حَدِيثٌ مُنكَرٌ بَيَّنَتُهُ أَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَلَيْسَ عَلَى نَحْوِهِ فِي الْبَابِ غَيْرُهُ، وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ لَيْسَ مِنْهَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَلا كِتَابِ وَكِيعٍ، إِلا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، وَعَامَّتَهُ فِي كِتَابَتِهِمَا، وَلَا مَرَاسِيلَ، وَفِي كِتَابِ "السُّنَنِ" مِنْ "مُوَطَّأ" مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، شَيْءٌ صَالِحٌ، وَكَذَلِكَ مِنْ مُصَنَّفَاتِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَلَيْسَ ثُلُثَ هَذِهِ الْكُتُبِ مِمَّا أَحْسَبُهُ فِي كُتُبِ جَمِيعِهِمْ؛ أَعْنِي: مُصَنَّفَاتِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَقَدْ أَلَّفْتُهُ طِبْقًا عَلَى مَا وَقَعَ عِنْدِي، فَإِنْ ذُكِرَ لَكَ عَنِ النبي ﷺ سُنَّةً لَيْسَ فِيمَا خَرَّجْتُهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ حَدِيثُ وَاهٍ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِي مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، فَإِنِّي لَمْ أُخَرِّجِ الطُّرُقَ؛ لأَنَّهُ يَكْثُرُ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ، وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا جَمَعَ عَلَى الاسْتِقْصَاءِ غَيْرِي، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلالُ قَدْ جَمَعَ مِنْهُ قَدْرَ تِسْعِ مِائَةِ حَدِيثٍ، وَذَكَرَ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ، قَالَ: السُّنَنُ عَنِ النبي ﷺ نَحْوَ تِسْعِ مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا يُوسُفَ، قَالَ: هِيَ أَلْفٌ، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَبُو يُوسُفَ يَأْخُذُ بِتِلْكَ الْهَنَّاتِ مِنْ هُنَا وَهُنَا نَحْوَ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ.
وَمَا كَانَ فِي كِتَابِي مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ وَهْنٌ شَدِيدٌ فَقَدْ بَيَّنْتُهُ، وَمِنْهُ مَا لا يَصِحُّ سَنَدُهُ، مَا لَمْ أَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ، وَبَعْضُهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ، وَهَذَا لَوْ وَصَفَهُ غَيْرِي، قُلْتُ أَنَا فِيهِ أَكْثَرَ وَهُوَ كِتَابٌ لا يَرِدُ عَلَيْكَ سُنَّةً عَنِ النبي ﷺ، بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ إِلا وَهُوَ فِيهِ، إِلا أَنْ يَكُونَ كَانَ اسْتُخْرِجَ مِنَ الْحَدِيثِ، وَلا يَكَادُ يَكُونُ هَذَا، وَلا أَعْلَمُ شَيْئًا بَعْدَ الْقُرْآنِ أَلْزَمَ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَلا يَضُرُّ رَجُلًا أَلا يَكْتُبَ مِنَ الْعِلْمِ بَعْدَمَا يَكْتُبُ هَذِهِ الْكُتُبِ شَيْئًا، وَإِذَا نَظَرَ فِيهِ وَتَدَبُّرِهُ وَتَقَصِّيهِ، حِينَئِذٍ يَعْلَمُ مِقْدَارَهُ.
وَأَمَّا هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَسَائِلُ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ أُصُولُهَا، وَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكْتُبَ الرَّجُلُ مَعَ هَذِهِ الْكُتُبِ مِنْ رَأْيِ أَصْحَابِ النبي ﷺ، وَيَكْتُبُ أَيْضًا مِثْلَ جَامِعِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَنَّهُ أَحْسَنَ مَا وُضِعَ لِلنَّاسِ مِنَ الْجَوَامِعِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي وَصَفْتُهَا فِي كِتَابِ "السُّنَنِ" أَكْثَرُهَا مَشَاهِيرُ، وَهُوَ عِنْدَ كُلِّ مَنْ كَتَبَ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ، إِلا أَنَّ تَمْيِيزَهَا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كُلُّ النَّاسِ، وَالْفَخْرُ بِهَا أَنَّهَا مَشَاهِيرُ، فَإِنَّهُ لا يُحْتَجُّ بِحَدِيثٍ غَرِيبٍ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَالثِّقَاتِ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ، وَلَوِ احْتَجَّ رَجُلٌ بِحَدِيثٍ غَرِيبٍ وَجَدْتُ مَنْ يَطْعَنُ فِيهِ، وَلا يُحْتَجُّ بِالْحَدِيثِ الَّذِي قَدْ أَخَذَ بِهِ، إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ غَرِيبًا شَاذًّا، فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ المُتَّصِلُ الصَّحِيحُ فَلَيْسَ يَقْدِرُ أَنْ يَرُدُّهُ عَلَيْكَ أَحَدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute