للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتمتعُ بِهِ المُحَدِّثونَ والمُصَنِّفُونَ لهذا النَّوع مِنَ المعاجِمِ والمشيخاتِ، والقُدْرَة العاليةِ على رَبْطِ الأسانيدِ المُختَلِفَةِ بعضها ببعضٍ، والتي تتميَّزُ بالدِّقَّةِ العجيبَةِ، ويسودَها النِّظامُ الذي لا يقبلُ غير الصَّوابِ في بيانِ الإسنادِ العَالي وأقسامهِ المُختلفةِ.

فوائد المستخرجات ومعاجم الشُّيوخ والمَشيخات

إِنَّ تتبعَ الطُّرق المختلفة للروايةِ الواحدةِ، ومحاولة ربط الأسانيد بعضها ببعضٍ، ومحاولة بيان الإسناد العالي وأقسامه المختلفةِ للرواياتِ ليسَ هو الغرض الوحيد للمُصَنِّفِينَ للمُسْتَخْرَجَاتِ، وَمعاجم الشُّيوخِ والمَشْيَخَاتِ، وإِنَّما شَاركَتهُ أغراضٌ أُخرى مُتَعَدِّدة حاولَ المُصَنِّفُون مُعالجتها، بعضها يتعلَّقُ بالأسانيدِ، وبعضُها الآخرُ يتعلَّقُ بالمتونِ، ويُمكنني أن أُجْمِلَ بعضَ هذه الأغراض وفوائدها بما يأتي:

١ - عُلُو الأسنادِ: إنَّ علو الإسناد: هو قِلَّةُ الوسائِط في السَّنَدِ، أو قِدَمِ سَمَاع الرَّاوي، أو وفاته، وهو سُنَّةٌ مِن السُّنَنِ، ولذلِكَ اسْتُحِبَّتِ الرِّحْلَة.

قَالَ أحمدُ بنُ حَنبلٍ: طلبُ الإسناد العالي سُنَّة عَمَّن سَلَفَ؛ لأنَّ أصحابَ عبد الله كانوا يرحلونَ مِنَ الكوفة إلى المدينة، فيتَعَلَّمُونَ مِن عُمَرَ وَيَسْمعونَ منه، وعُلوه يُبعِدهُ مِن الخَللِ المُتطَرِّقِ إلى كُلِّ رَاوٍ.

ولذلكَ فإنَّ أصحابَ الْمُسْتَخْرَجات، ومعاجم الشُّيُوخِ قد حرصوا على هذهِ الفائدةِ في معظمِ مَرويَّاتهم، ومِن أمثلة ذلكَ ما أخرجهُ ابنُ ظهيرة في ترجمة شيخِهِ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، مِن طريق سُليمان بنِ داودَ الهاشِمِيِّ، قثنا إبراهيم بن سَعْد، عن أبيه، عن عبدِ الله بنِ جَعفر بن أبي طالبٍ رضي اللهُ تعالى عنهُما، قَالَ: "رأَيْتُ النَّبِيَّ يَأْكُلُ القِثَّاءَ بالرُّطَبِ"، ثُمَّ أتبعهُ بقولِهِ: "وأخبرنا أعلا مِن هذهِ الروايةِ بِدَرَجتينِ مَعَ اتِّصَالِ السَّمَاعِ".

وذَكَرَ في ترجمة شيخِهِ محمد بن أحمد بن عبد العزيزِ حديث العِرْبَاض بن سَاريَةُ عنهُ في مَوعظة النَّبِيِّ : "فعليكُم بِسُنَّتي … " الحديث، ثُمَّ أتبعهُ بقولِه: "وأخبرنا أعلا مِن هذهِ الرواية بدَرَجتينِ وأَتَمّ معَ اتِّصَالِ السَّماع ...... "

وبعدَ أنْ ذَكَرَ الرواية بسندهِ، أتبعها بقولِهِ: "وأخبرنا أعلا مِن هذهِ الرواية بِدَرَجَةٍ، وَمِنَ الأولى بثلاثِ دَرَجَاتٍ ...... " وبعدَ أن ذَكَرَ إسناده والرواية، عادَ فَقَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>