للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْمُحْرِمِ بَاقِيَةٌ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِهَا هُنَا.

وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَكَّلَ ثُمَّ أَحْرَمَ لَمْ يَنْعَزِلْ وَلَوْ وَكَّلَ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِهِ وَهِيَ غَيْرُ مُزَوَّجَةٍ ثُمَّ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ أَوْ وَكِيلٌ لَهُ آخَرُ انْعَزَلَ فَلَوْ طَلَقَتْ وَزَالَ الْمَانِعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ بِتِلْكَ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ يَقْتَضِي انْعِزَالَهُ وَعَجِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْمُخَالِفِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى دُخُولِ رَمَضَانِ إنَّمَا هُوَ الْإِخْرَاجُ لَا الْإِذْنُ فِيهِ إذْ الْإِذْنُ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ وَإِنْ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الْخَاصِّ فِي الْحَالِ فَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ فِي الْأَهْلِيَّةِ إذْ الْأَهْلِيَّةُ لَا تَتَجَدَّد بِدُخُولِ الْوَقْتِ كَمَا لَا تَتَجَدَّدُ بِزَوَالِ الْإِحْرَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ هَذَا الْمُوَكِّلِ الْآنَ إخْرَاجُ فِطْرَةِ الْعَامِ الْمَاضِي - وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَصْحَابُ صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بِذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْي وَتَقْدِيمِ النِّيَّةِ فِيهِمَا وَتَفْوِيضِهَا لِلْوَكِيلِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ وَوَجْهُ الْعَجَبِ أَنَّ قَوْلَهُ وَمَعْلُومٌ إلَى قَوْلِهِ أَلَا تَرَى كُلَّهُ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا فَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ وَلَا مَظْنُونٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ أَلَا تَرَى فَلَا يَصْلُحُ دَلِيلًا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلِهَذَا إلَخْ فَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ دُخُولِ الْوَقْتِ أَيْضًا قَالَ وَقَدْ اتَّضَحَ لِي دَلِيلُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ فَتَلْت قَلَائِدَ هَدْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا أَوْ قَلَّدَتْهَا ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلٌّ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا أَيْضًا عَنْهَا أَنَّهَا فَتَلَتْ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَحْرُمْ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّه تَعَالَى لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ» وَجْه الِاسْتِدْلَال أَنَّ وَقْت ذَبْحِ الْهَدْي الْمُتَطَوَّعِ بِهِ إنَّمَا يَدْخُلُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ عِنْدَنَا أَوْ بِبُلُوغِ الْمَحَلِّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَالْبَعْثُ الْمَذْكُورُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي حَجِّهِ بِالنَّاسِ عَامَ سَنَةِ تِسْعٍ كَمَا قَالَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي كَوْنِهِ قَبْلَ الْوَقْت الْمَذْكُور إلَى آخِر مَا ذَكَرَهُ وَجَوَابه أَنَّ هَذِهِ وَاقِعَةٌ حَالَ تَطَرَّقَ إلَيْهَا احْتِمَالُ أَنَّ هَذِهِ هَدْيٌ مَنْذُورٌ أَوْ مُتَطَوَّعٌ بِهِ.

وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ تَطَوُّعًا فَهُوَ احْتِمَال قَرِيبٌ فَسَقَطَ بِهَا الِاسْتِدْلَال وَالْمَنْذُورُ بِجَوَازِ إرْسَالِهِ مَعَ الْغَيْرِ كَمَا قَالُوهُ فِي أَوَاخِرِ بَاب النَّذْر وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَوْكِيلٌ قَبْل الْوَقْتِ إلَّا أَنَّ الضَّرُورَةَ أَلْجَأَتْ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إرْسَالُهُ وَقَدْ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ السَّفَرُ فَجَوَّزَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْوَقْت لِلضَّرُورَةِ وَمَا جَازَ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ قَبْلَ وَقْتِهِ إنْ كَانَتْ وَقْتَ السَّيْرِ الْمُعْتَاد وَصِحَّةِ إذْنِ الْمَغْصُوب فِيهِ مُطْلَقًا وَأَيْضًا تَطَرَّقَ إلَيْهَا احْتِمَالُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَلَّكَهَا لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَطُرُوقُ هَذَا كَافٍ فِي دَفْعِ الِاسْتِدْلَالِ الْمَذْكُورِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ أَعْطَى وَكِيلَهُ دِينَارًا وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ بِهَذَا شَيْئًا فَهَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ بِعَيْنِهِ حَتَّى إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ أَوْ لَا فَيَتَخَيَّرُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هُنَا وَصَرِيحُهُ فِي قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ بِهَذَا الدِّينَارِ شَاةً جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِهِ وَفِي الذِّمَّةِ أَنَّهُ هُنَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ الشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ وَبِالْعَيْنِ وَفِي الْحَالَتَيْنِ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ لَكِنْ سَوَّى بَعْضُ الْأَصْحَابِ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَعَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ يَقَع لَهُ وَإِلَى اخْتِيَارِ هَذَا يُومِئُ كَلَامُ بَعْضِ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ آخَرَ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَخَالَعَ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي طَلَاقِهَا فَخَالَعَ فَإِنْ قُلْنَا الْخُلْعُ فَسْخٌ لَمْ يَنْفُذْ وَإِنْ قُلْنَا طَلَاقٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ الَّذِي يَجِيء عَلَى أَصْلِنَا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ الرَّجْعَة إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ.

قَالَ وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ عَلَى مَالٍ إنْ كَانَ بِحَيْثُ تُتَصَوَّرُ الرَّجْعَةُ لَمْ يَنْفُذ وَإِنْ لَمْ تُتَصَوَّرْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ لَهُ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ فَذَكَرَ فِي نُفُوذِهِ احْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ غَرَضُهُ مَعَ فَائِدَةٍ أُخْرَى لَكِنَّهُ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ التَّوْكِيل الْمُطْلَقِ وَقَدْ يَتَوَقَّفْ فِي بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ حَمْلًا وَدَلِيلًا. اهـ. وَعِبَارَةُ أَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّذِي يَجِيءُ عَلَى أَصْلِنَا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ لِلْخُلْعِ صِيغَةً وَلِلطَّلَاقِ صِيغَةً فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَيُقْطَعُ بِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>