مقدمهم وسؤالهم حمل الأمر على العادة. فكتب السلطان ما نصه ليذكر السادة الأئمة وفقهم الله ما عندهم على مذهب مالك والشافعي ﵄، فكتب أبو طاهر بن عوف الإسكندري وجماعة مالكية ما عندهم وكتب الحافظ أبو طاهر السلفي ما نصه "الحكم بين أهل الذمة إلى حاكمهم إذا كان مرضيا باتفاق منهم كلهم، وليس لحاكم المسلمين النظر في ذلك إلا إذا أتاه الفريقان، وهو إذا مخير كما في التنزيل فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم، وأما مال الغائب والطفل فهو مردود إلى حاكمهم وليس لحاكم المسلمين فيه نظر، إلا بعد جرحه ببينة عليه وجباية ظاهرة".
الرد على هذا: قَالَ السبكي: وقد ذكر الإمام الشيخ الوالد ﵀ هذه الفتيا في كتابه المسمى كشف الغمة في ميراث أهل الذمة وحكى خطوط الجماعة كلهم وذكر أنه وقف عليه أحضره له بعض اليهود ليستفتيه في هذا المعنى، قَالَ الوالد فإن كانوا زوروه فهم عريقون في التزوير وإلا فنتكلم عليه، ثم تكلم على كلام واحد واحد إلى أن انتهى إلى السلفي، فَقَالَ: وأما السلفي فهو محدث جليل وحافظ كبير وماله وللفتوى وما رأيت له قط فتوى غير هذه وما كان ينبغي له أن يكتب فإن لكل عمل رجالا. وقوله يتخير الحاكم في الحكم بينهم هو أحد قولي الشافعي ولعله لما كان مقيما بالإسكندرية وليس فيها إذ ذاك إلا مذهب مالك ونظره في الفقه قليل أو مفقود اعتقد أن الراجح عند الشافعية التخيير كالمالكية والصحيح عند الشافعية وجوب الحكم لقوله تعالى وأن أحكم بينهم بما أنزل الله. وقوله في مال الغائب والطفل لعله تقييد وحسن ظن بمن قاله من المالكية، أما الشافعية الذين هو متمذهب بمذهبهم فلم يقل به أحد منهم.