قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الْغَرِيبَ مِنَ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: إِذَا سَمِعْتَ الْحَدِيثَ فَانْشُدْهُ كَمَا تُنشَدُ الضَّالَّةُ، فَإِنْ عُرِفَ، وَإِلا فَدَعْهُ، وَإِنَّ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ مَا لَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَمُدَلَّسٌ إِذَا لَمْ تُوجَدِ الصِّحَاحُ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ عَلَيَّ، يَعْنِي: أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَهُوَ مِثْلُ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرٍ، وَالْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ بِمُتَّصِلٍ، وَسَمَاعُ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ، وَأَمَّا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، فَلَمْ يَسْمَعْ أَبُو إِسْحَاقَ مِنَ الْحَارِثِ إِلا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ، لَيْسَ فِيهَا مُسْنَدٌ وَاحِدٌ.
وَأَمَّا فِي كِتَابِ "السُّنَنِ" فِي هَذَا فَقَلِيلٌ، وَلَعَلَّ لَيْسَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ لِلْحَارِثِ الْأَعْوَرِ إِلا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا كَتَبْتُهُ بِآخِرَةٍ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْحَدِيثِ ثَبْتُ صِحَّةِ الحَدِيثِ مِنْهُ إِذَا كَانَ يَخْفَى ذلِكَ عَلَيَّ، فَرُبَّمَا تَرَكْتُ الحَدِيثَ إِذَا لَمْ أَفْهَمْهُ، وَرُبَّمَا كَتَبْتُهُ، وَتَبَيَّنَتُهُ، أَوْ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا أَتَوَقَّفُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ لأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْعَامَّةِ أَنْ يُكْشَفْ لَهُمْ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِيمَا مَضَى مِنْ عُيُوبِ الْحَدِيثِ؛ لأَنَّ عِلْمَ الْعَامَّةِ يَقْصُرُ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَعَدَدُ كُتُبِي هَذِهِ السُّنَنِ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ جُزْءًا مَعَ الْمَرَاسِيلِ، مِنْهَا جُزْءٌ وَاحِدٌ مَرَاسِيلُ.
وَمَا رُوِيَ عَنِ النبي ﷺ مِنَ الْمَرَاسِيلِ مِنْهَا مَا لا يَصِحُّ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُسْنَدٌ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ، وَلَعَلَّ عَدَدَ الَّذِي فِي كُتُبِي مِنَ الأَحَادِيثِ قَدْرُ أَرْبَعَةِ آلافٍ وَثَمانِ مِائَةِ حَدِيثٍ، وَنَحْوَ سِتِّ مِائَةِ حَدِيثٍ مِنَ الْمَراسِيلِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمِيزَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ مَعَ الأَلْفَاظِ فَرُبَّمَا يَجِيءَ الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقٍ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَامَّةِ مِنْ حَدِيثِ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ هُمْ مَشْهُورُونَ، غَيْرَ أَنَّهُ رُبَّمَا طَلَبَ اللَّفْظَةَ الَّتِي يَكُونُ لَهَا مَعَانِي كَثِيرَةٌ، وَمِمَّنْ عَرَفْتُ نَقَلَ مِنْ جَمْعِ هَذِهِ الْكُتُبِ، فَرُبَّمَا يَجِيءُ مِنْ طَرِيقِ الإِسْنَادِ فَيُعْلَمُ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَلا يَتَبَيَّنَهُ السَّامِعُ إِلا بِأَنْ يَعْلَمَ الأَحَادِيثَ، وَيَكُونُ لَهُ غِيَرُ مَعْرِفَةٍ فَيَقِفُ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَيَرْوِيهِ الْبُرْسَانِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَالَّذِي يَسْمَعُ يَظُنُّ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ وَلا يَصِحُّ بَيْنَهُمْ، فَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ كَذَلِكَ هُوَ؛ لأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ وَلا يَصِحُّ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، وَالَّذِي لا يَعْلَمُ، يَقُولُ: قَدْ تَرَكَ حَدِيثًا صَحِيحًا فِي هَذَا وَجَاءَ بِحَدِيثٍ مَعْلُولٍ، وَإِنَّمَا لَمْ أَصِفْ فِي كِتَابِي "السُّنَنِ" إِلا الأَحْكَامَ، وَلَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute