للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى أبو بكر بن أبي الدنيا -بسنده- عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الشعباني -رحمه الله- تعالى- قال: أوحى الله -عزَّ وجلَّ- إلى نبي من أنبياء يني إسرائيل يقال له أرميا: أن قم بين ظهراني قومك؛ فإن لهم قلوبًا لا يفقهون بها وأعينًا لا يبصرون بها وآذانًا لا يسمعون بها، فسلهم كيف وجدوا غب طاعتي، وسلهم كيف وجدوا غب معصيتي؟ وسلهم هل شقى أحد بطاعتي؟ أم هل سعد أحد بمعصيتي؟ إن البهائم تذكر أوطانها فتفزع إليها، وإن هؤلاء القوم تركوا الأمر الذي أكرمت به آبائهم، والتمسوا الكرامة من غير وجهها. أما ملوكهم فكفروا نعمتي، وأما خيارهم فلم ينتفعوا بما عرفوا من حكمتي خرنوا المنكر في صدورهم، وعوذوا الكذب ألسنتهم فبعزني وجلالي (لأهيجن) عليهم جنودًا لا يعرفون وجوههم ولا يفقهون ألسنتهم، ولا يرحمون بكاءهم ولأسلطن عليهم ملكًا جبارًا قاسيًا له جنود كقطع السحاب كأن حمل فرسانه كسرا العقبان وكأن حقق راياته أجنحة النسور فيدعون العمران خرابًا، والقرى وحشًا، فويل لأهل "إيليا" وسكانها كيف أسلط عليهم السبابة وأذلهم بالقتل. ولأنهم من بعد تحف الأعراس صراخ السهام وأذلهم بالقتل؟ ولأبدلن نساءهم بعد العز الذل وبعد الشبع الجوع، ولأجعلن لحومهم زبل الأرض وعظامهم ضاحية الشمس.

فقال النبي أرميا: أي رب إنك مهلك هذه الأمة ومخرب هذه المدينة وهم ولد خليلك إبراهيم وأمة صفيك موسى، وقوم نبيك داود فلأي أمة تأمن مكرك بعد هذه الأمة؟ وأي مدينة تحتوي عليك بعد هذه المدينة؟ فأوحى الله -تعالى- إليه: إنما أكرمت إبراهيم وموسى وداود بطاعتي، ولو عصوني لأنزلتهم منزلة العاصين، إن القرون قبلك كانوا يستخفون بمعصيتي، حتى كان القرن الذي أنت فيه، فأظهروا معصيتي فوق رؤوس الجبال، وتحت ظلال الشجر، وفي بطون الأودية، فلما رأيت ذلك أمرت السماء فكانت طبقًا من حديد وأمرت الأرض فكانت صفيحةً من نحاس فلا سماء تمطر ولا أرض تنبت فإن أمطرت السماء شيئًا فبرحمتي وعطفي على البهائم، وإن أنبتت الأرض شيئًا سلطت عليه الجراد والجنادب والصراصر، فإن حصدوا منه شيئًا في خلال ذلك، وأودعوه بيوتهم نزعت بركته ثم يدعوني فلا أستجيب لهم.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال يؤمر بالرجل إلى النار ويؤمر بجلساته فيقولون: يا ربنا ما لنا فيقول: أما كنتم تأمرون أما كنت تنهون؟ فيقولون: لا. فيقول: اذهبوا بهم إلى النار.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة وهو لا يعرفه فيقول له: ما لك متعلق بي وما بيني وبينك معرفة؟ فيقول: كنت تراني على

<<  <   >  >>