للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ بما فيه قِوامُ النَّاس، وهو الحبُّ، فقال: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣)}.

ثمَّ بالماء الذّي يُعجن به ويشرب عليه، فقال: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨)} ثمَّ بالنار التي يُخبَز بها، فقال: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١)}.

فصار مجموعُ الثلاثةِ طعاماً لا يَستغني عنه الجسدُ مادام حيّاً (١).

ثمَّ قال: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤)}: نزه اللهَ عما لا يليقُ به (٢).

وقيل: قلْ سبحان ربي العظيم، وجاء مرفوعاً: " أنَّه لمَّا نزل هذه الآية قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ... ((اجعلوها في ركوعكم، ولمَّا نزل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، [الأعلى: ١]، قال: اجعلوها في سجودكم)) (٣).

{فَلَا أُقْسِمُ}: في {لا} أقوال:

أحدها: أنَّه صلةٌ للكلام، وليس بنفي، كما في قوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}، [الحديد: ٢٩]، أي: ليعلم.

وقيل: ردٌّ لكلامٍ سابقٍ، أي: ليس الأمرُ كذلك.

وقيل: أصلُه لأُقْسِمُ، فأُشبع اللامُ فصارَ (لا)، وكذلك قرأه الحسن (٤).

وقيل: إنَّه نفيٌ للقسم، أي: الكلامُ أوضحُ من أنْ يُحتاجَ معه إلى قسم.

وقيل: إنه نفيٌ بالقسم، والمقصود بالقسم ثابت، كما يقول الرجل: لا أحلف، لقد كان كذا، يريد بذلك تحقيقَ الكلام، وهي مستعملةٌ في كلام العرب والعجم.


(١) انظر: البرهان؛ للكرماني (ص: ٣٠٧)، البحر المحيط (١٠/ ٩٠).
(٢) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٢٠٣)، تفسير الثعلبي (٩/ ٢٢٥).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ١٥٥)، أبو داود في سننه في كتاب الصلاة، باب: ما يقوله الرجل في ركوعه وسجوده، برقم (٨٦٩)، وابن ماجة في كتاب إقامة الصلوات، باب التسبيح في الركوع والسجود، برقم (٨٨٧).
(٤) أي {فَلأُقْسِمُ}، وهي قراءة شاذّة [انظر: المحتَّسب (٢/ ٣٦٠)، شواذ القراءات (ص: ٤٦٣)، المحرر الوجيز (٥/ ٢٥٠)].

<<  <   >  >>