وَكَانَ بَيْنَ يَدَيْ مُحَمَّدٍ غُلامٌ ذَكَرَ أَنَّهُ شَرَاهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ بِيَدِهِ مَزَبَّةٌ لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَوَضَعَ المُزَبَّةَ، وَقَذَفَ بِنَفْسِهِ فِي دِجْلَةَ وَهُوَ يَقُولُ:
أَنْتِ الَّتِي غَرَّقْتِنِي … بَعْدَ الْقَضَا لَوْ تَعْلَمِينَا
فَأَرَادَ الملاحُونَ أَنْ يَطْرَحُوا أَنْفُسَهُمْ خَلْفَهُمَا، فَصَاحَ لَهُمْ مُحَمَّدٌ: دَعُوهُمَا يَغْرَقَا إِلَى لَعْنَةِ الله. قَالَ: فَرَأَيْتُهُمَا، وَقَدْ خَرَجَا مِنَ الْمَاءِ مُعْتَنِقَيْنِ، ثُمَّ غَرِقَا.
٢٥٥٩ - حَدَّثَنِي مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ نُصَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْوَكِيعِيُّ، يَقُولُ: كَانَ لأَبِي صَدِيقٌ هَاشِمِيٌّ فَجَاءَهُ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ: لَوْ رَأَيْتَ مَا نَزَلَ بِكَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَنْ كَانَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ طَلَبْتُهُ فِي بَيْتِهِ فَلَمْ يَكُنْ، فَخَرَجْتُ إِلَى الصَّحْرَاءِ أَطْلُبُهُ، فَلَمَّا بَصُرَ بِي تَرَكَنِي وَمَضَى، فَأَسْرَعْتُ خَلْفَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي قَدْ قَرُبْتُ مِنْهُ أَقْبَلَ يَقُولُ: مَعْرِفَةُ النَّاسِ دَاءٌ وَتَرْكُهُمْ دَوَاءٌ. فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُها حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُهَا، ثُمَّ مَضَى فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَدِقٌ.
٢٥٦٠ - أَنْشَدَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْشَدَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى:
وَمَا كَيَسٌ فِي النَّاسِ يُحْمَدُ رَأَيُهُ … فَيُوجَدُ إِلا وَهْوَ فِي الحُبِّ أَحْمَقُ
وَمَا مِنْ فَتًى مَا ذَاقَ بُؤْسَ مَعِيشَةٍ … فَيَعْشَقُ إِلا ذَاقَهَا حِينَ يَعْشَقُ
٢٥٦١ - أَنْشَدَنَا مُكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْشَدَنَا بَعْضُ أَصْدِقَائِنَا:
وَمَا كُنْتُ أَرْضَى الشَّيْءَ خَدْنًا وَلَا أَخًا … وَلَكِنَّنِي أَرْضَى بِهِ حِينَ أَخْرُجُ
فَإِنْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ سَمَاجَةٌ … فَقَدْ صَدَقُوا وَالذُّلُّ بِالحُرِّ أَسْمَجُ
آخِرُهُ وَالْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ
وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِهِ وَآلِهِ وَسَلَامَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute