للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضَيَّقُوا فِيهِ فَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْأُمُورِ التَّقْدِيرِيَّة بِخِلَافِ نَحْو الْبَيْع فَيُقَدَّرُ دُخُول الثَّوْب فِي مِلْكِ الْآمِرِ كَمَا فِي أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا وَبِهَذَا تَعْلَمُ صِحَّةَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَامِدٍ ثَانِيًا مِنْ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ خِلَافًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ إذْ لَيْسَ فِيهَا تَقْدِيرُ دُخُول شَيْءٍ فِي مِلْكِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ لَهُ بِالْأَلْفِ صَارَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا أَذِنَ فِي الْمَجْلِس لِلْوَكِيلِ فِي دَفْعِهَا عَنْهُ كَانَ ذَلِكَ قَضَاءً لِدَيْنِهِ وَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ فَإِنَّهُ إذَا جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ مَالِهِ اُحْتِيجَ إلَى تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُوَكِّلِ وَذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي السَّلَمِ كَمَا تَقَرَّرَ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ مَسْأَلَةُ التَّوْكِيلِ فِي السَّلَمِ مُسَاوِيَةٌ لِمَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ فِي الشِّرَاءِ مَرْدُودٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّ الْوَرَع لِمَنْ اشْتَرَى زَكَوِيًّا مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يُزَكَّى أَنْ يَسْتَأْذِنهُ فِي إخْرَاجهَا عَنْهُ مِنْ الْمَبِيعِ وَيَتَبَرَّعُ بِذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ بِمُقَابِلِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَائِعُ فَالسَّاعِي فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْقَاضِي بِنَاءً عَلَى شُمُولِ تَوْلِيَتِهِ لِلنَّظَرِ فِي أَمْوَالِ الزَّكَاةِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْهَرَوِيِّ هَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْت الْمَالِكِ وَإِلَّا اسْتَقَلَّ بِالْإِخْرَاجِ إذْ لِلْأَجْنَبِيِّ التَّبَرُّعُ عَنْ الْمَيِّت بِإِخْرَاجِ الزَّكَاة عَنْهُ وَبِتَبَرُّعِهِ يَتَبَيَّنُ الْمِلْكُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ مِنْ الْمَبِيعِ لِلْوَرَثَةِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِمْ.

(وَسُئِلَ) عَنْ غَرِيبٍ اسْتَنَابَ فِي قَبْضِ الزَّكَاةِ فَهَلْ تَصِحُّ وَإِنْ غَابَ وَهَلْ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ يَسْتَحِقُّونَ أَيْ الْأَصْنَاف الزَّكَاة يَوْم الْقِسْمَةِ وَعَنْ نَصٍّ آخَرَ يَسْتَحِقُّونَ يَوْم الْوُجُوب وَعَنْ الْأَصْحَابِ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ إلَّا ثَلَاثَة أَوْ أَقَلَّ أَيْ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَمَنَعْنَا النَّقْل فَيَسْتَحِقُّونَ يَوْم الْوُجُوب حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ.

وَإِنْ غَابَ أَوْ أُسِرَ فَحَقُّهُ بِحَالِهِ وَإِنْ قَدِمَ غَرِيبٌ لَمْ يُشَارِكهُمْ وَحُمِلَ الْأَوَّل عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْحَصِرُوا فِي ثَلَاثَة أَوْ كَانُوا وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ فَيَسْتَحِقُّونَ بِالْقِسْمَةِ فَلَا حَقَّ لِمَنْ غَابَ أَوْ مَاتَ أَوْ أُسِرَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِنْ قَدِمَ غَرِيبٌ شَارَكَهُمْ. اهـ.

وَبِهِ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إنْ كَانَ مِنْ الْمَحْصُورِينَ وَحَضَرَ يَوْمَ الْوُجُوبِ صَحَّتْ اسْتِنَابَتُهُ وَإِنْ غَابَ بَعْدُ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ إذْ لَا حَقَّ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ اسْتَحَقَّ إنْ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَلَا يَكْفِي حُضُورُ وَكِيلِهِ حِينَئِذٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ تِلْمِيذُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَإِنْ تَرَدَّدَ الْأَصْبَحِيُّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ حَقٌّ حَتَّى يُوَكِّلَ فِي قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ لَلْمُفَرِّقَ أَنْ يَحْرِمَهُ وَيُعْطِيَ غَيْره فَأَيُّ شَيْءٍ تَعَيَّنَ لَهُ حَتَّى يُوَكِّلَ فِي قَبْضِهِ وَأَمَّا التَّوْكِيلُ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْر فَيَجُوزُ وَفِيهِ وَجْهٌ مَرْجُوحٌ وَشَرْطُ الْجَوَازِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ دُخُولُ رَمَضَانَ إذْ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا إلَّا حِينَئِذٍ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوز التَّوْكِيل فِيهَا لِامْتِنَاعِ إخْرَاجهَا وَقَدْ قَالُوا شَرْطُ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ صِحَّةُ مُبَاشَرَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا وَكَّلَ أَوْ وُكِّلَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُمْ أَوْرَدُوا عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَطَرْدِهِ صُوَرًا كَثِيرَة؛ لِأَنَّ أَكْثَر قَوَاعِد الْأَصْحَابِ أَكْثَرِيَّةٌ لَا كُلِّيَّةٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَسْتَدِلُّونَ بِهَا فِيمَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِدُخُولِهِ وَلَا خُرُوجِهِ عَنْهَا وَرَجَّحَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ الصِّحَّة وَلَوْ قَبْل رَمَضَان وَأَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ بِمَا لَا يُجْدِي وَقَدْ أَشَرْنَا إلَى كَثِيرٍ مِنْ شُبَهِهِ بِقَوْلِنَا وَلَا يَضُرُّ إلَخْ.

وَأَمَّا مَا قَاسَ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ الْمُحْرِم وَكِيلًا لِيُزَوِّجهُ بَعْد التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ فَكَذَا هُنَا فَجَوَابُهُ وُضُوحُ الْفَرْقِ بَيْن الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ لِلْوَلِيِّ قَبْلَ الْإِحْرَام وَاسْتِمْرَارُهَا فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ وَكَّلَ ثُمَّ أَحْرَمَ لَمْ يَنْعَزِلْ فَالْإِحْرَام مَانِع طَارِئ لِلْمُبَاشَرَةِ لَا لِلْإِذْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ أَهْلِيَّتَهُ وَوِلَايَتَهُ مَوْجُودَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي حَالَ إحْرَامِهِ كَانَ مُزَوِّجًا بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابه فَصَحَّ تَوْكِيلُهُ وَأَمَّا هُنَا فَالْمُوَكِّلُ لَمْ يَثْبُت لَهُ قَبْلَ رَمَضَانَ وِلَايَةُ التَّصَرُّف بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوه فَكَيْف يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَالَ لِتَخْرُجْ بَعْدَ دُخُولِ رَمَضَانَ وَإِذَا تَأَمَّلْت هَذَا الْفَرْقَ انْدَفَعَ عَنْك كَثِيرٌ مِنْ شُبَهِ الْمُخَالِفِ وَقِيَاسُ مَسْأَلَتنَا مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ بِتَزْوِيجِ ابْنَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ حِينَئِذٍ فَبَطَل تَوْكِيلُهُ فِيهِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ وَفَارَقَتْ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْإِحْرَامَ بِأَنَّ الْوِلَايَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>