قَالَ شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ: كَتَبَهَا عَنِّي أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ.
٦٩٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْحُسَيْنِ اللَّوَّازُ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِتِنِّيس، أنا الْقَاضِيَانِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي هِشَامٍ، وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَسَرَّةَ، قَالَا: نا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدَانَ الْبَغْدَادِيُّ، نا أبو نُعَيْمٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَحْوَلُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي المُحَيَّاةِ، نا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ خِيَارٍ ابْنُ عَمِّ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الْعِرْقِيُّ، عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رسول الله ﷺ، إِذْ غَشِيَهُ الْوَحْيُ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ: "يَا أَنسُ، تَدْرِي مَا جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِ الْعَرْشِ؟ ". قُلْتُ: لَا، قَالَ: "إِنَّ رَبِّي ﷿ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، انْطَلِقُ فَادْعُ لِي أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَبِعَدَدِهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ". فَانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمَّا أَخَذُوا الْمُقَاعِدَ، قَالَ النبي ﷺ: "الحمدُ لله المَحْمُودِ بِنِعَمِهِ، الْمَعْبُودِ بِقُدْرَتِهِ، الْمُطَاع بِسُلْطَانِهِ، الْمُرْهُوبِ مِنْ عَذَابِهِ، الْمُرْغُوبِ إِلَيْهِ فِيمَا عِنْدَهُ، النَّافِذِ أَمْرُهُ فِي سَمَائِهِ وَأَرْضِهِ، الَّذِي خَلَقَ الخُلْقَ بِقُدْرَتِهِ وَمَيَّزَهُمْ بِأَحْكَامِهِ، وَأَعَزَّهُمْ بِدِينِهِ، وَأَكْرَمَهُمْ بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ، إِنَّ اللَّهَ ﷿ جَعَلَ المُصَاهَرَةَ نَسَبًا لَاحِقًا، وَأَمْرًا مُفْتَرَضًا، وَشَجَّ بِهَا الْأَرْحَامَ، وَأَلْزَمَهَا الْأَنَامَ، فَقَالَ: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٤] فَأَمْرُ الله يَجْرِي إِلَى قَضَائِهِ، وَقَضَاؤُهُ يَجْرِي إِلَى قَدَرِهِ، وَلِكُلِّ قَضَاءٍ قَدَرٌ وَلِكُلِّ قَدَرٍ أَجَلٌ ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (٣٨) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٨ - ٣٩].
ثُمَّ إِنَّ رَبِّي ﷿ أَمَرَنِي أَنْ أَزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ، فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ إِيَّاهَا عَلَى أَرْبَعٍ مِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ فِضَّةٍ، إِنْ رَضِيَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ؟ ". وَكَانَ النبي ﷺ، قَدْ وَجَّهَ بِعَلِيٍّ فِي حَاجَةٍ، ثُمَّ إِنَّ النبي ﷺ دَعَا بِطَبَقٍ فِيهِ بُسْرٌ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِينَا، وَقَالَ: "انْتَهِبُوا". فَبَيْنَا نَحْنُ نَنْتَهِبُ إذْ أَقْبَلَ عَليٌّ فَتَبَسَّمَ إِلَيْهِ رسول الله ﷺ، وَقَالَ: "يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُزَوِّجَكَ فَاطِمَةَ، وَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى أَرْبَعِ مِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ فِضَّةٍ، إِنْ رَضِيتَ يَا عَلِيُّ". فَقَالَ عَلِيّ: قَدْ رَضِيتُ يَا رسول الله ﷺ، ثُمَّ خَرَّ لله سَاجِدًا، فَلَا رَفَعَ رَأْسَهُ، قَالَ لَهُ النبي ﷺ: "بَارَكَ اللهُ فِيكُمَا وَبَارَكَ عَلَيْكُمَا وَأَخْرَجَ مِنْكُمَا الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ". قَالَ أَنَسٌ: فَوَالله لَقَدْ أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهُمَا الْكَثِيرَ الطَّيِّبَ" (١).
(١) أخرجه الخطيب في تلخيص المتشابه حديث رقم: ٥١٧، والآجري في الشريعة حديث رقم: ١٦٠٦، وابن عساكر في تاريخ دمشق حديث رقم: ٢١٩٥٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute