للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالنَّسَبِ لَكِنْ لَا فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وَشَأْنُ الْمُخَصِّصِ لِلْإِقْرَارِ أَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ اتَّصَلَ لَا إنْ انْفَصَلَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَفَسَّرَهُ بِنَاقِصٍ أَوْ رَدِيءٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا وَارِثَهُ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَلَا الشَّرْعُ وَيُقْبَلُ حَصْرُهُ الْإِرْثَ فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُهُ هَؤُلَاءِ وَزَوْجَتُهُ فَقَالَ يَثْبُتُ حَصْرُ وَرَثَتِهِ فِيهِمْ بِإِقْرَارِهِ وَكَمَا يُعْتَمَدُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الْإِرْثِ يُعْتَمَدُ فِي حَصْرِهِ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ لَهُ قَالَ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. اهـ.

وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا أَشَرْت إلَيْهِ أَوَّلًا وَهُوَ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ فِي الْحَصْرِ الشَّرْعُ فَلَوْ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدٍ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ النَّفْيِ لَمْ يُقْبَلْ حَصْرُهُ الْوَرَثَةَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَلَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِوَقْفِيَّةِ مِلْكٍ فِي يَدِهِ لِعَمْرٍو مَثَلًا ثُمَّ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لِبَكْرٍ يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي أَمْ لَا وَمَا مَعْنَى الْمُؤَاخَذَةِ قَالَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ أَنْ لَا تَكُونَ يَدُهُ نَائِبَةً عَنْ غَيْرِ جِهَةِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ وَفِي حَاشِيَةِ الْأَنْوَارِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لَوْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ آخَذْنَاهُ بِمَا يَخُصُّهُ لِلْجَامِعِ بَيْنَهُمَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَالْحُكْمِ بِثُبُوتِ مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَكَوْنُهُ مُسْتَقِلًّا بِالْيَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ كَذَلِكَ كَانَ كَلَامُهُ لَغْوًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا دَعْوَى عَيْنٍ لِلْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِمَّا شَهَادَةٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لَكِنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ عُومِلَ الْآنَ بِقَضِيَّةِ إقْرَارِهِ وَلَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلَوْ أَقَرَّ أَجْنَبِيٌّ عَلَى مَيِّتٍ بِدَيْنٍ، ثُمَّ مَلَكَ تَرِكَتَهُ قَضَى ذَلِكَ الدَّيْنَ مِنْهَا مُعَامَلَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.

إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ عَيْنٌ لِعَمْرٍو وَدِيعَةً مَثَلًا فَأَقَرَّ بِوَقْفِيَّتِهَا مَثَلًا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِعَمْرٍو يَكُونُ إقْرَارُهُ الْآنَ لَغْوًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ حَتَّى يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِيهَا وَيُؤَاخَذَ بِهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ دَخَلَتْ تَحْتَ يَدِهِ بِنَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا لِبَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِإِقْرَارِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قَبْلَ إقْرَارِهِ لَهُ بِمِلْكِهَا فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُمْ وَمِنْهُ قَوْلِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِنْ أَقَرَّ بِمِثْلِيٍّ أَوْ مُتَقَوِّمٍ كَدَارٍ فِي يَدِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا عَلَى التَّرَاخِي أَوْ الْفَوْرِيَّةِ لِعَمْرٍو بَعْدَ إقْرَارِهِ لِزَيْدٍ كَأَنْ قَالَ هَذَا لِزَيْدٍ، ثُمَّ لِعَمْرٍو أَوْ بَلْ لِعَمْرٍو أَوَّلًا بَلْ لِعَمْرٍو أَوْ غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ أَوْ بَلْ أَوَّلًا مِنْ عَمْرٍو أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْ زَيْد وَغَصَبْته مِنْ عَمْرٍو سُلِّمَ الْمُقَرُّ بِهِ لِزَيْدٍ لِسَبْقِ الْإِقْرَارِ لَهُ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ لَا يُرْجَعُ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَحَذَفَهُ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ يُؤَاخَذُ مُكَلَّفٌ وَغَرِمَ الْمُقِرُّ قِيمَتَهُ.

وَلَوْ مِثْلِيًّا أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْآتِي وَإِنْ تَلَف ذَلِكَ الْمِثْلِيُّ فِي يَدِ زَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ لِلْإِقْرَارِ فَيَغْرَمُ لِعَمْرٍو مِثْلَهُ فَلَمْ يَكُنْ غُرْمُ الْمُقِرِّ إلَّا لِلْحَيْلُولَةِ وَلَوْ مَعَ التَّلَفِ لِعَمْرٍو وَإِنْ كَانَ الَّذِي سَلَّمَ لِزَيْدٍ هُوَ الْحَاكِمُ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَيْ: الْمُقِرُّ مَا ذَكَرَ بَلْ أَخْطَأَ فِيهِ لِلْحَيْلُولَةِ وَلَوْ بَاعَ عَيْنًا لِآخَرَ وَأَقْبَضَهَا لَهُ مَثَلًا ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ خِيَارِهِ أَوْ خِيَارِهِمَا بِبَيْعِهَا لِآخَرَ أَوْ بَعْضِهَا مِنْهُ لَمْ يَبْطُلْ بَيْعُهُ الْأَوَّلُ وَغَرِمَ قِيمَتَهَا لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ بِتَصَرُّفِهِ وَإِقْبَاضِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِقْبَاضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا حَيْلُولَةَ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَعَدَمِ قَبْضِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ خِلَافَهُ. اهـ.

الْمَقْصُودُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّرْحِ الْمَذْكُورُ فَإِنْ قُلْت لَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِقَوْلِهِمْ كَدَارٍ فِي يَدِهِ وَمَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ لَيْسَ كَذَلِكَ قُلْت هَذِهِ غَفْلَةٌ عَمَّا قَدَّمْته أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ مَثَلًا ثُمَّ صَارَ فِي يَدِهِ صَارَ إقْرَارُهُ السَّابِقُ كَأَنَّهُ وَاقِعٌ الْآنَ فَيُعَامَلُ بِهِ وَيَكُونُ كَمَنْ أَقَرَّ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ السَّائِلُ مِنْ قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقِرِّ أَنْ لَا تَكُونَ يَدُهُ نَائِبَةً إلَخْ مَعْنَاهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْيَدِ الِاسْتِقْلَالُ فَلَوْ كَانَتْ يَدُهُ نَائِبَةً عَنْ غَيْرِهِ بِأَنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِآخَرَ وَذَلِكَ الْمَالُ إنَّمَا هُوَ تَحْتَ يَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>