إلَيْهَا زِيَادَةً فِي الْبِنَاءِ مَوْصُولَةً بِهَا مُتَمَلِّكًا ذَلِكَ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَجْمُوعِ بِفَتْحِ شَبَابِيكَ أَوْ غَيْرِهَا.
الرَّابِعَ عَشَرَ: لَا أَظُنُّ فَقِيهًا يَسْمَحُ بِأَنَّهُ يُجَوِّزُ لِأَحَدٍ إعَادَةَ حَائِطِ الْمَسْجِدِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى نِيَّةِ التَّمْلِيكِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَا يَشَاءُ مَعَ وُجُودِ سَهْمِ الْمَصَالِحِ أَوْ رَيْعِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ.
الْخَامِسَ عَشَرَ: لَا شَكَّ أَنَّ جَمِيعَ مَا بِأَيْدِي الْمُلُوكِ الْآنَ هُوَ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ فِي أَيْدِيهِمْ شَيْءٌ يُثْبِتُ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَأَيُّ جِهَةٍ فُرِضَتْ فَفِيهَا الْجَوَابُ الشَّافِي، فَالْحَائِطُ الَّذِي يُعِيدُهُ الْإِمَامُ الْآنَ لَيْسَ مِلْكَهُ.
السَّادِسَ عَشَرَ: صَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْعُ جُدُرٍ بَيْنَ مَسَاجِدَ مُتَلَاصِقَةٍ وَجَعْلِهَا مَسْجِدًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ مَعَالِمَ الْوَقْفِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَرْكُ جِدَارِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى جِدَارٍ وَاحِدٍ يُجْعَلُ لِلْمَدْرَسَةِ الَّتِي تُلَاصِقُهُ مُكْتَفِيًا بِهِ عَنْ جِدَارِ الْمَسْجِدِ عَلَى جِهَةِ الِاخْتِصَاصِ بِالْمَدْرَسَةِ أَوْ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ جِدَارٍ لِلْمَسْجِدِ مُتَمَيِّزٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ جِدَارٍ غَيْرِهِ مُخْتَصٍّ بِهِ وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ غَيْرِهِ اهـ. حَاصِلُ كَلَامِ الْجَلَالِ مَعَ حَذْفِ كَثِيرٍ مِنْهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِيهِ نَقْدٌ يُمَيِّزُهُ التَّأَمُّلُ الصَّادِقُ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُ حَسَنٌ قَالَ: وَقَدْ تَعَرَّضَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا لِلْمَسْأَلَةِ وَعُمُومِهَا فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ.
سُئِلَ السُّبْكِيّ عَنْ بَابٍ فُتِحَ فِي سُورِ الْمَسْجِدِ هَلْ بَعْدَ فَتْحِهِ يَجُوزُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْهُ لِلْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَقَامَيْنِ: جَوَازِ فَتْحِ الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَلَى قَوَاعِدِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَكَادُ الشَّافِعِيَّةُ يَرْتَابُونَ فِي إنْكَارِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ يَحْتَرِزُونَ عَنْ تَغْيِيرِ الْوَقْفِ جِدًّا، وَلَمَّا فُتِحَ شُبَّاكُ الطَّبَرَسِيَّةِ فِي جِدَارِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ وَرَأَيْته مِنْ الْمُنْكَرَاتِ، وَلَمَّا فَتَحَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ فِي بَيْتِهِ بِالْمَدْرَسَةِ الشَّرِيفِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ شُبَّاكًا لَطَّهَا لِأَجْلِ الضَّوْءِ خَشِيَ الْإِنْكَار عَلَيْهِ فَقَالَ لِي: إنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى كَلَامٍ فِي الْمَطْلَبِ هُوَ كَلَامُهُمْ مَعَهُمْ أَنَّ أَغْرَاضَ الْوَاقِفِينَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ بِهَا يُنْظَرُ إلَيْهَا وَلِهَذَا كَانَ شَيْخُنَا عِمَادُ الدِّينِ يَقُولُ: إذَا اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ تَغْيِيرَ الْوَقْفِ فِي صُورَتِهِ لِزِيَادَةِ رَيْعِهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ شَاهِدَةٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ ذَكَرَهُ الْوَاقِفُ حَالَةَ الْوَقْفِ لَأَثْبَتَهُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ، ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ التَّقِيِّ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا يُشْعِرُ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَاغْتَبَطَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ التَّقِيَّ كَانَ قُدْوَةَ زَمَانِهِ عِلْمًا وَدِينًا قَالَ السُّبْكِيّ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ جَوَازُ ذَلِكَ إنْ قَلَّ بِحَيْثُ لَا يُغَيَّرُ مُسَمَّى الْوَقْفِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى مَنْعِهِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَلَمْ يُزَلْ شَيْءٌ مِنْ عَيْنِهِ بِأَنْ يُنْقَلَ بَعْضُهُ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةُ الْوَقْفِ وَفَتْحُ شُبَّاكِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْجَامِعِ الْأَزْهَرِ فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَا فَتْحُ أَبْوَابٍ لِلْحَرَمِ لَا حَاجَةَ لِلْحَرَمِ فِيهَا، وَإِنَّمَا هِيَ لِمَصْلَحَةِ سَاكِنِهَا فَلَا يَجُوزُ عَلَى مُقْتَضَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي فَتَاوِيهِ، لَكِنْ فِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ بَابَيْهَا كَانَا فِي زَمَنِ إبْرَاهِيمَ وَكَذَا بِفِعْلِ عُثْمَانَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ هَدْمًا بِالْكُلِّيَّةِ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَلْزَمُ طَرْدُهُ فِي كُلِّ وَقْفٍ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُصَانَ ذَلِكَ عَنْ هَدْمِ شَيْءٍ لِأَجْلِ الْفَتْحِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَوْقُوفِ، وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ الْفَتْحُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ فِي بَابٍ جَدِيدٍ فِي الْحَرَمِ إذَا ضَاقَتْ أَبْوَابُهُ مِنْ ازْدِحَامِ الْحَجِيجِ، الْمَقَامُ الثَّانِي جَوَازُ الِاسْتِطْرَاقِ فِيهِ بَعْدَ فَتْحِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ جَازَ الْفَتْحُ جَازَ الِاسْتِطْرَاقُ وَحَيْثُ لَا فَلَا، لَكِنْ عَلَى بَسْطٍ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي فَتَاوِيهِ وَفِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ لِلزَّرْكَشِيِّ وَظَاهِرُ خَبَرِ الْأَمْرِ بِسَدِّ الْأَبْوَابِ مُشْكِلٌ، وَهُوَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ أَصْلِ الْوَقْفِ لَزِمَ عَلَيْهِ جَوَازُ تَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُحْدَثَةً لَزِمَ عَلَيْهِ جَوَازُ فَتْحِ الْبَابِ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَكُوَّةٍ يَدْخُلُ مِنْهَا الضَّوْءُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةٌ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يَفْتَحَ مِنْ دَارِهِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْمَسْجِدِ بَابًا إلَى الْمَسْجِدِ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَاقِفِ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَقَفَ الْمَسْجِد اهـ. وَهُوَ إشْكَالٌ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ أَوَّلًا كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ نُسِخَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute