للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا اتَّصَلَ بِهَا ظَاهِرٌ فَإِنْ قُلْت: صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَنِيَّ لَوْ نَزَلَ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَحَبَسَهُ حَتَّى ارْتَدَّ إلَى مَحَلِّهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمٌ فَهَلَّا كَانَ الْحَيْضُ كَذَلِكَ؟ قُلْت: فَرْقٌ ظَاهِرٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْمَنِيَّ إذَا ارْتَدَّ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَثَرٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَمَّا الْحَيْضُ فَإِنَّهُ إذَا وُجِدَ بِبَاطِنِ الْفَرْجِ فَعَرَفَتْهُ بِالْخُرُوجِ عَلَى نَحْوِ قُطْنَةٍ ظَهَرَ لَهُ أَثَرٌ فَلَا يُقَاسُ هَذَا بِذَاكَ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْمَرْأَةِ إذَا تَحَيَّرَتْ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ إذَا صَامَتْ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَرَى طُهْرًا وَيَوْمَيْنِ حَيْضًا أَوْ بِضِدِّ ذَلِكَ، وَلَمْ تَعْرِفْ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَاشْرَحُوا لَنَا - شَرَحَ اللَّهُ صُدُورَكُمْ - قَوْلَهُ فِي الْمِنْهَاجِ؟ (تَصُومُ شَهْرَيْنِ يَصِحُّ لَهَا مِنْ كُلِّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَصُومُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ الثَّالِثِ. . . إلَخْ) وَمَا صُورَةُ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ - بِأَنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ حَيْثُ أُطْلِقَتْ أُرِيدَ بِهَا النَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا قَدْرًا وَوَقْتًا سَوَاءٌ كَانَتْ تَرَى يَوْمًا نَقَاءً وَيَوْمًا حَيْضًا أَوْ عَكْسَهُ أَمْ لَا، وَحُكْمُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الطَّاهِرَةَ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ وَنَحْوُهُ كَالْحَائِضِ فَيَلْزَمُهَا فِعْلُ الصَّلَوَاتِ وَقَضَاؤُهَا بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأَئِمَّةُ، وَيَلْزَمُهَا صَوْمُ رَمَضَانَ فَإِذَا صَامَتْهُ حَصَلَ لَهَا مِنْهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ إنْ كَمُلَ، وَثَلَاثَةَ عَشَرَ إنْ نَقَصَ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ حَيْضَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَنَّهُ يُقْبِلُ فِي يَوْمٍ وَيَنْقَطِعُ فِي يَوْمٍ فَيَفْسُدُ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ تَصُومُ بَعْدَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَاءً فَيَحْصُلُ لَهَا مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَبْقَى عَلَيْهَا يَوْمَانِ، وَلَهَا فِي كَيْفِيَّةِ قَضَائِهِمَا صُوَرٌ مِنْهَا:

أَنَّهَا تَصُومُ يَوْمًا وَخَامِسَهُ وَعَاشِرَهُ وَسَابِعَ عَشَرِهِ وَحَادِي عَشَرَيْهِ أَوْ تَصُومُ يَوْمًا وَثَالِثَهُ وَخَامِسَهُ وَسَابِعَ عَشَرِهِ وَتَاسِعَ عَشَرِهِ أَوْ يَوْمًا وَرَابِعَهُ وَسَادِسَهُ وَسَابِعَ عَشَرِهِ وَيَوْمَ الْعِشْرِينَ مِنْهُ، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ تَضِيقُ الْوَرَقَةُ عَنْهُ فَإِنْ صَامَتْ عَلَى غَيْرِ النَّحْوِ الْمَذْكُورِ لَمْ تَبْرَأْ كَأَنْ صَامَتْ الْأَوَّلَ وَثَالِثَهُ وَسَابِعَ عَشَرِهِ وَتَاسِعَ عَشَرِهِ أَوْ الْأَوَّلَ وَثَالِثَهُ وَسَابِعَ عَشَرِهِ وَتَاسِعَ عَشَرِهِ وَحَادِي عَشَرَيْهِ أَوْ صَامَتْ الْأَيَّامَ الْخَمْسَةَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ الْأَوَّلَ وَثَانِيَهُ وَثَالِثَهُ وَسَابِعَ عَشَرِهِ وَثَامِنَ عَشَرِهِ أَوْ الْأَوَّلَ وَثَالِثَهُ وَخَامِسَهُ وَسَابِعَ عَشَرِهِ وَثَامِنَ عَشَرِهِ، وَتَوْجِيهُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ - عَنْ امْرَأَةٍ عَادَةُ حَيْضِهَا سِتَّةُ أَيَّامٍ وَطُهْرُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَرَأَتْ الدَّمَ فِي دَوْرِ حَيْضِهَا الْمُعْتَادِ ثُمَّ طَهُرَتْ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ ثَمَانِيًا وَانْقَطَعَ وَلَا تَمْيِيزَ لَهَا فَمَا حُكْمُ الدَّمِ الَّذِي رَأَتْهُ بَعْدَ الْأَحَدَ عَشَرَ هَلْ هُوَ اسْتِحَاضَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَتْ تَحِيضُ فِيهِ أَوْ نَأْخُذُ لَهَا مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ تَكْمِلَةً لِلطُّهْرِ وَالْبَاقِي حَيْضٌ؟ أَفْتُونَا مَعَ التَّوْضِيحِ، فَالضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ أَرْبَعَةً مِنْ الدَّمِ الْعَائِدِ طُهْرٌ وَالْبَاقِي حَيْضٌ أَخْذًا مِمَّا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ كَالْعَزِيزِ، وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ؟

(أَمَّا بَيَانُ قَدْرِ الطُّهْرِ إذَا تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ فَفِيهِ صُوَرٌ فَإِذَا كَانَ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَرَأَتْ فِي شَهْرٍ الْخَمْسَةَ الثَّانِيَةَ فَقَدْ صَارَ دَوْرُهَا الْمُتَقَدِّمُ عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ مِنْهَا خَمْسَةٌ حَيْضٌ وَثَلَاثُونَ طُهْرٌ فَإِنْ تَكَرَّرَ هَذَا ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ وَأَطْبَقَ الدَّمُ الْمُبْهَمُ رُدَّتْ إلَى هَذِهِ أَبَدًا اتِّفَاقًا، فَيَكُونُ لَهَا خَمْسَةٌ حَيْضًا وَثَلَاثُونَ طُهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ بِأَنْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ مِنْ أَوَّلِ الْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ.

وَالْأَصَحُّ أَنَّ حَيْضَهَا فِي هَذَا الشَّهْرِ خَمْسَةٌ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ الْمُبْتَدِئِ، وَهِيَ الْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ ثُمَّ إنْ أَثْبَتْنَا الْعَادَةَ بِمَرَّةٍ جَعَلْنَا دَوْرَهَا خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ مِنْهَا خَمْسَةٌ حَيْضٌ وَالْبَاقِي طُهْرٌ، وَهَكَذَا أَبَدًا وَإِنْ لَمْ نُثْبِتْهَا بِمَرَّةٍ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ طُهْرَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَعْدَ الْخَمْسَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُتَكَرِّرُ مِنْ طُهْرِهَا ثُمَّ قَالَ: أَمَّا إذَا كَانَ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ فَرَأَتْ الدَّمَ فِي الْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ، وَانْقَطَعَ ثُمَّ عَادَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَقَدْ صَارَ دَوْرُهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَإِنْ تَكَرَّرَ ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَى ذَلِكَ، وَجُعِلَ دَوْرُهَا أَبَدًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرَ فَالْخَمْسَةُ الْأُولَى حَيْضٌ اتِّفَاقًا.

وَأَمَّا الطُّهْرُ، فَإِنْ أَثْبَتْنَا الْعَادَةَ بِمَرَّةٍ فَهُوَ عِشْرُونَ وَإِلَّا فَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَمَّا إذَا حَاضَتْ خَمْسَتَهَا الْمَعْهُودَةَ أَوَّلَ الشَّهْرِ ثُمَّ طَهُرَتْ عِشْرِينَ ثُمَّ عَادَ الدَّمُ فِي الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ حَيْضُهَا وَصَارَ دَوْرُهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، فَإِنْ تَكَرَّرَ ثُمَّ اسْتَحَاضَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا وَجُعِلَ دَوْرُهَا أَبَدًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الدَّمُ بِأَنْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْأَخِيرَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَحَاصِلُ مَا تَخَرَّجَ مِنْ طُرُقِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>