إن كثرة الكتب في الأبواب المتقدمة وطول مطالعتها أحوج أهل هذا العلم وطلابه وغيرهم إلى النوعين التاليين من أنواع موضوعات علم الحديث؛ وهما:
الأول: تقريب الرجوع إلى هذه الكتب على اختلاف أنواعها، فقام العلماء والباحثون بعمل الفهارس ونحوها ككتب الأطراف.
الثاني: تسهيل الوقوف على مجموعة من كتب فمن من الفنون - أو على أهم مقاصدها - في كتاب واحد.
وذلك بتصنيف الجوامع في كل فمن كالكتب التي تجمع بين الصحيحين أو الكتب الخمسة أو الستة أو كتب الزوائد سواء كانت جامعة كـ "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للهيثمي أو "الدر المنثور في التفسير بالمأثور" للسيوطي، أو خاصة كـ "مِصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه" للبوصيري.
ومما يدخل في كتب هذا النوع أو يشبهه ما ظهر قديمًا من الاختصار لتقريب العلم على الطالب المبتدئ وعلى غير المتخصص كالعابد والمتفقه والداعية وغيرهم؛ فظهرت كتب المتون المختصرة كـ "عمدة الأحكام" للمقدسي، ومنتقى "الأخبار" لابن تيمية الجد، و"رياض الصالحين" للنووي و "بلوغ المرام" لابن حجر، و"اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان" لمحمد فؤاد عبد الباقي؛ فهذه الكتب ونحوها إما أن تعد ضمن كتب النوع التاسع المتقدمة، أو تكون نوعًا عاشرًا مستقلًا؛ وهي المختصة بجمع واختصار المتون الحديثية وترتيبها وتقريبها للدارسين والعاملين.
وبعد كل هذا فلابدَّ لهذا العلم كغيره من العلوم أن يكون له إضافة إلى ما تقدم جناحان أو ركنان:
الركن الأول: قواعده ومصطلحاته، ولبيان القواعد والمصطلحات ألفت كتب المصطلح؛ ويلتحق بها ما صنفوه في آداب المحدث والطالب.
ويدخل في هذا المصنف من الكتب دراسات مناهج المحدثين.
الركن الثاني: أن يكون له تأريخه وفيه ألفت كتب مناقب المحدثين وفضائل الحديث وأهله وطبقات المحدثين وسيرهم وجملة مما في تلك الكتب داخل في كتب الجرح والتعديل أو ملتحق بها ويلتحق بهذا النوع من الكتب ما ألف في الدفاع عن الحديث وأهله ضد أعدائه من الكفار وأهل البدع.