للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنَ عَمِّي وَأَطْلَقَ فَلَا يَرِثُ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْهُ شَيْئًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ ابْنَ عَمٍّ لِأُمٍّ وَإِنْ قَالَ وَارِثِي فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْهَرَوِيِّ وَالْقَفَّالِ قَالَ الْهَرَوِيُّ فِي إشْرَافِهِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ قَالَ هَذَا وَارِثِي قُبِلَ قَالَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ غَرِيبَةٌ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا مَنْ تَبَحَّرَ فِي الْفِقْهِ وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ قَالَ فُلَانٌ عَصَبَتِي وَوَارِثِي إذَا مِتُّ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ إنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إقْرَارِهِ هَذَا وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا مَا لَمْ يُفَسِّرْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ بِعَصَبَتِهِ أَنَّهُ أَخُوهُ وَرُبَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ عَمُّهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ، ثُمَّ بَعْدَ التَّفْسِيرِ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ قَالَ هُوَ أَخِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَمِيعُ وَارِثِ أَبِيهِ وَإِنْ كَانَ عَمًّا فَيَكُونُ هُوَ وَارِثُ جَمِيعِ مَالِ جَدِّهِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ عَمِّهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَارِثُ عَمِّهِ فَيَصِحُّ مِنْهُ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ عَلَى طَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ، ثُمَّ الْمِيرَاثُ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ فُلَانٌ ابْنُ عَمِّي وَهُوَ وَلِيِّي فِي النِّكَاحِ وَوَارِثِي إذَا مِتُّ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَتْ فَجَاءَهُ يَطْلُبُ مِيرَاثَهَا قَالَ الْقَفَّالُ لَا يَكُونُ لَهُ مِيرَاثُهَا وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ التَّزْوِيجُ إنْ كَانَ قَدْ زَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ أَلْحَقَتْ نَسَبًا بِجَدِّهَا وَهِيَ لَيْسَتْ بِوَارِثَةٍ جَمِيعَ مَالِ الْجَدِّ فَلَمْ يَصِحَّ التَّزْوِيجُ وَلَا يَرِثُهَا اهـ.

وَمَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ أَوْجَهُ مَعْنًى وَنَقْلًا أَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّهُ إذَا قَالَ لِمَجْهُولِ النَّسَبِ هَذَا أَوْ فُلَانٌ وَارِثِي كَانَ مُجْمَلًا غَيْرَ مُبَيَّنٍ فِيهِ جِهَةُ الْإِرْثِ لِشُمُولِهِ لِلْوَارِثِ بِفَرْضٍ أَوْ عَصَبَةٍ وَعَلَى كُلٍّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ إذَا مِتُّ مِنْ غَيْرِ عَقِبٍ أَوْ بِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ عَمِّهِ مَثَلًا وَلِإِلْحَاقِهِ بِنَفْسِهِ شُرُوطٌ وَبِغَيْرِهِ شُرُوطٌ مِنْهَا تِلْكَ الشُّرُوطُ وَزِيَادَةُ كَوْنِهِ وَارِثًا حَائِزًا لِتَرِكَةِ الْمُلْحَقِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَتَحَقَّقُ اسْتِيفَاءُ تِلْكَ الشُّرُوطِ إلَّا مَعَ بَيَانِ جِهَةِ الْإِرْثِ مِنْ بُنُوَّةٍ أَوْ أُخُوَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، ثُمَّ يَبْحَثُ عَنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ هَلْ وُجِدَتْ فِي هَذَا الِاسْتِلْحَاقِ أَوْ لَا فَكَانَ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ مِنْ الْإِبْهَامِ مَا يُوجِبُ تَعَذُّرَ الْعَمَلَ بِهِ فَوَجَبَ إلْغَاؤُهُ وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ذَكَرَ هَذَا عَصَبَتِي كَانَ فِيهِ مِنْ الْإِبْهَامِ الْمَذْكُورِ نَحْوَ مَا تَقَرَّرَ لِشُمُولِهِ الْعَصَبَةَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ وَعَلَى التَّنَزُّلِ وَأَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ الْعَصَبَةِ فَهُوَ شَامِلٌ لِعَصَبَةِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ وَالْجُدُودَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَعِنْدَ شُمُولِهِ لِتِلْكَ الْجِهَاتِ وَتَرَدُّدِهِ فِيمَا بَيْنَهَا يَتَعَذَّرُ الْعَمَلُ بِهِ فَوَقَعَ لَغْوًا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَأَمَّا النَّقْلُ فَلِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ التَّرِكَةِ احْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْوِرَاثَةِ وَجِهَتِهَا مِنْ نَحْوِ بُنُوَّةٍ أَوْ أُخُوَّةٍ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ إلَّا إنْ ذَكَرَتْ هَذَيْنِ أَعْنِي الْوِرَاثَةَ أَيْ: كَوْنَهُ وَارِثًا وَبَيَّنَتْ جِهَتَهَا وَقَالَتْ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ

وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِبَاطِنِ حَالِ مُورَثِهِ بِنَحْوِ صُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ فَإِنْ لَمْ يَقُولَا لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ أَوْ قَالَاهُ وَلَمْ يَكُونَا خَبِيرَيْنِ بِبَاطِنِ الْحَالِ وَكَانَ سَهْمُهُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ أَوْ كَانَ مُقَدَّرًا لَكِنْ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ لَمْ يُعْطَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَبْحَثَ الْقَاضِي عَنْ حَالِ مُورَثِهِ فِي الْبِلَادِ الَّتِي سَكَنَهَا أَوْ طُرُقِهَا فَيَكْتُبُ إلَيْهَا أَوْ يَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي فِيهَا أَنَّ فُلَانًا قَدْ مَاتَ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ فَلْيَأْتِ الْقَاضِيَ فُلَانًا أَوْ يَبْعَثُ إلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ أَعْطَاهُ حَقَّهُ بِلَا يَمِينٍ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ مُقَدَّرًا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُحْجَبُ أُعْطَى أَقَلَّ فَرْضَيْهِ عَائِلًا بِلَا بَحْثٍ وَأَكْثَرَهُمَا بَعْدَ الْبَحْثِ وَلَوْ قَالَا وَهُمَا غَيْرُ خَبِيرَيْنِ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ لَمْ يَقْدَحْ فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ أَخْطَأَ مِنْ جِهَةِ الْقَطْعِ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا شَهِدَا بِمَا اعْتَقَدَا وَلَمْ يَقْصِدَا الْكَذِبَ وَإِنْ شَهِدَا بِأَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ مَثَلًا وَلَمْ يَذْكُرَا كَوْنَهُ وَارِثًا نَزَعَ الْمَالَ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ وَأُعْطِيَهُ بَعْدَ بَحْثِ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ دُونَ مَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ فَتَعَيَّنَ اعْتِمَادُ كَلَامِ الْقَفَّالِ دُونَ كَلَامِ الْهَرَوِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْهَرَوِيِّ عَلَى مَا إذَا صَدَرَ ذَلِكَ مِنْ فَقِيهٍ عَارِفٍ بِشُرُوطِ الِاسْتِلْحَاقِ وَبِحَقِيقَةِ قَوْلِهِ هَذَا وَارِثِي وَمَا يُشْتَرَطُ لَهُ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْتَمَلَ حُدُوثُ حَاجِبٍ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَحِينَئِذٍ يُقْبَلُ مِنْهُ هَذَا الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الِاحْتِمَالَاتِ الَّتِي نَظَرَ إلَيْهَا الْقَفَّالُ مُنْتَفِيَةٌ حِينَئِذٍ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ الْفَقِيهِ الْمُقِرِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>