رِسَالَةُ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا فِي وَصْفِ كِتَابِهِ لِتَأْلِيفِ السُّنَنِ
٢٤٨٢ - سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الْحُسَيْنِ الطُّيُورِيَّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ مِنْ أَوَّلِ الرِّسَالَةِ إِلَى آخِرِ اعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ بِقِرَاءَةِ أَبِي نَصْرٍ الأَصْبَهَانِيِّ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعْمَائَةٍ، وسَمِعْتُ الاعْتِقَادَ فَقَطْ ثَانِيًا بِقِرَاءَةِ أَبِي نَصْرٍ المُؤْتَمَنِ بْنِ أَحْمَدَ السَّاجِيِّ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعْمَائَةٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الله الصُّورِيَّ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جُمَيْعٍ الْغَسَّانِيَّ، بِصَيْدَا يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْهَاشِمِيَّ، بِمَكَّةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنَ الأَشْعَثِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ شَدَّادٍ السِّجِسْتَانِيَّ، وَسُئِلَ عَنْ رِسَالَتِهِ الَّتِي كَتَبَهَا إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَغَيْرِهَا كِتَابًا لَهُمْ فَأَمْلَى عَلَيْنَا: سَلامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ تَسْلِيمًا، كُلَّمَا ذُكِرَ.
أَمَّا بَعْدُ، عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ عَافِيَةً لا مَكْرُوهَ مَعَهَا، وَلا عِقَابَ بَعْدَهَا، فَإِنَّكُمْ سَأَلْتُمْ أَنْ أَذْكُرَ لَكُمُ الأَحَادِيثَ الَّتِي فِي كِتَابِ السُّنَنِ أَهِيَ أَصَحُّ مَا عَرَفْتُ فِي الْبَابِ، وَوَقَفْتُ عَلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرْتُمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ كَذَلِكَ كُلُّهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ قَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ صَحِيحَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَقْوَمُ إِسْنَادًا، وَالآخَرُ: صَاحِبُهُ أَقْدَمُ فِي الْحَفْظِ قِدَمًا، فَكَتَبْتُ ذَلِكَ، وَلا أَرَى فِي كِتَابِي مِنْ هَذَا عَشَرَةَ أَحَادِيثَ، وَلَمْ أَكْتُبْ فِي الْبَابِ إِلا حَدِيثًا، أَوْ حَدِيثَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ، فَإِنَّهُ يَكْثُرُ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ قُرْبَ مَنْفَعَتِهِ، وَإِذَا أَعَدْتُ الحَدِيثَ فِي الْبَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَثَلَاثَةٍ، فَإِنَّمَا هُوَ مَنْ زَادَهُ كَلامٌ فِيهِ، وَرُبَّمَا فِيهِ كَلِمَةٌ زِيَادَةٌ عَلَى الأَحَادِيثِ، وَرُبَّمَا اخْتَصَرْتُ الحَدِيثَ الطَّوِيلَ؛ لأَنِّي لَوْ كَتَبْتُهُ بِطُولِهِ لَمْ يُعْلَمْ مِنِّي مَنْ سَمِعَهُ، وَلا عَلِمْتُمْ مَوْضِعَ الْفِقْهِ مِنْهُ، فَاخْتَصَرْتُهُ لِذَلِكَ.
وَأَمَّا الْمَرَاسِيلُ فَقَدْ كَانَ يَحْتَجُّ بِهَا الْعُلَمَاءُ فِيمَا مَضَى، مِثْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، حَتَّى جَاءَ الشَّافِعِيُّ، فَتَكَلَّمَ فِيهَا وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَغَيْرُهُ، قَالَ: أَلَمْ يَكُنْ مُسْنَدًا ضِدَّ المَرَاسِيلِ، وَلَمْ يُوجَدِ المُسْنَدُ، فَالْمَرَاسِيلُ يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الْمُتَّصِلِ فِي الْقُوَّةِ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ "السُّنَنِ" الَّذِي صَنَّفْتُهُ عَنْ رَجُلٍ مَتَرُوكِ الْحَدِيثِ شَيْءٌ، وَإِذَا كَانَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute