِلَافِ الْعَامِّ فَإِنَّ الشُّمُولَ فِيهِ عَلَى جِهَةِ الْمَعِيَّةِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَفْظ الْمُوَكِّل يَتَنَاوَلُ الْأَمْرَيْنِ لَكِنْ إنْ قُلْنَا بِالْعُمُومِ تَنَاوَلَهُمَا مَعًا أَوْ بِالْإِطْلَاقِ تَنَاوَلَهُمَا عَلَى الْبَدَلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَقْتَضِي تَقْرِيرَ الْبُوشَنْجِيِّ عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ عَدَم الْوُقُوعِ فِيهَا إلَّا أَنْ يُجْعَلَ تَوَقُّفُهُمَا فِي الْحُكْمِ فِي قَوْلِهِمَا حُكْمًا عَائِدًا إلَيْهَا وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْجَهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَقِيَاس كَلَامِهِمْ فِي الْوَكَالَة كَمَا قَدَّمْته الْوُقُوعَ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَة وَاعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرَاهُ هُنَا عَنْهُ مِنْ عَدَمِ النُّفُوذِ حَيْثُ أَدَّى إلَى بُطْلَانِ الرَّجْعَةِ بِمَا نَقَلَاهُ بَعْدُ عَنْ الْقَفَّال وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفِ وَقَعَ رَجْعِيًّا فَلَا مَال وَرُدَّ بِأَنَّ صُورَةَ مَا هُنَا كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ فِي الْعَدَدِ وَكَلَامُ الْقَفَّالِ فِيمَا إذَا خَالَفَ فِيهِ وَلَك أَنْ تَرُدَّ هَذَا الرَّدَّ بِأَنَّهُ كَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَصْلًا فِي مَسْأَلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute