للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (٢٤)} هذا خطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد به أمته من غير أن يكون للنبي -صلى الله عليه وسلم- فيه اشتراك (١).

قتادة: نسخ الله من هذه الآية هذا اللفظ بقوله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١١٣]، والأول أصح، لقوله {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} فإن (٢) هذا لا يصح أن يحمل على النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه فقد أبويه قبل هذا الخطاب بإجماع (٣)، والمعنى: يارب تعطف عليهما بمغفرتك ورحمتك كما تعطَّفا عليَّ في صغري ورحماني وربياني صغيراً.

وقيل: معناه: أَنْعِم عليهما بمغفرتك نعمة كنعمتهما علي.

وعن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لِيَعْمَلِ البَرُّ ما شاءَ فلن يرى النار (٤) وليعمل العاق ما شاء فلن يرى الجنة أبداً) (٥).


(١) قوله (فيه اشتراك) لم يرد في (ب).
(٢) في (ب): (فهذا) بدلاً من (فإن هذا).
(٣) القول بأن الآيةمنسوخة ورد عن جماعة: منهم ابن عباس وعكرمة والحسن كما عند الطبري ١٤/ ٥٥٤، وإذا عرفنا أن السلف كانوا يطلقون القول بالنسخ على الآية التي يدخلها تخصيص، فهمنا مرادهم في القول بأن هذه الآية منسوخة، فآية الإسراء فيها أمر بالدعاء لهما، وآية التوبة تنهى عن ذلك إذا كانا مشركَيْن، فآية التوبة تخصص آية الإسراء، وبذلك يدخل النسخ آية الإسراء في مفهومه الواسع عند السلف.
وقول قتادة: إن الآية منسوخة أخرجه النحاس في «الناسخ والمنسوخ» ٢/ ٤٩٠ (٦٤٤).
(٤) في (د): (النار أبداً ... ).
(٥) أخرجه أبو الليث السمرقندي ٢/ ٣٠٧ من حديث علي بن زيد بن الحسين عن أبيه عن جده، وفي إسناده أصرم بن حوشب، متروك الحديث، وورد نحوه من حديث عائشة رضي الله عنها عند الثعلبي (ص ١٢٤ - ١٢٥) ولفظه: (يقال للعاق: اعمل ما شئت فإني لا أغفر لك، ويقال للبار: اعمل ما شئت فإني سأغفر لك)، وفي إسناده ضعف.

<<  <   >  >>