للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَوْتِهِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لِسَائِرِ النُّظَّارِ مِنْ بَعْدِهِ إذَا قَالَ الْوَاقِفُ: النَّظَرُ لِفُلَانٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِفُلَانٍ إلَخْ؟ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ هَلْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ نَقْضُهُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ النَّاظِرُ الْمُسْتَحِقُّ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمْ لَا؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ النَّاظِرِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ إجَارَةُ النَّاظِرِ بِمَوْتِهِ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِتَخْصِيصِ نَظَرِهِ بِحِصَّتِهِ، وَأَمَّا فِيمَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ فَلَا انْفِسَاخَ، سَوَاءٌ قَيَّدَ بِمُدَّةِ الْحَيَاةِ أَمْ لَا. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَشْرُوطِ نَظَرُهُ مِنْ الْبَطْنِ الْأُولَى وَمَا بَعْدَهَا ابْتِدَاءً أَوْ بِشَرْطِ مَوْتِ فُلَانٍ مَثَلًا، وَإِذَا حَكَمَ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ قَاضٍ يَرَاهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ، وَالنَّاظِرُ الْمُسْتَحِقُّ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ سَوَاءٌ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْته، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ فِي جَوَابٍ طَوِيلٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى بَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ التَّفْصِيلَ هُوَ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ، وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ ذَلِكَ فَلْيَنْظُرْ ذَلِكَ الْجَوَابَ مِنْ الْفَتَاوَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْعَامَّ صَيَّرَهُ مُتَكَلِّمًا عَلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَجَّرَ وَلِيٌّ صَبِيًّا مُدَّةً فَبَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ سَيِّدٌ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، فَإِذَا اقْتَضَى نَظَرُهُ مُدَّةً يُؤْجَرُ لَهَا لَمْ تَنْفَسِخْ بِمَوْتِهِ لِسَرَيَانِ فِعْلِهِ عَلَى غَيْرِهِ لِتَعْمِيمِ الْوَاقِفِ لِنَظَرِهِ بِخِلَافِ الْخَاصِّ، فَإِنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَرْضَ بِتَكَلُّمِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَبِمَوْتِهِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ فَانْفَسَخَ فِيهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ دَوَابَّ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةَ عَيْنٍ إلَى بَلَدٍ مَعْلُومَةٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ السَّفَرَ صُحْبَةَ الرَّكْبِ الْيَمَانِيِّ مَثَلًا أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا فَأَحْضَرَهَا لَهُ الْمُؤَجِّرُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَأَنَاخَهَا بِبَابِهِ مَثَلًا فَحَصَلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عُذْرٌ كَمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْبَةٍ فِي مَحَلٍّ لَا يُعْرَفُ، فَهَلْ لِمُؤَجِّرِ الْجِمَالِ الْفَسْخُ وَدَفْعُ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ قَبَضَهَا لِوَكِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ؟ وَهَلْ لَهُ إجَارَتُهَا بِمُقْتَضَى ذَلِكَ لِلْغَيْرِ وَالسَّفَرُ بِهَا إلَى أَيِّ مَحَلٍّ أَرَادَ أَمْ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ؟ فَإِذَا قُلْتُمْ: لَا فَسْخَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَحْيِيرُهُ وَضَرَرُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَدَوَابِّهِ لِمُؤَنِهِ وَمُؤَنِ دَوَابِّهِ الْمَضَرَّةَ الشَّدِيدَةَ.

وَالْحَدِيثُ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَلَا سِيَّمَا إنْ طَالَ مَرَضُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ حَبْسُهُ أَوْ غَيْبَتُهُ، وَإِذَا أَنَاخَهَا الْمُؤَجِّرُ بِبَابِ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ أَوْ سَلَّمَهَا لِوَكِيلِهِ أَوْ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ عُذْرٌ وَمَضَتْ مُدَّةُ زَمَنِ إمْكَانِ السَّفَرِ إلَى الْبَلْدَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالِهَا مُدَّةَ زَمَنِ الْمُضِيِّ إلَى الْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُتَسَلِّمِ مِفْتَاحَ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ بِهَا؟ هَلْ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي صُلْبِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ صَحِيحٌ أَمْ تُخِلُّ بِهَا وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ مِنْ أَصْلِهَا؟ أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ عَنْ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: تَسْتَقِرُّ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ إنْ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُكْتَرِي بِتَسَلُّمِهِ الدَّابَّةَ وَمُضِيِّ قَدْرِ نَحْوِ الْمُدَّةِ أَوْ الْعَمَلِ الْمُقَدَّرِ بِهِ، سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَدَمُ الِاسْتِيفَاءِ لِعُذْرٍ أَمْ لِغَيْرِهِ، وَشَرْطُهُ صُحْبَةَ الرَّكْبِ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ فَسْخٌ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَ لَهُ إيجَارُهَا لِشَخْصٍ ثَانٍ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ بِمُضِيِّ إمْكَانِ اسْتِيفَاءِ مَا قُدِّرَ بِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِمَّا قُلْنَاهُ تَضَرُّرُ الْمُؤَجِّرِ بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ عِنْدَ دَابَّتِهِ يُوَكِّلُ مَنْ يَقُومُ عَنْهُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَتَعَهُّدِهَا فَإِنْ لَمْ يَرَ وَكِيلًا وَلَا وَثِقَ بِالْمُسْتَأْجِرِ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ كَارَى جَمَّالًا عَلَى أَحْمَالٍ مَعْلُومَةِ الْوَزْنِ فَحَمَلَهَا الْجَمَّالُ أَيَّامًا فَانْقَطَعَتْ جِمَالُهُ مَثَلًا فَوُزِنَتْ الْأَحْمَالُ فَوُجِدَتْ زَائِدَةً زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْجَمَّالُ بِسَبَبِ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إذَا حَمَّلَ الْمُكْتَرِي ذَلِكَ الزَّائِدَ وَلَيْسَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَهَا ضَمِنَهَا كُلَّهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ أَوْ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا أَوْ سَلَّمَ الْمُكْتَرِي ذَلِكَ لِلْمُكْرِي فَحَمَلَهُ جَاهِلًا بِالزِّيَادَةِ بِأَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ فِي قَدْرِهِ ضَمِنَ قَسْطَ الزَّائِدِ إنْ تَلِفَتْ بِالْحَمْلِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ، وَيَضْمَنُ مَعَ ذَلِكَ أُجْرَةَ مِثْلِ الزِّيَادَةِ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) بِمَا لَفْظُهُ لَفْظُهُ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ نَحْوَ أَرْضٍ أَوْ دَابَّةٍ وَسَافَرَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَهَلْ تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إذَا قَبَضَهَا مِنْهُ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>