للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشُّرُوطَ ثَمَّ لَا تُنَافِي مَوْضُوعَ الْوَصِيَّةِ، وَهُنَا تُنَافِيهَا إذْ مَوْضُوعُهَا مِلْكُ الْعَيْنِ، وَالتَّصْرِيفُ، وَأَنَّهَا لَا تَعُودُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي بِشَرْطِ عَوْدِهَا لَهُمْ لَا لِمُوجِبٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُ فَكَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا مَعَ الْقَوْلِ بِصِحَّتِهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْعُمْرَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِيمَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت بِكَذَا وَكَذَا وَاجِبٌ كَفَّارَةً وَلَمْ يُعَيِّنْ فِي وَصِيَّتِهِ أَنَّهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا غَيْرُهَا مَثَلًا وَذَلِكَ الْقَدْرُ لَا يَبْلُغُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ أَوْ يَزِيدُ عَلَيْهَا وَلَا يَبْلُغُ تَمَامَ ثَانِيَةٍ كَيْفَ صَرَفَهَا مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّ فِي عُرْفِ الْمُوصِي أَنَّ ذَلِكَ يُصْرَفُ عَلَى غَيْرِ الْقَانُونِ الشَّرْعِيِّ بَيِّنُوا ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْوَاجِبِ، وَبَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ عَرَفَ بِالْقَرَائِنِ مِنْ الْمُوصِي إرَادَةَ الِاحْتِيَاطِ مَا حُكْمُهُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ إخْرَاجُ تِلْكَ الْكَفَّارَةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهَا لِلِاحْتِيَاطِ وَلَا أَثَرَ لِلْقَرَائِنِ وَلَا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ وَلَا لِكَوْنِ الْكَفَّارَةِ الْمُوصَى بِهَا تَبْلُغُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ أَوْ تَزِيدُ عَلَيْهَا أَوْ تَنْقُصُ عَنْهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ، وَأَخْرَجَ بَعْضَهَا، وَبَقِيَ بَعْضُهَا، وَيَلْزَمُهُ صَرْفُهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْأَغْلَبُ فِي الْكَفَّارَاتِ فَلْيُحْمَلْ لَفْظُهُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا صَرَّحَ بِأَنَّ أَمْرَهُ بِإِخْرَاجِ تِلْكَ الْكَفَّارَاتِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ فَإِنْ كَانَ الِاحْتِيَاطُ وَاجِبًا كَانَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ احْتِيَاطًا مَنْدُوبًا كَانَتْ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ شَكَّ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ انْصِرَافُهُ إلَى الْمَنْدُوبِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الِاحْتِيَاطِ، وَيُحْتَمَلُ انْصِرَافُهُ لِلْوَاجِبِ احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى وَصِيَّةً، وَضَمَّنَ مَكْتُوبَ الْوَصِيَّةِ بِإِشْهَادٍ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ فِي عَامِ كَذَا أَوْقَفَ جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ إذْ ذَاكَ مِنْ الْعَقَارِ بِمَكَّةَ، وَحَدَّهُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ الثَّلَاثَةِ، وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِالسَّوِيَّةِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ، وَذُرِّيَّتِهِمْ، وَنَسْلِهِمْ، وَعُوِّلَ عَلَى مَكْتُوبِ وَقْفٍ سَابِقٍ مُؤَرَّخٍ فِي الْعَامِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ الْمُوصِيَ انْتَقَلَ بِالْوَفَاةِ إلَى رَحْمَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ، وَحَصَلَ نِزَاعٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْوَقْفِ الْمُتَضَمَّنِ بِكِتَابِ الْوَصِيَّةِ فَهَلْ هَذَا الْإِشْهَادُ الصَّادِرُ مِنْهُ فِي حَالِ مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَخْرُجُ الْوَقْفُ مِنْ الثُّلُثِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا عُوِّلَ عَلَى مَكْتُوبِ الْوَقْفِ كَمَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ، وَفُقِدَ عُمِلَ بِإِشْهَادِهِ الثَّانِي بِالْوَقْفِيَّةِ كَمَا ذَكَرَ بِكِتَابِ وَصِيَّتِهِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي حَالِ مَرَضِهِ بِوَقْفٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَرَضِ صَحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ تَبَرُّعًا حَتَّى يُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِوَارِثٍ أَمْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا تَدْخُلُ الْأَعْيَانُ الَّتِي أَقَرَّ بِوَقْفِيَّتِهَا فِي التَّرِكَةِ بَلْ تَكُونُ مُسْتَحَقَّةً لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَمَّا لَوْ أَوْصَى بِنَخْلَةٍ عَلَى مَسْجِدٍ مَثَلًا وَأُخْرَى عَلَى مَكَان آخَرَ بِمَسْجِدٍ آخَرَ سَاقِيَّةٍ مَمْلُوكَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ ثُمَّ نَسِيَ الشُّهُودُ أَوْ بَعْضُهُمْ دُونَ النِّصَابِ مُعَيَّنَ كُلٍّ فَهَلْ يَأْتِي هُنَا مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ، وَمَا لَوْ أَشْكَلَ التَّقْسِيطُ عَلَى النُّشُوِّ لِجَهْلِ مِقْدَارِ السَّقْيِ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ جِهَةٍ كَمُعَيِّنِينَ الْوَقْفَ عَلَى إصْلَاحِهَا، وَالْحَالُ مَا ذَكَرَ أَوْ مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ مَا قَالُوهُ فِي الْوَقْفِ لِيَتَعَرَّفَ هَلْ يَصِحُّ تَخْرِيجُ هَذِهِ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ ، وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ انْدَرَسَ شَرْطُ الْوَاقِفِ مَثَلًا وَجَهِلَ التَّرْتِيبَ بَيْنَ أَرْبَابِ الْوَقْفِ أَوْ الْمَقَادِيرَ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ سَوَّى الْوَاقِفُ بَيْنَهُمْ أَوْ فَاضَلَ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ إذْ لَا مُرَجِّحَ.

فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَرْطِهِ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ لِاعْتِضَادِ دَعْوَاهُ بِالْيَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْوُقُوفِ يَدٌ أَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهمْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فَإِنْ جَهِلَ مُسْتَحِقُّ الْوَقْفِ صُرِفَ لِأَقْرِبَاءِ الْوَاقِفِ ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ حَيًّا كَمَا بَيَّنَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إنْ كَانَ حَيًّا عُمِلَ بِقَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ لِوَارِثِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَلَهُ نَاظِرٌ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ رَجَعَ إلَيْهِ لَا إلَى الْمَنْصُوبِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَإِنْ وُجِدَ، وَاخْتَلَفَا فَهَلْ يَرْجِعُ إلَى الْوَارِثِ أَوْ إلَى النَّاظِرِ، وَجْهَانِ رَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْهُمَا الثَّانِيَ، وَفِي فَتَاوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>