للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِمَامِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَمَلَكُوا مَنْفَعَةَ الْمَوْقُوفِ، لَكِنْ فَارَقُوا الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ عَيَّنَهُمْ الْوَاقِفُ فِي جَوَازِ رُجُوعِ الْإِمَامِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ حِمَايَةُ الْبَيْضَةِ بِأَيِّ جَمْعٍ كَانُوا، وَبِالْجُمْلَةِ فَتَشْبِيهُهُمْ بِالزَّوْجَةِ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمْ أَرَصَدُوا أَنْفُسَهُمْ وَبَذَلُوهَا لِلذَّبِّ، كَمَا أَرْصَدَتْ بُضْعَهَا وَبَذَلَتْهَا لِلِاسْتِمْتَاعِ، فَمَلَكَتْ الْمَنْفَعَةَ وَتَصَرَّفَتْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الزَّوْجِ، فَكَذَلِكَ الْمُرْتَزِقَةُ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى مُرَاجَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَتِهِمْ لِلنَّاظِرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْصُدُوا أَنْفُسَهُمْ وَلَمْ يَبْذُلُوهَا لِلْوَاقِفِ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: ١١١] الْآيَةَ، فَسَمَّى بَذْلَهَا بَيْعًا وَجَعَلَ ثَمَنَهُ الْجَنَّةَ وَسَمَّاهُ شِرَاءً وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٦] إلَى أَنْ قَالَ {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: ٧] وَكَذَا فِي آيَةِ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال: ٤١] فَأُتِيَ بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْمُقْتَضِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا يُصْرَفُ لِلْمُرْتَزِقَةِ مِنْ مَنْقُولِ الْفَيْءِ مِلْكٌ لَهُمْ رَقَبَةً وَمَنْفَعَةً فَإِنْ كَانَ مِنْ عَقَارِهِ قَبْلَ إنْشَاءِ الْوَقْفِ وَرَأَى الْإِمَامُ تَمْلِيكَهُمْ إيَّاهُ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحِينَئِذٍ فَيَمْلِكُونَهُ رَقَبَةً وَمَنْفَعَةً، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ إنْشَائِهِ فَقَدْ تَعَذَّرَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَبَقِيَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَمْلِكُونَ الْمَنْفَعَةَ وَيَدْخُلُونَ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَلِلَّهِ} [الحشر: ٧] الْآيَةَ حَيْثُ أَتَى فَاللَّامُ الْمِلْكِ فَقَدْ زَالَ التَّرَدُّدُ الَّذِي قَالَهُ الْفَزَارِيّ فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ وَتَبَيَّنَ بِالنَّصِّ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا وَبَطَلَ التَّشْبِيهُ بِالْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَإِنَّمَا مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَنْ أَرْضٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِوَاحِدٍ عُلُوُّهَا وَلِلْآخَرِ سُفْلُهَا وَالْمَاءُ يَدْخُلُ مِنْ عُلُوِّهَا لِسُفْلِهَا فَأَخْرَبَ السَّيْلُ عُلُوَّهَا فَأَصْلَحَهُ مَالِكُهُ مَثَلًا لَكِنْ بَقِيَ مُنْخَفِضًا يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ أَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَمَا يَكُونُ الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَسْتَحِقُّ السَّقْيَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَكَانَتْ تُسْقَى كَذَا فَخَرِبَ أَعْلَاهَا فَعُمِّرَ وَبَقِيَ مُنْخَفِضًا أُجْبِرَ عَلَى تَسْوِيَتِهِ بِالتُّرَابِ حَتَّى يَصِيرَ فِي الِارْتِفَاعِ كَالسُّفْلَى فَإِنْ تَعَذَّرَ وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَال حَقِّ السُّفْلَى، وَكَذَا فِي صُورَةِ الْعَكْسِ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلَى تَسْوِيَتُهَا كَذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْوَقْفُ كَمَا ذُكِرَ وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا عِمَارَةُ مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ بِتَقْصِيرِهِ فِي إخْرَابِ السَّيْلِ لِأَرْضِهِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي الصُّلْحِ. وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ كُلًّا يَسْتَحِقُّ السَّقْيَ فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُوَصِّلَ صَاحِبَهُ إلَى حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ فَأَفْتَاهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ مِلْكِهِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِذَلِكَ ضَعِيفٌ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ حَفَرَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاقِيَةً تَعَدِّيًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ تُعَادَ كَمَا كَانَتْ.

(وَسُئِلَ) هَلْ لِمَالِكِ أَرْضٍ لَهَا شُرْبٌ مَنْعُ النَّاسِ مِنْ الِاسْتِقَاءِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى مَا يَكْفِي أَرْضَهُ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَلَوْ أَرَادُوا قِسْمَةَ النَّهْرِ وَكَانَ عَرِيضًا جَازَ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْإِجْبَارُ كَالْجِدَارِ الْمَائِلِ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: قَدْ يُعَارِضُهُ مَا فِي الشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ ذُكِرَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ الطَّاحُونُ وَالْحَمَّامُ وَالْبِئْرُ وَالنَّهْرُ إذَا أَمْكَنَ جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا الشَّرِكَةُ فِي مَسِيلِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ، وَحُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ النَّهْرُ بَيْنَ مَزَارِعَ وَهِيَ عَلَى حَافَّتَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا لَا عَلَى حَفْرِ أَنْهَارٍ وَسَوَاقِيَ وَسَوْقِ الْمَاءِ إلَيْهَا مِنْ الْأَوْدِيَةِ الْعَظِيمَةِ وَلِمَا فِي تَرْكِ الْقِسْمَةِ فِي هَذِهِ مِنْ الْمَضَرَّةِ الْعَظِيمَةِ.

(وَسُئِلَ) نُقِلَ عَنْ الْفَارِقِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَقْطَعَ وَمَاتَ لَا يَجُوزُ لِلْمُقْطَعِ أَنْ يَسْتَدِيمَ مَا أُقْطِعَ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ مِنْ الْإِمَامِ الثَّانِي فَهَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَزِّيِّ فِي بَابِ الْهِبَةِ مِنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ.

(وَسُئِلَ) كَمْ يَمْلِكُ الرَّجُلُ مِنْ الْجَبَلِ الَّذِي فَوْقَ أَرْضِهِ مَثَلًا وَإِذَا كَانَ فَوْقَ أَرْضِهِ وَادٍ صَغِيرٍ وَأَرْضُهُ تَحْتَمِلُ جَمِيعَ مَا يَرِدُ مِنْ الْمَاءِ فَهَلْ يَمْلِكُ هَذَا الْمَسِيلَ جَمِيعَهُ؟

(فَأَجَابَ) إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَمْلُوكَةً بِالْإِحْيَاءِ مَلَكَ قَدْرَ ذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَمَا عَرَفَ مِنْ حُقُوقِهَا عِنْدَ نَحْوِ الْبَيْعِ أَوْ الْإِرْثِ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهُ دُونَ غَيْرِهِ.

(وَسُئِلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَمَّنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>