للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَقَايَلَا بَعْد مُضِيِّ نِصْفِ الْمُدَّةِ مَثَلًا تَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الِانْفِسَاخِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ فَيَرْجِعُ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ مِنْ الْمُسَمَّى بِقِسْطِ مَا مَضَى بِالِاعْتِبَارِ السَّابِقِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَجَرَ زَيْدًا أَنْ يَحْمِلَ لَهُ فِي سَفِينَةٍ لَهُ مَشْهُورَةٍ مِائَةَ حِمْلٍ مَثَلًا مِنْ بَنْدَرِ جَدَّةَ إلَى عَدَنَ مَعَ تَعْيِينِ أُجْرَةِ الْحَمْلِ وَمَعْرِفَتِهِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ قَدْرًا وَنَوْعًا مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ تَطْلِيعِ الْقَدْرِ وَشَحْنِهِ تَغَيَّرَتْ السَّفِينَةُ الْمَذْكُورَةُ بِعَارِضِ رِيحٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ أَمْ قِسْطًا أَمْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَهَلْ ثَمَّ فَرْقٌ بَيْنَ تَغَيُّرِهَا قَبْلَ السَّفَرِ أَمْ بَعْدَهُ وَلَوْ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ بَيِّنُوا وَأَوْضِحُوا أَثَابَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْجَنَّةَ وَإِذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ نَقْلَ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِالسَّفِينَةِ لَهُ أُجْرَةٌ لَهَا وَقْعٌ يُقَوَّمُ بِهَا الْأَجِيرُ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْفَاضِلُ لَهُ مِنْ أُجْرَتِهِ نَحْوَ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ هَلْ تَلْزَمُ ذَلِكَ الْأَجِيرَ عَمَلًا بِالْعَادَةِ الَّتِي يَعْلَمُهَا أَمْ تَلْزَمُ ذَا الْمَالِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ؟

(فَأَجَابَ) إذَا تَغَيَّرَتْ السَّفِينَةُ فَتَلِفَتْ الْأَحْمَالُ الْمَذْكُورَةُ بِغَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَجِيرُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ فَاحْتَرَقَ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ بَنَى بَعْضَ الْحَائِطِ فَانْهَدَمَ أَوْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يَقَعْ مُسَلَّمًا لِلْمَالِكِ وَلَا ظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَعَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ وَيُوَافِقُ مَا ذَكَرْتُهُ أَوَّلًا قَوْلُ الْأَنْوَارِ لَوْ دَفَعَ لِلْأَجِيرِ وِقْرًا مِنْ مَتَاعٍ لِيَحْمِلَهُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَحَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَسَقَطَ وَانْكَسَرَ لَمْ يَضْمَنْ وَسَقَطَتْ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ تِلْكَ الْأَحْمَالُ فَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي نَظِيرِ ذَلِكَ وَهُوَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ مَتَاعٍ إلَى مَكَّةَ فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْقِسْطِ فِي الْإِجَارَةِ وُقُوعُ الْعَمَلِ مُسَلَّمًا وَظُهُورُ أَثَرِهِ عَلَى الْمَحَلِّ وَمِثْلُهَا الْجَعَالَةُ. اهـ.

وَمَحَلُّهُ إنْ سَلَّمَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ مَعَهُ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْقِسْطَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَنْوَارِ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ إيَابًا وَذَهَابًا فَعَرَجَتْ هُنَاكَ وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا فَتَرَكَهَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ أَمِينٍ وَفَسَخَ أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَجِبْ إلَّا نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ. اهـ.

فَانْظُرْ إلَى إيجَابِهِمْ الْقِسْطَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الْعَمَلِ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَيْهِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِوُقُوعِهِ مُسَلَّمًا إلَيْهِ فَكَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهُ بِحَضْرَتِهِ يَقَعُ مُسَلَّمًا إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ لَهُ الْقِسْطَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَصُورَةِ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ إنَّ الْعَمَلَ فِيهَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ عَلَى الْمَحَلِّ مَمْنُوعٌ كَيْفَ وَحُصُولُهُ لَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَكَفَى بِتَوَفُّرِهَا عَلَى الْمَالِكِ ظُهُورُ أَثَرٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْآنَ أَنْ يُكْرِيَهُ إلَى مَقْصِدِهِ أَكْرَاهُ بِدُونِ أُجْرَتِهِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّيْرِ غَالِبًا فَلَوْلَا ظُهُورُ أَثَرٍ عَلَيْهِ لَمَا نَقَصَتْ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ حُصُولِهِ فِي مَحَلِّ التَّلَفِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْتُهُ قَوْلُ الْعُمْرَانِيِّ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ كِتَابًا إلَى رَجُلٍ وَيَرُدَّ جَوَابَهُ فَأَوْصَلَهُ إلَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ رَدِّ الْجَوَابِ فَلِلْأَجِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ قَدْرُ ذَهَابِهِ. اهـ.

فَافْهَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِ الْأَثَرِ حُصُولُ نَفْعٍ لِلْمُؤَجِّرِ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ بِسَبَبِ الْعَمَلِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ أَيْضًا وَأَطْلَقَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْأَجِيرُ فِي الْبَلَدِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَوْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ وَجَدَهُ غَائِبًا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأُجْرَةِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ شَرَعَ الْأَجِيرُ فِي الْإِحْرَامِ أَيْ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ مَاتَ.

قَالَ الْقَمُولِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَدَّ الْجَوَابِ اهـ.

وَهُوَ كَمَا قَالَ إذَا لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِأَنَّ لَهُ نِصْفَ الْأُجْرَةِ إلَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ رَدَّ الْجَوَابِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ بِنَاءِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ظُهُورِ الْأَثَرِ بَيْنَ مَا يَعُودُ إلَى النَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُ كَلَامَ الْعُمْرَانِيِّ وَالْقَاضِي قَوْلُ الْأَنْوَارِ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَذْهَبَ إلَى بَلَدٍ فَيَبْتَاعَ لَهُ فِيهَا فَذَهَبَ وَلَمْ يَجِدْ فَلَهُ أُجْرَةُ الذَّهَابِ فَقَطْ اهـ.

وَهَذَا يُفْهِمُ وُجُوبَ الْقَسْطِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الْأَجِيرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَزِمَهُ لَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِ الْأَجِيرِ وَإِتْيَانِهِ بِبَعْضِ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ وَفِي كُلٍّ مِنْ تِينَك الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِعَمَلِ الْأَجِيرِ فَلَزِمَهُ لَهُ الْقَسْطُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ وَفِي الْأَنْوَارِ أَيْضًا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ أَغْنَامًا إلَى بَلَدٍ وَيَبِيعَهَا هُنَاكَ وَقَالَ إنْ قَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>