للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَحِيضُ خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ وَتَطْهُرُ عِشْرِينَ، وَهَكَذَا أَبَدًا ثُمَّ قَالَ: أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَحَاضَتْ خَمْسَتَهَا وَطَهُرَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ عَادَ الدَّمُ وَاسْتَمَرَّ فَالْمُتَخَلِّلُ بَيْنَ خَمْسَتِهَا، وَالدَّمُ نَاقِصٌ عَنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ:

أَصَحُّهَا أَنَّ يَوْمًا مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ الْعَائِدِ اسْتِحَاضَةٌ تَكْمِيلًا لِلطُّهْرِ وَخَمْسَةً بَعْدَهُ حَيْضٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرٌ وَصَارَ دَوْرُهَا عِشْرِينَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ الدَّمِ الْعَائِدِ اسْتِحَاضَةٌ ثُمَّ الْعَشَرَةَ الْبَاقِيَةَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ مَعَ خَمْسَةٍ مِنْ أَوَّلِ الَّذِي يَلِيه حَيْضٌ، وَمَجْمُوعُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَطْهُرُ خَمْسَةً تَمَامَ الشَّهْرِ وَتُحَافِظُ عَلَى دَوْرِهَا الْقَدِيمِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ الدَّمِ الْعَائِدِ اسْتِحَاضَةٌ وَبَعْدَهُ خَمْسَةٌ حَيْضٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ طُهْرٌ وَكَذَا أَبَدًا.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ جَمِيعَ الْعَائِدِ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ اسْتِحَاضَةٌ وَيُفْتَتَحُ دَوْرُهَا الْقَدِيمُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ السَّابِقِ) انْتَهَتْ عِبَارَتُهُ مُلَخَّصَةً، وَالصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ فِيهَا الْمَحْكِيُّ فِيهَا هَذِهِ الْأَوْجُهُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ نَظِيرَةُ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ فَيَجْرِي فِي تِلْكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي هَذِهِ مِمَّا تَقَرَّرَ كَمَا أَشَرْت إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِي أَوَّلًا؟

(الْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ أَرْبَعَةً. .. إلَخْ) وَمَا عَبَّرْت عَنْهُ بِالطُّهْرِ عُبِّرَ عَنْ نَظِيرِهِ فِي الْمَجْمُوعِ بِالِاسْتِحَاضَةِ وَلَا تَنَافِي؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الِاسْتِحَاضَةِ أَيَّامُ طُهْرٍ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ وَنَفَعَ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ - فِي امْرَأَةٍ مُعْتَادَةٍ غَيْرِ مُمَيِّزَةٍ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ وَهِيَ تَعْلَمُهُمَا قَدْرًا وَوَقْتًا، وَعَادَتُهَا تَحِيضُ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ تَطْهُرُ ثُمَّ جَاوَزَ حَيْضُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا غَيْرَ الْعَادَةِ شَهْرًا، ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ، ثُمَّ الثَّالِثُ كَذَلِكَ فَإِذَا اسْتَمَرَّ هَكَذَا فِي كُلِّ شَهْرٍ إلَى مَا لَا يَنْتَهِي هَلْ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا الْأُولَى قَدْرًا وَوَقْتًا وَهِيَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ؟ فَإِذَا قُلْتُمْ: نَعَمْ تَغْتَسِلُ بَعْدَ السَّبْعِ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي مَثَلًا أَوْ تَصْبِرُ حَتَّى تُجَاوِزَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَقْضِي مَا عَلَيْهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ بَعْدَ السَّبْعَةِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِمْ: تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ، وَالْحَالُ قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا بِمَرَّاتٍ عَدِيدَةٍ؟ وَمَا الْحُكْمُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اضْطَرَبَ عَلَيْهَا وَصَارَ مَرَّةً يُجَاوِزُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمَرَّةً لَا يُجَاوِزُهَا؟

(فَأَجَابَ) - أَمَدَّنَا اللَّهُ مِنْ مَدَدِهِ - بِقَوْلِهِ: نَعَمْ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا وَهِيَ السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ، فَعَقِبَهَا تَغْتَسِلُ وَلَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْوَطْءِ وَغَيْرِهَا وَلَا تُمْسِكُ إلَى آخِرِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا بِالشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ، وَالِاسْتِحَاضَةُ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ، فَالظَّاهِرُ دَوَامُهَا وَمَتَى انْقَطَعَ فِي دَوْرٍ لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ أَوْ دُونَهَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْكُلَّ حَيْضٌ فَتُعِيدُ الْغُسْلَ وَتَقْضِي مَا صَامَتْهُ مَعَ الدَّمِ لِبُطْلَانِهِ.

وَلَا تَأْثَمُ بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْوَطْءِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ الْعَادَةِ، وَإِنْ بَانَ وُقُوعُهَا فِي الْحَيْضِ بِأَنَّهَا كَانَتْ جَاهِلَةً أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَنَ حَيْضٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهَا ذَلِكَ إلَّا بِالِانْقِطَاعِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ بَلْ كَانَتْ مَأْمُورَةً بَعْدَ السَّبْعِ بِنَحْوِ الصَّلَاةِ ظَنًّا أَنَّ دَمَهَا يُجَاوِزُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى مِنْوَالِ مَا سَبَقَهُ، فَلَمَّا انْقَطَعَ قَبْلَ مُجَاوَزَتِهَا أَلْزَمْنَاهَا بِحُكْمِ الطَّاهِرَاتِ فِيمَا بَعْدَ الرَّدِّ، وَهِيَ السَّبْعَةُ هُنَا مِنْ غَيْرِ أَنْ نُؤَثِّمَهَا لِعُذْرِهَا كَمَا تَقَرَّرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي امْرَأَةٍ تَحِيضُ فِي نِصْفِ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ أَوْ سِتَّةَ أَيَّامٍ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ مَعَهَا بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ، ثُمَّ أَخَلَّ بِهَا فَصَارَ يَطْرُقُهَا فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ، ثُمَّ أَخَلَّ بِهَا أَيْضًا فَصَارَ يَطْرُقُهَا مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً خَمْسَةُ أَيَّامٍ كَالْعَادَةِ وَمَرَّةً يَوْمًا وَلَيْلَةً وَمَرَّةً يُجَاوِزُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَمَرَّةً يَوْمًا وَلَيْلَةً وَمَرَّةً يَكُونُ الطُّهْرُ بَيْنَ الدَّمَيْنِ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَتَحَيَّرَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَصَارَتْ لَا تَعْرِفُ أَيَّامَ حَيْضَتِهَا قَدْرًا وَلَا وَقْتًا، فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهَا كَالْمُتَحَيِّرَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ الَّتِي تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا الْأُولَى وَهِيَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فِي نِصْفِ كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَيْفَ تَعْرِفُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا وَصِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ وَكَمْ تَصُومُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ وَكَمْ يَبْقَى عَلَيْهَا أَوْضِحُوهُ لَنَا وَبَيِّنُوهُ لَنَا بَيَانًا شَافِيًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ؟

(فَأَجَابَ) - مَتَّعَنَا اللَّهُ بِحَيَاتِهِ - بِقَوْلِهِ لَهَا حُكْمُ الْمُتَحَيِّرَةِ، فَتَعْمَلُ أَعْمَالَهَا وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَا لَمْ تَحْفَظْ مِقْدَارَ دَوْرِهَا، فَإِنْ حَفِظَتْهُ أَوْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى سِتَّةٍ مَثَلًا اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَدْوَارٍ وَتَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ وَيُحْسَبُ لَهَا مِنْهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا إنْ كَمُلَ وَإِلَّا فَثَلَاثَةَ عَشَرَ لِأَنَّ الْأَسْوَأَ أَنْ يُقَدَّرَ ابْتِدَاءُ الدَّمِ فِي يَوْمٍ وَانْقِطَاعُهُ فِي آخَرَ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ أَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>