للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يخفى أن وسائل المكروه مكروهة، والمندوب مندوبة، والمباح مباحة).

فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المحرم إلا به فهو محرم، وكذلك المندوب والمكروه.

قال العلماء - رضي الله عنهم -: كل ما وجب على المرء العمل به او تركه فإن الأمر واجب.

فمن ترك ما يلزمه فعله أو تعليمه شرعًا بلا عذرٍ ظاهرٍ وجب الإنكار عليه مثل: المحافظة على الوضوء وعلى حدوده، ومثل الصلاة في تمام ركوعها وسجودها والمحافظة على أوقاتها، ومثل: إخراج الزَّكاة في وقت وجوبها وكذلك صوم شهر رمضان، وكذلك الحج ونحو ذلك من الفرائض على نحو ما أوجب الله ورسوله فواجب عليك أن تأخذ نفسك بالعمل بذلك، ثم عليك أن تأمر جميع أهلك وولدك، ثم جميع من علمت منه تضييع ذلك أو شيئًا منه.

وأما ما كان فعله نافلة فإن أمرك به نافلة ترجو من الله - تعالى - الثواب على ذلك وأنت غير حرج في ترك الأمر به إلا إذا سألت سائل عن شيء من الخلال التي هي نافلة وأنت عالمٌ بها فحينئذٍ عليك نصيحته فتنكر على من ترك الإنكار المطلوب مع قدرته عليه.

وقال أبو عبد الله بن مفلح - في كتابه الآداب -: (والإنكار في ترك الواجب وفعل الحرام واجب وفي ترك المندوب وفعل المكروه مندوب، وعزاه إلى أصحاب أحمد وغيرهم).

وينبغي الاحتياط في جلب المصالح ودفع المضار؛ لأنَّ المصالح التي أمر الشرع بتحصيلها ضربان: أحدهما: مصالح الإيجاب، والثاني مصالح الندب، والمفاسد التي أمر الشرع بدرئها ضربان: أحدهما مفاسد الكراهة، والثاني: مفاسد التحريم، والشرع يحتاط لدرء مفاسد الكراهة والتحريم كما يحتاط لجلب مصالح الندب والإيجاب، فإذا كانت المصلحة بين الإيجاب والندب فالاحتياط حملها على الإيجاب لما في ذلك من تحقق براءة الذمة، فإن كانت - عند الله - واجبة فقط [حصل على ثواب نيَّة الواجب] وإن كانت مندوبة فقد حصل على مصلحة الندب وعلى ثواب نية الواجب فإن أمرهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة.

<<  <   >  >>