للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ شَخْصٍ لَهُ دَارٌ مَلَّكَهَا لِوَلَدِهِ الْقَاصِرِ أَوْ الْبَالِغِ السَّفِيهِ الْمَشْمُولِ بِحَجْرِهِ مَثَلًا وَقَبِلَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِي تَسَلُّمِهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مَثَلًا فَتَسَلَّمَهَا لَهُ وَحَازَهَا لَهُ وَهُوَ سَاكِنٌ هُوَ وَإِيَّاهُ فِيهَا إلَى حِينِ وَفَاةِ الْوَالِدِ مَثَلًا فَهَلْ يَمْلِكُهَا الْوَلَدُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْوَلَدُ عَلَى تَرِكَةِ وَالِدِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّةَ سُكْنَاهُ فِيهَا إلَى حِينِ وَفَاتِهِ؟ وَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إذَا مَلَّكَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَقَبِلَ مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي تَسَلُّمِهَا وَحَوْزِهَا ثُمَّ حَازَهَا وَتَسَلَّمَهَا، لَكِنْ هُوَ وَإِيَّاهُ سَاكِنَانِ إلَى حِينِ وَفَاةِ الْمُتَمَلِّكِ أَوْضِحُوا لَنَا ذَلِكَ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إذَا وَهَبَ دَارِهِ لِوَلَدِهِ الْمَشْمُولِ بِحَجْرِهِ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ وَقَصَدَ الْقَبْضَ عَنْهُ أَوْ أَقَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، مَلَكَ الْوَلَدُ الدَّارَ وَلَهُ عَلَى الْأَبِ أُجْرَةُ سُكْنَاهُ لَهَا بَعْدَ الْقَبْضِ عَنْهُ، وَلَا يُعْتَدُّ بِقَبْضِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ وَالِدُهُ فِيهِ، وَلَا بُدَّ فِي الْقَبْضِ مِنْ خُلُوِّهَا مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَمَتَى كَانَتْ مَشْغُولَةً بِأَمْتِعَةِ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ مِنْ الْأَبِ قَبْضٌ وَلَا إقْبَاضٌ لَهَا.

وَكَذَا الْمَوْهُوبَةُ لِأَجْنَبِيٍّ لَا يَصِحُّ مِنْهُ قَبْضُهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْوَاهِبُ حَيْثُ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِأَمْتِعَةِ الْوَاهِبِ أَوْ بِأَمْتِعَةِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ جَهَّزَ ابْنَتَهُ بِأَمْتِعَةٍ لَمْ تَمْلِكْهَا إلَّا بِلَفْظٍ مَعَ الْقَبْضِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا لَهَا إلَّا ادَّعَتْهُ اهـ. فَإِذَا مَاتَتْ الْبِنْتُ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ فِي الْأَمْتِعَةِ الْمِيرَاثَ وَقَالَ الْأَبُ: بَلْ هِيَ لِي لِأَنِّي لَمْ أَهَبْ وَلَمْ أُعْطِ بِنْتِي الْأَمْتِعَةَ إلَّا تَجْهِيزًا فَمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ ابْنَتَهُ وَجَهَّزَهَا إلَى دَارِ الزَّوْجِ فَإِنْ قَالَ: هَذَا جِهَازُ ابْنَتِي فَهُوَ مِلْكٌ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَهُوَ إعَارَةٌ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ اهـ. فَهَلْ يُصَدَّقُ أَيْضًا بِيَمِينِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْبِنْتِ إذَا طَلَبَ الزَّوْجُ الْمِيرَاثَ؟ أَمْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى ذَلِكَ؟ اهـ.

وَقَوْلُ الْخُوَارِزْمِيِّ فِي الْكَافِي: أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا أَوْ دِيبَاجًا وَزَيَّنَ بِهِ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ، يَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَحَكَاهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَقَرَّرَهُ اهـ. فَهَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَكُونُ مِلْكًا لِلْأَبِ أَمْ يَكُونُ لِلْوَلَدِ؟ اُبْسُطُوا لَنَا الْجَوَابَ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ صَحِيحٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ بِالْإِقْبَاضِ أَوْ الْإِذْنِ فِيهِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْهِبَةُ مِنْ الْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ يَتَوَلَّيَانِ طَرَفَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَإِذَا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ أَوْ نَحْوِهِ وَلِيُّ غَيْرِهِمَا قَبِلَ لَهُ الْحَاكِمُ، وَإِنَّمَا صُدِّقَ الْأَبُ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ لَهَا إذَا ادَّعَتْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْجِهَازِ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى يُعْلَمَ نَاقِلٌ لَهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِهَا، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ حُكِمَ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ وَصُدِّقَ فِي ذَلِكَ دُونَهَا، وَإِذَا صُدِّقَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا لَزِمَ تَصْدِيقُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى زَوْجِهَا بِالْأَوْلَى، فَإِذَا مَاتَتْ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ فِي تِلْكَ الْأَمْتِعَةِ الرُّبُعَ أَوْ النِّصْفَ وَأَنْكَرَ الْأَبُ كَوْنَهَا مِلْكًا لَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِلزَّوْجِ حَقٌّ فِي تِلْكَ الْأَمْتِعَةِ إنْ وَافَقَ الْأَبُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَهَبَهَا لِبِنْتِهِ، وَكَذَا إذَا أَقَامَ الْأَبُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا لَهُ قَبْلَ أَنْ يُجَهِّزَ بِهَا بِنْتَه، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ كَوْنَهَا مِلْكًا لِلْأَبِ قَبْلَ التَّجْهِيزِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْأَبِ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ، فَإِذَا حَلَفَ كَانَتْ تَرِكَةً عَنْهَا وَوَرِثَهَا عَنْهَا الزَّوْجُ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ لَا يُنَافِيه مَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ عَنْ الْقَاضِي، بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَجْعَلْ نَقْلَهُ الْجِهَازَ مَعَهَا إلَى دَارِ الزَّوْجِ مُقْتَضِيًا لِمِلْكِهَا، وَإِنَّمَا جُعِلَ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ إقْرَارَهُ بِقَوْلِهِ: هَذَا جِهَازُ بِنْتِي فَتَمْلِكُهُ حِينَئِذٍ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لَهَا بِالْمِلْكِ.

وَأَمَّا مُجَرَّدُ نَقْلِهِ الْأَمْتِعَةَ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِذَا ادَّعَتْهُ هِيَ أَوْ زَوْجُهَا بَعْدَ مَوْتِهَا وَادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ قَوْلُهُ: هَذَا جِهَازُهَا أَوْ مِلْكُهَا أَوْ لَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي كَلَامِ الْقَفَّالِ، فَمَا قَالَهُ الْقَاضِي مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، أَمَّا مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ عَنْ الْكَافِي فَصَاحِبُ الْكَافِي لَمْ يَقُلْهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَعِبَارَتُهُ عَنْهُ: لَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا أَوْ دِيبَاجًا لِزَوْجَتِهِ وَزَيَّنَهَا بِهِ، لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا، وَفِي الْوَلَدِ الصَّغِيرِ يَكُونُ تَمْلِيكًا لَهُ انْتَهَتْ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عَنْ الْقَفَّالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>