قوله {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} إنما قال بلفظ المستقبل لأنه كان يرى ذلك ثلاث ليال، والمعنى: رأيت رؤيا أُمِرْتُ فيها بِذَبْحِك، ورؤيا الأنبياء في المنام وحي.
{فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} قُرِئ بفتحتين، وقرئ بضم التاء وكسر الراء؛ فمن فتح فالمعنى: ما عندك من الرأي، ومن ضم التاء فالمعنى: ما تُشِير (١).
وقيل: ماذا ترينه من صبرك أو جزعك (٢).
ورأيت هذا من الرأي كما تقول: فلان يرى رأى أبي حنيفة (٣)، وهو متعدي إلى مفعول واحد، فنقل بالألف فتعدى إلى المفعولين وليس من رؤية العين ولا من رؤية القلب التي بمعنى العلم.
{قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} أي: من الذبح.
وقيل: كان نذر ذبحه فنسي ثم رأى في المنام فتذكر (٤).
وقيل: افعل ما تؤمر بعد هذا، ولهذا جاء بلفظ المستقبل (٥).
{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)} أي: على الذَّبْح. وقيل: على قضاء الله (٦).
{فَلَمَّا أَسْلَمَا} سَلَّمَ الذبيح نفسه، وسَلَّمَ إبراهيم ابنه.
وقيل: {أَسْلَمَا} اتفقا على أمر واحد (٧).
(١) قرأ حمزة، والكسائي، وخلف (ماذا تُرِي) بضم التاء وكسر الراء، قال الفراء في معاني القرآن (٤/ ٣٩٠) "أي: ماذا تريني من صبرك أو جزعك". قال الزجاج: "ولم أعلم أحداً قال هذا". وقرأ الباقون بفتحتين (ماذا تَرَى).
انظر: الكشف لمكي (٢/ ٢٢٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٥٧).
(٢) قاله الفراء في معاني القرآن (٤/ ٣٩٠).
(٣) أبو حنيفة، النعمان بن ثابت التميمي، تنظر ترجمته ص: ١١٩٢
(٤) انظر: بحر العلوم للسمرقندي (٣/ ١٢٠).
(٥) انظر: الكشف والبيان للثعلبي (٨/ ١٥٦).
(٦) انظر: الوسيط للواحدي (٣/ ٥٣٠).
(٧) قاله أبو صالح.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٥٨٣).