الظَّنِّ وَلَا أَسْتَعْمِلَ الْغَلَبَةَ أَيْ: مَا غَلَبَ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهُ فَهِيَ مِنْ حَيِّزِ الْإِنْشَاءَاتِ وَالْإِنْشَاءُ إذَا أُطْلِقَ فِي شَيْءٍ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْمَمْلُوكِ دُونَ غَيْرِهِ فَإِذَا قَالَ بِعْتُك نِصْفَ هَذَا الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ انْصَرَفَ الْبَيْعُ لِجَمِيعِ حِصَّتِهِ وَانْحَصَرَ فِيهَا دُونَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إنْشَاءٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْخُلْعِ تَخْلِيصَ الْعِصْمَةِ وَمِنْ ثَمَّ صَحَّ بِالْمَغْصُوبِ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ الْمَعْنَى الْمُقَرَّرُ فِي الْإِنْشَاءَاتِ فَمِنْ ثَمَّ أَلْحَقُوهُ بِالْإِقْرَارِ فِي تَنْزِيلِ عِوَضِهِ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَ تِلْكَ الْأَبْوَابِ وَسِرِّ تَخَالُفِ مَدَارِكَ الْأَئِمَّةِ فِيهَا وَقَدْ اتَّضَحَ سَبَبُ تَخَالُفِهَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّ لِوَرَثَةِ فُلَانٍ بِشَيْءٍ فَهَلْ يُقَسَّمُ كَإِرْثِهِمْ مِنْ فُلَانٍ أَوْ بِالسَّوِيَّةِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ يُقَسَّمُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الِاسْتِحْقَاقَاتِ الْمُسَاوَاةُ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لَهُمْ وَالْوَقْفِ عَلَيْهِمْ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ أَقَرَّ بِأَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ عَمِّي لَا وَارِثَ لِي غَيْرُهُ وَرِثَهُ عَمُّهُ كَمَا قَالَهُ الْقَزْوِينِيُّ. اهـ.
فَهَلْ ذَلِكَ إذَا بَيَّنَ جِهَةَ الْعُمُومَةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَمَا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ بِهَا أَمْ يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَهَلْ ذَلِكَ فِي مَعْرُوفِ الْعُمُومَةِ فَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِيهِ دُونَ مَجْهُولِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَا قَالَهُ الْقَزْوِينِيُّ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ بَلْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا وَلَا يَحْتَاجُ مَعَ قَوْلِهِ لَا وَارِثَ لِي غَيْرُهُ إلَى بَيَانِ جِهَةِ الْعُمُومَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى قَوْلِهِ عَمِّي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأَبَوَيْنِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ اعْتِرَافِهِ بِانْحِصَارِ الْإِرْثِ فِيهِ.
فَإِنْ قُلْت يُنَافِي هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ أَنَّ مَنْ قَالَ هَذَا وَارِثِي وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانِ جِهَةِ الْإِرْثِ لَا يَرِثُهُ وَكَذَا قَالَ الْعَبَّادِيُّ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي فِيمَنْ قَالَ فُلَانٌ عَصَبَتِي أَوْ وَارِثِي إلَّا لَمْ يَكُنْ لِي عَقِبٌ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ فُلَانٌ وَارِثِي قُبِلَ قُلْت لَا يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ جِهَةَ الْإِرْثِ مَعَ انْحِصَارِهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ فُلَانٌ عَمِّي لَا وَارِثَ لِي غَيْرُهُ بِخِلَافِ مَا فِي مَسْأَلَةِ الْقَفَّالِ فَإِنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا جِهَةَ الْإِرْثِ فَضْلًا عَنْ انْحِصَارِهِ فِيهِ فَإِنْ قُلْت فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ عَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ قُلْت قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ الَّتِي يُحْتَاطُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْإِقْرَارِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ أَوْ أَخُوهُ لَمْ يُقْبَلَا لِصِدْقِهِ بِابْنِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ وَبِأُخُوَّةِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَنْ أَقَرَّ بِأُخُوَّةٍ مَجْهُولَةٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخُوَّةُ لِلْأُمِّ لَا تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ عَلَى خِلَافِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَبُو زُرْعَةَ كَمَا بَيَّنْتُهُ مَعَ مَا فِيهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْ: حَمْلًا لِكَلَامِ الْمُقِرِّ عَلَى مَا لِلْإِقْرَارِ فِيهِ مَدْخَلٌ إذْ الْمُكَلَّفُ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ وَلَا نَظَرَ أَيْضًا لِاحْتِمَالِهِ لِأُخُوَّةِ الرَّضَاعِ وَالْإِسْلَامِ قَالُوا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ وَمَنْ وَافَقَهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ وَرَثَتِهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَرِثُهُ بَعْدَ الْبَحْثِ وَبَيَانُ ذَلِكَ يُعْلَمُ بِسِيَاقِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ دَعْوَى الْإِرْثِ لَا بُدَّ لِصِحَّتِهَا مِنْ ذِكْرِ جِهَةٍ كَالْأُخُوَّةِ وَأَنَّ الْحُكْمَ بِهِ أَيْ: حَالًا لِمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لَا بُدَّ لِصِحَّتِهِ مِنْ ذِكْرِ الْجِهَةِ وَالْإِرْثِ بِأَنْ يَشْهَدَ خَبِيرَانِ بِبَاطِنِ حَالِ الْمُورَثِ لِصُحْبَةٍ أَوْ جِوَارِ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ بِأَنَّ هَذَا وَارِثُهُ وَأَنَّهُمَا لَا يَعْرِفَانِ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ فَتُدْفَعُ لَهُ التَّرِكَةُ وَإِنْ كَانَ ذَا فَرْضٍ وَشَهِدَا لَهُ كَذَلِكَ أُعْطِيَ فَرْضَهُ وَلَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمَا قَطْعُهُمَا بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَإِنْ أَخْطَآ بِهِ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا شَهِدَا بِمَا اعْتَقَدَاهُ وَلَمْ يَقْصِدَا الْكَذِبَ أَمَّا إذَا لَمْ يَقُولَا لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ أَوْ قَالَاهُ وَلَمْ يَكُونَا خَبِيرَيْنِ بِبَاطِنِ حَالِهِ فَإِنْ كَانَ سَهْمُهُ غَيْرَ مُقَدَّرٍ أَوْ مُقَدَّرًا لَكِنَّهُ مِمَّنْ يُحْجَبُ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ حَالًا بَلْ بَعْدَ بَحْثِ الْقَاضِي عَنْ حَالِ الْوَرَثَةِ فِيمَا سَكَنَهُ الْمَيِّتُ أَوْ طَرَقَهُ مِنْ الْمَحَالِّ مَعَ النِّدَاءِ فِيهَا أَنَّ فُلَانًا مَاتَ فَمَنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ فَلْيَأْتِ أَوْ يُوَكِّلْ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَعْطَاهُ حَقَّهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَمْ يَكُنْ ثِقَةً مُوسِرًا أَوْ مُقَدَّرًا وَهُوَ لَا يَحْجُبُ أَعْطَى أَقَلَّ فَرْضِهِ عَائِلًا حَالًا مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ، ثُمَّ الْبَاقِي بَعْدَ الْبَحْثِ وَعَدَمِ ظُهُورِ غَيْرِهِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَخُوهُ وَلَمْ يَذْكُرَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute