وقال بعض العارفين: الإشارة في هذه الآية لمن كان الحق - سبحانه وتعالى - كاشفه بعلم من آداب السلوك ثم ظن بإظهاره للمريدين على وجه النصيحة والإرشاد استوجب المقت في الوقت، ويخشى عليه نزع البركة من علمه حتى يقصر فيه كما أخر تعليم المستحق. والله أعلم.
وفي الصحيح وغيره من حديث أبي هريرة موقوفًا: لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدًا شينًا: {إنَّ الُّذين يكتمون ما أنزلنا من البيِّنات والهدى} الآية.
وسيأتي الحديث قريبًا. من رواية ابن ماجه بلفظ آخر.
ثم قال - تعالى -: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلًا. فبئس ما يشترون}.
قال أهل التفسير: هذه الآية توبيخ لعلماء اليهود وهو خبر عام لهم ولغيرهم. قال الحسن وقتادة:(في كل من أوتي علم شيء من الكتاب، فمن علم شيئًا من الكتاب فليعلمه وإياكم والكتمان).
وقال تعالى:{وإنَّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلًا}.
أي لا يكتمون ما بأيديهم من العلم، بل يبذلون ذلك مجانًا، ولهذا قال:{أولئك لهم أجرهم عند ربهم}.
وروى ابن ماجه عن النبي:(إذا لعن آخر هذه الأمة أولها ... فمن كتم حديثًا فقد كتم ما أنزل الله).
ثم قال - تعالى -: {إنَّ الَّذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنًا قليلًا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلاَّ النَّار ولا يكلِّمهم الله يوم القيامة ولا يزكِّيهم ولهم عذاب أليم}.