قال أبو عبد الله محمد بن مفلح -رحمه الله تعالى-: (فظاهر كلام أصحابنا أن نصر المظلوم واجب، وإن كان ظالمًا في شيء آخر. وإن ظلمه في ذلك الشيء لا يمنع نصره على ظالمه في شيء آخر وهو ظاهر الأدلة. انتهى). والله أعلم.
روى البيهقي -في شعب الإيمان- بإسناد حسن، عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تقفن عند رجل يقتل مظلومًا، فإن اللعنة تنزل على من حضره متى لم يدفعوا عنه، ولا تقفن عند رجل يضرب مظلومًا، فإن اللعنة تنزل على من حضره).
ورواه أبو القاسم الطبراني في معجمه ولفظه:(لا يقفن أحدكم موقفًا يقتل فيه رجل ظلمًا فإن اللعنة تنزل على من يحضر متى لم يدفعوا عنه ولا يقفن أحدكم موقفًا يضرب فيه رجل ظلمًا فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه).
ورواه الحافظ أبو نعيم: في الحلية ولفظه: (لا يقفن أحدكم على رجل يضرب ظلمًا فإن اللعنة تنزل من السماء على من حضره إذ لم يدفعوا عنه).
قال أبو حامد الغزالي:(وهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز دخول دور الظلم والفسق ولا حضور المواضع التي يشاهد المنكر فيها من غير حاجة اعتذارًا بأنه عاجز ولا. يجوز له حضور منكر لا يقدر على تغييره لأن اللعنة تنزل على من حضر ولهذا اختار جماعة من السلف العزلة لتفادي مشاهدتهم للمنكرات) انتهى.
وذكر أبو سمرة النخعي -قيل: اسمه عبد الله بن عابس-: إن منكرًا ونكيرًا أتيا رجلاً إلى قبره وقالا: إنا ضاربوك مائة ضربة فقال الميت: إني كنت كذا وكذا، وتشفع ببعض أعماله الصالحة حتى حطا عنه عشرًا ثم لم يزل يتشفع حتى حطا الجميع إلا ضربة فضرباه ضربة فالتهب القبر عليه نارًا فقال: لم ضربتماني؟ فقالا: مررت بمظلوم فاستغاث بك فلم تغثه.