للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَغْصُوبُ لِمَالِكِهِ أَوْ لِلْغَاصِبِ فِيهِ وَجْهَانِ وَجْهُ الْأَوَّلِ الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ قَتَلَ شَاةً فَإِنَّ الْمَالِكَ يَكُونُ أَحَقَّ بِجِلْدِهَا مَعَ قِيمَتِهَا وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْغَاصِبَ غَرِمَ لَهُ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّالِفِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَالْأَوَّلُ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحَ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ اسْتَبْعَدَ مُقَابِلِهِ وَفَارَقَ مَسْأَلَةَ الشَّاةِ بِبَقَاءِ الْمَالِيَّةِ هُنَا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيُّ النَّظَائِرُ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا فَرْقَ عَلَى الثَّانِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلْحِنْطَةِ وَالْهَرِيسَةِ مَالِيَّةٌ أَمْ لَا وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ التَّصَرُّفُ حَتَّى يَغْرَم الْبَدَلَ أَوْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَنْعَهُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ مَالٍ بِخِلَافِهِ ثُمَّ فَإِنَّ التَّأْخِيرَ لَيْسَ فِيهِ إتْلَافٌ لَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَالثَّانِي مُنْقَدِحٌ إنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا يَقُومُ مَقَامَ الْمَالِكِ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا كَمَا مَرَّ وَلَوْ غَصَبَ خَشَبًا وَأَحْرَقَهُ فَالرَّمَادُ كَالْهَرِيسَةِ فِيمَا مَرَّ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(سُؤَال) وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا لَفْظُهُ الْحَمْد لِلَّهِ وَحْدَهُ أَسْأَل اللَّه الْكَرِيم رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَمُنَّ وَيَتَفَضَّلَ عَلَيْنَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِطُولِ حَيَاة سَيِّدنَا وَمَوْلَانَا وَعُمْدَتِنَا وَعُدَّتِنَا وَمَلَاذِنَا وَسَيِّدِنَا وَبَرَكَتِنَا وَشَيْخِنَا وَأُسْتَاذِنَا شَيْخِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ عُمْدَةِ الْأَنَامِ مَنْ إلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ شِهَابِ الدَّيْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَجَرٍ حَفِظَهُ اللَّهُ وَأَطَالَ بَقَاءَهُ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ وَبَعْدُ فَتَفَضَّلُوا بِوَضْعِ جَوَابِكُمْ الشَّافِي الْوَافِي لَا زِلْتُمْ أَهْلًا وَمَلَاذًا لِحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ وَرَفْعِ الْمُعْضِلَاتِ عَلَى إشْكَالٍ فِي مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْعُبَابِ فِي الْغَصْبِ فِي فَرْعٍ.

كَمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ خَافٍ عَلَى شَيْخِنَا حَيْثُ قَالَ فَرْعٌ لَوْ غَصَبَ حِنْطَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ فَطَحَنَهَا فَعَادَتْ عِشْرِينَ فَخَبَزَهَا فَبَلَغَتْ خَمْسِينَ ثُمَّ تَلِفَتْ ضَمِنَ ثَمَانِينَ بِسَبَبِ نَقْصِ الطَّحْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ قِيمَةِ الْخُبْزِ كَأَنْ نَسِيَ الْعَبْدُ الْحِرْفَةَ وَتَعَلَّمَ أُخْرَى. اهـ.

مَا فِي الْعُبَابِ وَنُقِلَ هَذَا فِي التَّجْرِيدِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَكَذَلِكَ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي مُخْتَصَرِهِ وَنَقَلَهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَكَذَلِكَ مُوسَى بْنُ الزَّيْنِ فِي كَوْكَبِهِ وَكُلُّهُمْ سَاكِتُونَ عَنْهَا مَعَ أَنَّهَا مُشْكَلَةٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالَةٍ إلَى أُخْرَى ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ بِالْأَغْبَطِ مِنْهُمَا فَفِي التَّمْشِيَة وَالْأَنْوَار أَنَّهُ إذَا غَصَبَ حِنْطَةً وَطَحَنَهَا ثُمَّ خَبَزَهَا فَلِلْمَالِكِ الْأَغْبَطُ فَإِنْ قُلْت فِي تَصْوِيرِ الْعُبَابِ زِيَادَةٌ وَهِيَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ ثُمَّ عَوْدُهَا قُلْنَا الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَتَغَيَّرُ ضَمَانُهُ بِنَقْصِ الْقِيمَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا إنْ لَمْ يَصِرْ مُتَقَوِّمًا كَمَا فِي الْعُبَابِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْفَرْع الَّذِي فِي الْعُبَابِ مَعْرُوفٌ لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَقَدْ عُرِفَ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّ طَرِيقَةَ الْقَاضِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ الْجَوَاب لَا عَدِمَكُمْ الْمُسْلِمُونَ وَلَا أَخْلَى الْوُجُودَ مِنْكُمْ وَهَدَى بِكُمْ كُلَّ ضَالٍّ آمِينَ سُؤَال آخَرُ) ذَكَر فِي الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ أَنَّ زَوْجَ الْمَغْصُوبَة إذَا كَانَ جَاهِلًا وَتَلِفَتْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ لَا طَرِيقًا وَلَا قَرَارًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا فِي شَرْحِهِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ فِي الْعُبَابِ كُلُّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَفِي آخِرِهِ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ إذَا غَرِمَ قِيمَتَهَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي لَمْ يَسْتَخْدِمْهَا فِيهَا وَجَرَيَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْعُبَابِ عَلَى الْأُجْرَةِ وَسَكَتَا عَنْ الْقِيمَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَاَلَّذِي فِي آخِرِ الْبَابِ يُشْكِلُ عَلَى الَّذِي فِي أَوَّلِهِ فَمَا الظَّاهِرُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا أَوْ آخِرًا أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقَرَّرٌ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ (الْجَوَاب) مَا فِي الْعُبَاب هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمِثْلِيّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ صُوَرِ مَا إذَا صَارَ الْمِثْلِيُّ مُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِالْآخَرِ وَهُوَ بِاعْتِبَارِهِ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ صَارَ مِثْلِيًّا ثُمَّ مُتَقَوِّمًا وَقَدْ صَرَّحُوا فِي هَذَا الْقِسْمِ بِأَنَّهُ يَجِبُ الْمِثْلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَوِّمُ أَكْثَرَ قِيمَةً فَتَجِبُ قِيمَتُهُ فَعُلِمَ وُجُوبُ الثَّمَانِينَ هُنَا؛ لِأَنَّهَا الْأَغْبَطُ وَإِنْ اخْتَلَفَ سَبَبُ وُجُوبِهَا أَمَّا الْخَمْسُونَ فَلِأَنَّهَا الْقِيمَةُ حِينَ التَّلَفِ وَأَمَّا الثَّلَاثُونَ فَلِأَنَّهَا أَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَغْصُوبِ بِطَحْنِهِ الَّذِي نَقَصَتْ بِهِ قِيمَتُهُ وَقَاعِدَةُ الْبَابِ أَنَّ مَا ضَمِنَهُ بِجِنَايَتِهِ لَا يَعُودُ بِفِعْلِهِ فِيهِ مَا سَاوَى قِيمَةَ أَرْشِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ وَمِنْ ثَمَّ شَبَّهَ الْقَاضِي هَذِهِ بِمَا إذَا غَصَبَ عَبْدًا يَعْرِف حِرْفَةً تَزِيدُ بِهَا قِيمَتُهُ فَنَسِيَهَا عِنْده فَإِنَّهُ يَضْمَن أَرْش نَقْصِهَا وَإِنْ عَلَّمَهُ حِرْفَةً أُخْرَى تُسَاوِيهَا أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي الْمَغْصُوبِ وَلَوْ بِمَا يَزِيدُ فِيهِ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>