للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَلَفُ فِي الطَّرِيقِ فَبِعْهَا بِكَذَا فَقَلَّ الْعَلَفُ وَوَجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهَا بِمَا عَيَّنَ فَلَمْ يَبِعْ وَمَضَى ضَمِنَ الْأَغْنَامَ وَاسْتَحَقَّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا مَضَى عَلَى أَمْرِهِ دُونَ مَا خَالَفَهُ اهـ.

فَإِيجَابُ الْقَسْطِ هُنَا يُفْهِمُ إيجَابَ الْقَسْطِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالْمُسَاوَاةِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّفْعَ الْعَائِدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي مَسْأَلَتِنَا أَظْهَرُ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِمَّا يُصَرِّحُ أَيْضًا بِمَا ذَكَرْتُهُ قَوْلُهُمْ لَوْ حَمَّلَ الْمُكْتَرِي الدَّابَّةَ مَتَاعَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُؤَجِّرِ فَعَرَضَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ فَلْيَضَعْهُ مَعَ أَمِينٍ هُنَاكَ فَإِنْ رَدَّهُ ضَمِنَهُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْأَمِينَ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ مِنْ الْمُسَمَّى اهـ.

فَظَهَرَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ وُجُوبِ الْقَسْطِ فِي تِينَك الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأُجْرَةُ نَقْلِ تِلْكَ الْأَحْمَالِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا عِبْرَةَ بِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِأَنَّهَا عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَمَتَاعِهِ فَلَا يُكَلَّفُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) هَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ لِنَسْخِ مُصْحَفٍ نَقْطُهُ وَشَكْلُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَمَتَى اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُ الْكَاتِبَ كِتَابَةُ الْغَلَطِ أَوْ أَرْشُهُ لَا خُصُوصَ الْمُقَابَلَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا اُسْتُؤْجِرَ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى مَيِّتٍ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى قَبْرِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَلْزَمهُ ذَلِكَ عَلَى مَا نُقِلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ عَلِمَ قَبْرَهُ فِي بَلَدِ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْكَافِرُ مُسْلِمًا إجَارَةَ عَيْنٍ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إتْمَامُ الْإِجَارَةِ بِنَفْسِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إتْمَامُ الْإِجَارَةِ بِنَفْسِهِ بَلْ يُكْرَهُ لَهُ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا يُمْتَهَنُ بِهِ كَالْأَعْمَالِ الدَّنِيئَةِ الْغَيْرِ اللَّائِقَةِ بِهِ اشْتَدَّتْ الْكَرَاهَةُ بَلْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ شَخْصٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَهَلْ يَدْخُلُ مَا لَهَا مِنْ نَخِيلٍ وَشَجَرٍ وَمَا بِالتَّبَعِيَّةِ كَالْبَيْعِ أَوَّلًا يَدْخُلُ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ آخَرَ سَوَاءٌ أَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِدُخُولِ شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ فَتُوَزَّعُ الْإِجَارَةُ كَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا أَنَّ مَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ مَا فِي الْأَرْضِ مَثَلًا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ وَنَحْوِهِمَا وَمَا لَا يَنْقُلُهُ كَالرَّهْنِ لَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ وَكَالْبَيْعِ الصَّدَاقُ وَالْخُلْعُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ الْأَعْوَاضِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

وَالْهِبَةُ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ وَفِي مَعْنَاهَا الصَّدَقَةُ وَالْوَقْفُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ التَّنْبِيهِ وَالْوَصِيَّةُ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَكَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ وَالْإِقْرَارُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَإِفْتَاءُ الْقَفَّالِ بِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ فِيهِ نَظَرٌ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْإِجَارَةَ كَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ فَلَا تَتَنَاوَلُ نَخْلًا وَلَا شَجَرًا وَلَا غَيْرَهُمَا لِضَعْفِ الرَّهْنِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّهَا قَوِيَّةٌ تَنْقُلُ الْمِلْكَ فَتُسْتَتْبَعُ نَعَمْ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَسِيلُ الْمَاءِ وَلَا شُرْبُهَا مِنْ قَنَاةٍ أَوْ نَهْرٍ مَمْلُوكَيْنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ خَارِجًا عَنْهَا بِخِلَافِ الدَّاخِلِ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ أَرْضًا وَبِنَاءً كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ، وَأَمَّا اسْتِئْجَارُهَا لِزَرْعٍ أَوْ غِرَاسٍ فَهُوَ يَسْتَلْزِمُ دُخُولَ ذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَ عَنْهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُسْتَأْجَرَ لَهَا لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ فَاسْتَتْبَعَتْهُ الْإِجَارَةُ مُطْلَقًا لِتَوَقُّفِ مَقْصُودِهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ مِلْكُ الْمَبِيعِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ وَالْخَارِجُ لَيْسَ كَذَلِكَ

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْضَ مَتَى صَلُحَتْ لِزَرْعٍ وَبِنَاءٍ وَغِرَاسٍ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بَيَانُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِعِ أَوْ أَنْ يَقُولَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا بِمَا شِئْت أَوْ كَيْفَ شِئْت فَيَفْعَلُ مَا شَاءَ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّهَا إذَا زُرِعَ فِيهَا شَيْءٌ فِي سَنَةٍ أُرِيحَتْ مِنْهُ فِي أُخْرَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَتَى لَمْ تَصْلُحْ إلَّا لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَفَى الْإِطْلَاقُ كَأَرْضِ بَعْضِ الْبَسَاتِينِ فَإِنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الْغِرَاسُ وَإِذَا عَيَّنَ الزِّرَاعَةَ أَوْ الْغِرَاسَ أَوْ الْبِنَاءَ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيَانُ نَوْعِ الْمَزْرُوعِ أَوْ الْمَغْرُوسِ أَوْ الْمَبْنِىِّ لِتَقَارُبٍ فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافِ نَعَمْ إنْ أَجَرَ عَنْ غَيْرِهِ بِنِيَابَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ لِوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَا تَقَرَّرَ فِي الشُّرْبِ بِالنِّسْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>