للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْجُمْهُورِ فَلَوْ أَلْغَيْنَا مَفْهُومَ هَذَا الشَّرْطِ، وَقُلْنَا: إنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ وَلَدٍ يَنْتَقِلُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ دُونَ وَلَدِهِ لَزِمَ إلْغَاءُ هَذَا الشَّرْطِ مِنْ أَصْلِهِ، وَإِلْغَاءُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْوَاقِفِ مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِ وَمَعَ ظُهُورِهِ وَقُرْبِهِ إلَى مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا مَرَّ أَنَّ أَكْثَر كُتُبِ الْأَوْقَافِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَطْف بِثُمَّ فِي الْمَرَاتِب بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ فَرْعٌ، وَإِلَّا انْتَقَلَ مَا كَانَ لَهُ لِفَرْعِهِ، وَلَوْ فِي حَيَاةِ مَنْ فِي طَبَقَةِ الْمَيِّتِ وَيُصَرِّحُونَ بِذَلِكَ وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ عُرْفُ الْوَاقِفِينَ وَتَطَابَقَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ كُتُبِهِمْ فَلْيُعْمَلْ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ فِي مَسْأَلَتنَا الْمُؤَيِّدِ لِذَلِكَ وَيُحْمَلُ الْمُوَثِّقُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ الْمَفْهُوم لِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّرْكَشِيّ سَلَّمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تُنَافِي الْعَطْف بِثُمَّ وَنَحْوِهَا عُمِلَ بِتِلْكَ الْقَرِينَةِ وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ تِلْكَ الْقَرِينَةَ فِي مَسْأَلَتنَا مَوْجُودَة كَمَا يَأْتِي بَيَانُهَا بِأَبْسَطَ مِمَّا مَرَّ، وَمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ فَلْيُثْبِتْهُ بِدَلِيلٍ، وَلَا يَظْهَرُ بِهِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَوَّلًا يَرُدُّ مَا قَالَهُ فِي صُورَةِ الْإِفْتَاءِ الَّتِي ذَكَرهَا آخِرًا وَكَفَى بِهَذَا عَلَى فَرْضِ أَنْ لَا نَقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَكَيْفَ بِهِ مَعَ وُجُودِ النَّقْلِ فِيهَا، وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ: وَقَدْ اغْتَرَّ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ فَأَفْتَى إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ: هَذَا الِاغْتِرَارُ صَحِيحٌ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ مُؤَيِّدٌ لِمَا ذَكَره هَذَا الْبَعْضُ وَأَفْتَى بِهِ الْمَوَاقِفُ لِلْمَنْقُولِ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ، وَآخِر كَلَامِ الرَّافِعِيِّ يُبَيِّنُ مُرَادَهُ مُجَرَّدَ دَعْوَى، وَاَلَّذِي ذَكَره بَعْدُ مُبَايِنٌ لِمَا نَحْنُ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ كَانَ نَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ خَاصَّةً وَيُشَارِكُونَ الْبَاقِينَ فِيمَا عَدَا نَصِيبَ أَبِيهِمْ اهـ.

وَهَذَا لَيْسَ مُشَابِهًا لِمَا نَحْنُ فِيهِ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ فَكَيْف يَدَّعِي أَنَّهُ يُبَيِّنُ مُرَادَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَعَ تَبَايُنِ الصُّورَتَيْنِ؟ ، فَإِنَّ فِي صُورَتِنَا الْعَطْفُ بِثُمَّ وَهَذِهِ فِي الْعَطْف بِالْوَاوِ الْمُقْتَضِي لِأَخْذِ الْوَلَدِ نَصِيبَ أَبِيهِ وَمُشَارَكَتِهِ الْبَاقِينَ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ النَّصِيبِ كَمَا تَقَرَّرَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْجَزْمِ بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّ ظَاهَرَ كَلَام الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لِلتَّرْتِيبِ.

وَمِنْهَا قَوْلُهُ: وَقَدْ سَبَقَ مِنْ كَلَام صَاحِبِ التَّقْرِيبِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَصِيرُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ، مُرَادُهُ بِذَلِكَ مَا قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ وَقَفَ عَلَى شَخْصَيْنِ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا حَكَى الْأَئِمَّةُ فِي نَصِيبِهِ وَجْهَيْنِ: أَظْهَرهمَا وَيَحْكِي عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى الْمَسَاكِينِ انْقِرَاضَهُمَا وَلَمْ يُوجَدْ وَالثَّانِي: عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْمَسَاكِينِ وَيُقَال: صَارَ الْوَقْفُ فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ اهـ. كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.

قَالَ الزَّرْكَشِيّ: فِيهِ أَمْرٌ: أَنَّ أَحَدَهُمَا مَا قَالَ إنَّهُ الْقِيَاس وَلَمْ يَذْكُرهُ مَنْقُولًا وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْد ذَلِكَ بِقَلِيلٍ عَنْ رِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ صَاحِبِ الْإِقْنَاعِ وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَا عَزَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْإِفْصَاحِ هُوَ مَا بَحَثَهُ هُنَا وَأَيْضًا فَيَكُونُ لِلطَّبَرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ ثُمَّ رَأَيْته فِي التَّقْرِيبِ لِابْنِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ احْتِمَالًا لَهُ فَقَالَ: يَحْتَمِل هَذَا وَجْهَيْنِ: أَحَدَهُمَا: أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ لِلْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَخْرَجًا بَعْد مَوْتِ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ لِلْبَاقِينَ وَلَا لِغَيْرِهِمْ، وَالْحُكْمُ فِي حِصَّةِ مَنْ مَاتَ إذَا لَمْ يُبَيِّن مَخْرَجًا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا مَاتُوا، وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَمَنْ قَالَ بِهِ قَالَ: لَوْ جَعَلَهُ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ تَرْجِعْ حِصَّتُهُ إلَى سَائِرِ الْأَوْلَادِ وَلَا إلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَيُرْجَعُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ فَإِذَا انْقَرَضَ الْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ عَادَ الْوَقْفُ كُلّه إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى شُرَكَائِهِ فِي الْوَقْفِ اهـ.

الْمَقْصُودُ مِنْ كَلَام الزَّرْكَشِيّ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَقَدْ سَبَقَ مِنْ كَلَام صَاحِبِ التَّقْرِيبِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَصِير مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَرَادَ بِالْإِشَارَةِ فِي ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ وَلَدِ الْوَلَدِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ إذْ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْن اسْتِحْقَاقِ وَلَدِ الْوَلَدِ هُنَا وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ بَلْ بَيْنهمَا غَايَةُ التَّنَافِي؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاق الْفَرْع هُنَا يُخْرِجُهُ عَنْ الِانْقِطَاعِ فِي الْوَسَطِ وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ يُحَقِّقُ الِانْقِطَاع فِيهِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ ذَاكَ، وَإِنْ أَرَادَ الَّذِي قَالَهُ هُوَ مِنْ اسْتِحْقَاقِ مَنْ فِي دَرَجَةِ الْمَيِّتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>