للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بُرٍّ أَوْ زَبِيب وَمَعَ هَذَا يَحْرُمُ غَصْبُ ذَلِكَ وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ فَإِنْ أُتْلِفَ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَا مَالِيَّةَ لِذَلِكَ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِحَبَّتَيْ حِنْطَةٍ مِثَالٌ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَا فِي التَّتِمَّة وَالْبَحْر بِحَبَّاتِ حِنْطَة وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُعَدُّ مَالًا فِي الْعُرْفِ لِقِلَّتِهِ لَا يُضْمَنُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ كَعِشْرِينَ حَبَّةِ خَرْدَلٍ بِخِلَافِ عِشْرِينَ حَبَّةِ حِنْطَةٍ. اهـ.

وَاعْتَرَضَ تَمْثِيلَهُ بِذَلِكَ بِمَا رَدَدْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ وَيُعَزَّرُ أَيْضًا وَشَرْطُ تَعْزِيرِهِ مُطْلَقًا أَنْ يَتَعَمَّدَ الْإِتْلَافَ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِ فَإِنْ قُلْت مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ نَحْو الْحَبَّتَيْنِ مِنْ الْحِنْطَة وَالزَّبِيب لَا يُعَدَّانِ مَالًا مُعْتَرِض وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّهُمَا صَرَّحَا فِي الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الزَّبِيبَةَ حَيْثُ يَكُونُ لَهَا قِيمَةُ مَالٍ كَذَا زَعَمَهُ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الْمُرَاد هَهُنَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مَالًا يُتَمَوَّلُ لَا أَنَّهُ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ أَصْلًا وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِكَلَامِهِمْ هُنَا وَثَمَّ وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمُتَمَوَّل بِأَنَّهُ الَّذِي يُقَدَّرُ لَهُ أَثَرٌ فِي النَّفْعِ أَوْ الَّذِي يُفْرَضُ لَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ غَلَاءِ الْأَسْعَارِ وَالْمَالُ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ.

وَاَلَّذِي يُضْمَنُ إنَّمَا هُوَ الْمُتَمَوَّلُ دُونَ مُطْلَقِ الْمَالِ فَإِنْ قُلْت قَالَ الْقَفَّالُ وَمَنْ تَبِعَهُ مَنْ أَتْلَفَ حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ ضَمِنَهُمَا قُلْت هَذِهِ مَقَالَةٌ ضَعِيفَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بِذَلِكَ فَكَيْفَ قُلْتُمْ يُعَزَّرُ قُلْت لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي التَّغْرِيمِ بَلْ قَدْ يَكُونُ مِنْ مَقَاصِدِهَا إثْبَاتُ فِسْقِهِ وَطَلَبُ تَعْزِيره، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ وَرَثَةٍ مَشَاعًا فَقَامَ أَحَدُ الْوَرَثَة وَهَدَمَ وَبَنَى وَعَمَّرَ وَأَصْلَحَ وَأَدْخَلَ فِيهَا أَنْقَاضًا مِنْ مَالِهِ كَأَحْجَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ تَمْيِيزُ الْأَنْقَاضِ الْقَدِيمَةِ مِنْ الْأَنْقَاضِ الْحَادِثَةِ الْمُسْتَجَدَّةِ وَزَادَ فِيهَا أَيْضًا زِيَادَاتٌ مِنْ الْمَنَافِعِ وَالسُّكْنَى بِأَنْقَاضٍ مُنْفَرِدَةٍ حَادِثَةٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شُرَكَائِهِ فَهَلْ لَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِرَفْعِ الزِّيَادَاتِ الْمُنْفَرِدَةِ الْمُسْتَجَدَّةِ بِإِنْقَاضِهِ أَوْ يُجْبَرُونَ عَلَى إبْقَائِهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَمْ لَا فَإِذَا قُلْتُمْ بِنَقْضِهَا وَرَفْعِهَا وَتَسْوِيَةِ أَرْضِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ بِسَبَبِ نَقْضِهَا لِذَلِكَ شَيْءٌ أَمْ لَا وَمَا الْحُكْمُ فِي الْأَنْقَاضِ الْقَدِيمَة وَالْأَنْقَاضِ الْحَادِثَة الْمُخْتَلِطَة الَّتِي تَعَذَّرَ تَمْيِيزُ بَعْضِهَا عَنْ بَعْض إذَا لَمْ يَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ؟

(فَأَجَابَ) لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَة مُطَالَبَةُ الْمُتَعَدِّي الْمَذْكُورِ بِرَفْعِ بِنَائِهِ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى إبْقَائِهِ بِأُجْرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا يَضْمَنُونَ بِسَبَبِ هَدْمِهِ وَيَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْض بَعْد الْهَدْمِ وَالْأُجْرَةُ مِنْ حِين وَضْعِ بِنَائِهِ إلَى إزَالَتِهِ وَإِذَا تَعَدَّى بِخَلْطِ أَنْقَاضِهِ بِأَنْقَاضِ غَيْرِهِ الَّتِي وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا تَعَدِّيًا وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ غَرِمَ قِيمَةَ أَنْقَاضِ غَيْرِهِ، وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) سَعَى بِآخَرَ إلَى ظَالِمٍ فَأَخَذَ مِنْهُ مَالًا هَلْ يَرْجِعُ عَلَى السَّاعِي؟

(فَأَجَابَ) لَيْسَ عَلَى السَّاعِي الْمَذْكُورِ ضَمَانٌ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْإِثْمُ الشَّدِيدُ إذْ السِّعَايَةُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي نِهَايَةِ الْغَرِيب حَدِيث السَّاعِي مُتْلِبٌ أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسَهُ وَالْمُسْعَى بِهِ وَإِلَيْهِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) اُعْتِيدَ فِي جِهَةٍ أَنَّ الدَّابَّةَ لَا يُرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهَا فِي بَعْضِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَلَوْ غُصِبَتْ فَهَلْ تُعْتَبَرُ أُجْرَةُ مِثْلهَا فِي مُدَّةِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ؟

(فَأَجَابَ) نَعَمْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ كَالْأَعْيَانِ فَالْقِيمَةُ فِيهَا ذَاتِيَّةٌ وُجِدَ رَاغِبٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُ شُرَّاحِ الْإِرْشَادِ فِي أَرْضٍ لَا تُؤَجَّرُ قَطُّ بِأَنَّهَا تُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ دُفِعَ إلَيْهِ ثَوْبٌ وَقَالَ أَحْرِقْهُ أَوْ ارْمِهِ فِي الْبَحْرِ فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ حَرَقَهُ أَوْ رَمَاهُ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَبْدَى فِيهَا الْقَاضِي وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَالْإِلْقَاءِ وَالثَّانِي لَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ اهـ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ يَضْمَنُ أُجْرَتَهُ مُدَّةَ اسْتِعْمَالَهُ أَوْ يَضْمَنُ جُمْلَتَهُ كُلّ مُحْتَمَل وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَب وَلَا نُسَلِّم أَنَّ الْإِتْلَافَ مَأْذُونٌ فِيهِ الْآن؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَهُ صَارَ غَاصِبًا لَهُ لِتَعَدِّيهِ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ وَلَمْ يَحْصُلْ وَأَمَّا فِعْلُهُ مَا أَمَرَ بِهِ فَلَا يُضَافُ حِينَئِذٍ إلَى الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْمَلَهُ أَعْرَضَ عَنْ الْإِذْنِ وَصَارَ مُتَصَرِّفًا فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَزِمَهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِيهِ رَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ وَالتَّعْبِيرُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لَا يُنَافِي ضَمَانَ جَمِيعِهِ بَلْ جَعْلُهُ الْإِلْقَاءَ سَبَبًا لِلضَّمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>